وعاظ السلاطين وخدمهم: القرضاوي و١٤آذار نموذجاً!

خليل اسماعيل رمّال  

إبتليت أوروبا في العصورالوسطى بتحالف الكنيسة مع الإقطاع ضد شعوبها المشحرة فكان الكهنوت خيرداعمٍ للأنظمة الملكية يدافع عنها ويعطيها المبررات الدينية لبقاء ظلمها وإستئثارها بالمقدرات والعباد، فتفشت الأمراض القاتلة وحل الجهل والفقر المدقع إلى أن هبت الثورات الشعبية وأطاحت بهذا التحالف وحررت نفسها من العبودية. واليوم يكاد التاريخ يعيد نفسه من خلال الثورات الشبابية العربية التي هي صناعة محلية غيرمعلبة أومستوردة من الخارج فريدة من نوعها في حضاريتها وأسبابها وإرهاصاتها مهما تبجح وتشدق محللوالغرب وأذنابه من الليبراليين المرتزقة الذين اشتراهم آل سعود. التماثل بين أوروبا القديمة البائدة وأنظمة العرب البالية هو فقط في دوربعض رجال الدين من مفتيي البلاط ووعاظ السلاطين من أمثال يوسف القرضاوي ومحمدعلي الجوزووشيوخ آل سعود. فحين انطلقت الثورة في مصرالمحروسة صمت الأزهر صمت القبوركما دعا بابا الأقباط رعيته إلى عدم المشاركة في صناعة التاريخ مع العلم أن شيخ الأزهرالمتوفي سلم بحرارة على شمعون بيريزفي مؤتمرالأديان وكان أسلافه قد برروا خيانة أنور السادات التي كانت أم الكوارث والمصائب في عالمنا العربي. لكن عندما إشتد ساعدهذه الثورة المباركة وبان في الأفق أن الشعب سيصنع معجزة إطاحة النظام الطاغوتي اللامبارك، إنضم رجال الدين مثل القرضاوي وغيره إلى القافلة وكانوا ينتظرون إلى أين تميل الكفة. فما أكبرهذا النفاق!ألم يحاولوا إتهام الشباب المصري بأنهم أتباع إيران؟

القرضاوي وشلته من مشايخ البلاط حللوا سفك دماء القذافي (رغم علاقة القرضاوي الحميمة مع مجرم ليبيا الذي تصورمعه في عام ٢٠٠٣) عندما بدأت مجازره ضد شعبه وأخذت المدن تهوي في يد الثوار، حتى أنهم بزوهم في حماستهم عندما تعلق الأمربباقي الأنظمة ما عدا...البحرين. الله يحمي شعب البحرين الأبي الذي تكالب عليه كل العالم وعوملت ثورته الناصعة على أنها ثورة مجموعة طائفية خارجية، حتى محطة "الجزيرة" التي شاركت ببسالة في صنع ثورات الشباب في البلاد العربية، تعامت عن ثورة البحرين تماماً وكأن مجازرآل خليفة وسعود هي حوادث سير! البعض يسرب أن هناك تعميماً قطرياً للمحطة بضرورة الإبتعاد عن ثورات الخليج بعكس الثورات الأخرى، لماذا؟ لأن أكثرية الشعب في البحرين من أتباع أهل بيت رسول الله؟ لماذا كل هذا الحقد ضد شعب طاهرصابرمن الموالين وقع عليه الظلم منذ وفاة الرسول الأكرم ، ومورس عليه وعلