حــوار مع أحمــد مطــر‎

أحمد مطر 

قبلَ أن نبدأ.. أريد أن أعرف أحمد مطرالإنسان؟
- الفَرْدُ في بِلادِنا
مُواطِنٌ.. أو سُلطان
لَيسَ لَدَيْنا إنسان!

* وماذا عن لافتاتك؟

- سَبعونَ طَعنةً هُنا.. مَوصولةَ النَزْفِ
تُبدي.. ولا تُخْفي
تغتالُ خَوْفَ الموتِ في الخوفِ
سَمَّيْتها قصائدي
وَسَمِّها يا قارئي: حتفي!

* كم مضى من عمرك؟

- لاأدري
هل أعرِف وَجْهي؟
لا أدري
كم أَصْبحَ عُمْري؟
لا أدري
عُمري لايَدري كم عُمْري!
كَيف سَيَدري؟!
مِن أوَّلِ ساعة ميلادي
وأناهِجْرِي!

* أنت مقيم في المهجر.. أليس كذلك؟

- قَلَمي يَجْري
وَدَمي يجري
وأنا مابَيْنَهُما أجري
الجَرْيُ تَعَثَّرَ في إثْرِي!
وأنا أجري
والصَّبْرُ تَصَبَّرَ لي حتّى
لم يُطِقِ الصَّبْرُ على صَبْري!
وأنا أجري
أجري، أجري،أجري..
أوطاني شُغْلي.. والغُربةُ أجْري

غريب أمرك أيها الشاعر، تشكو البعد والغربة ولا تعود إلى بلادك؟!!

- رَبِّ طالَتْ غُربَتي
واستنْزَفَ اليأسُ عنادي
وفؤادي
طَمَّ فيه الشَّوقُ حتى
بَقِيَ الشّوقُ ولم يَبْقَ فؤادي!
أنا حيٌّ مَيِّتٌ
دونَ حَياة أو مَعادِ
وأنا خَيطٌ من المطّاط ِمَشدودٌ
إلى فَرعٍ ثُنائيٍّ أحادي
كُلَّما ازدَدْتُ اقتراباً
زادَ في القُربِ ابتعادي!
أنا في عاصفةِ الغُربةِ نارٌ
يَستوي فيها انحيازي وحيادي
فإذا سَلَّمتُ أمري أطفأتْني
وإذا واجهتُها زادَ اتّقادي
ليسَ لي في المُنتهى إلاّ رَمادي!
وطناً للّه يا مُحسِنُ
حتّى لو بحُلْمٍ..
أكثيرٌهُوَ أن يَطمعَ مَيْتٌ
في الرُّقادِ؟!

أخبرني، كيف تقسم يومك مع بداية كل نهار؟

- هكذا أقسِم يومي:
سِتُّ ساعاتٍ.. لِهَمِّي
سِتُّ ساعاتٍ.. لِغَمِّي
سِتُ ساعاتٍ.. لِضَيمي
سِتُّ ساعاتٍ..
لِهَمِّي وَلِغَمِّي وَلِضَيْمي!
لَحْظَةُ واحِدَةٌ مِنْ يَومي التالي..
لِكيْ أبدأَ في تَقسيمِ يَومي!

* ترتاد عيادة الطبيب مراراً.. فما هي علتك؟

- جَسَّ الطبيبُ خافقي
وقالَ لي:
هَلْ ها هُنا الأَلمْ؟
قلتُ له: نَعَمْ
فَشَقَّ بالمِشرَطِ جيب َمِعْطفي
وأخْرجَ القَلَمْ!
هَزَّ الطبيبُ رأسَهُ.. وَمال َوابتَسَمْ
وَقالَ لي:
ليسَ سِوى قَلَمْ
فَقلتُ: لا يا سيّدي
هذا يَدٌ.. وَفَمْ
رَصاصةٌ.. وَدَمْ
وَتُهمَةٌ سافِرَةٌ.. تَمشي بلاقَدَمْ!

لو أنك هجرت الشعر لما أوقعت نفسك في المتاعب وجلبت عليها المشقة والعنت،
فلماذا الشعر يامطر؟

- لماذا الشِعْرُ يامطرُ؟!!
أتسألني
لماذا يَبزغ القمرُ؟
لماذا يَهطلُ المطرُ؟
لماذا العطرُ ينتشرُ؟
أتسألُني: لماذا ينزِلُ القدرُ؟!
أنا نَبْتُ الطبيعة
طائِرٌ حُرٌ…

* لا نرى منك سوى الكلام.. تماما كـ حكامك الذين تهجوهم،
كلاكما لن يعيد لنا القدس.

- يا قدسُ معذرةً ومثلي ليس َيعتذرُ
ما لي يدٌ فيما جرى فالأمرُ ما أمروا
وأنا ضعيفٌ ليسَ لي أثرُ
عارٌعليَّ السمعُ والبَصَرُ
وأنا بسيفِ الحرفِ أنتحرُ
وأنا اللهيبُ.. وقادَني المطرُ
فمتى سأستعرُ؟!
هُزِّي إليك بجذع مُؤتمرٍ
يسّاقط حَولَكِ الهَذَرُ:
عاشَ اللهيبُ
.. ويسقطُ المطرُ!

أنت متهم بأن أحاسيسك مقتولة، وأمانيك مأسورة، أو بأنك بقايا من رماد وشظايا تعصْف الريح بها..
باختصار: أنت لاتعرف ما الحبُّ؟

!- رحمةُ الله على قلبك يا أُنثى
ولاأُبدي اعتذارا
أعرفُ الحبَّ.. ولكنْ
لم أكن أملكُ في الأمر اختيارا
كان طُوفانُ الأسى يَهْدِرُ في صدري
وكان الحبُّ نارا
فتوارى!
كان شمساً..
واختفى لما طوى اللّيلُ النهارا
كان عُصفوراً يُغنّي فوق أهدابي
فَلَّما أقبل الصيَّاد طارا!
آه لو لم يُطلق الحُكَّامُ
في جلْدي كلاباً تَتَبارى
آه لو لم يملئوا مجرى دمي زيتاً
وأنفاسي غُبارا
آه لو لم يزرعوا الدَّمعَ
جَواسيسَ على عيني بعيني
ويُقيموا حاجزاً بيني وبيني
آه لو لم يُطْبِقوا حَوْلي الحصارا
ولو احْتَلتُ على النَفسِ فَجاريتُ الصَّغارا
وتناسيتُ الصِّغارا
* * *

*أجدك مهموماً حائراً وأخشى ألا يشجعني ذلك على الاسترسال في الكلام،
ما الذي يجعلك شارد الذهن كهائم في صحراء التيه؟

- أصابعي تفرُّ من أصابعي
وأدمُعي حجارةٌ تسدُّ مجرى أدمعي
وخلف سور أضلعي
مجمرةٌ تفور بالضرامْ
تحمل في ثانيةٍ كلامَ ألف عامْ
لكنّني بيني وبيني تائهٌ
فها أنا من فوق قبري واقفٌ
وها أنا في جوفه أنام
وأحرُفي مصلوبةٌ بين فمي ومسمعي
ما أصعبَ الكلامْ
ما أصعب َالكلامْ
يا ليتني مثلي أنا أقوى على المنامْ
يا ليتني مثلي أنا أقوى على القيامْ
حيران بين موقفي ومضجعي
يا ليتني.. كنت ُمعي!

* صدقت، ما أصعب الكلام..

* قبل أن نختم، كيف تصف واقعنا العربي مع "إسرائيل"؟

- النَّملَةُ قالتْ للفيلْ:
قُمْ دَلّكْني
ومُقابل ذلكَ.. ضَحِّكني!
وإذا لم أضحكْ عوِّضني
بالتّقبيل وبالتمويلْ
وإذا لم أقنَعْ.. قدّمْ لي
كُلّ صباح ألفَ قتيلْ!
ضَحك الفيلُ
فشاطتْ غضباً:
تسخر مني يا برميلْ؟
ما المُضحك فيما قد قيلْ؟!
غيري أصغرُ..
لكنْ طلبتْ أكثر مني
غَيركَ أكبرُ..
لكنْ لبّى وَهْوَ ذليلْ
أيّ دليلْ؟
أكبَرُ منكَ بلادُ العُرْبِ،
وأصغرُ منِّي إسرائيل!.

أنا وحدي دولة ..

مادام عندي الأمل .. دولة أنقى وأرقى .. وستبقى
عند فناء الدول

موقع يازهراء سلام الله عليها يهتم بكل جديد ينفع في خدمة أهل البيت سلام الله عليهم كي نرقى ونسمو في افكارنا وآراءنا فلا تبخلوا علينا في افكاركم وآراءكم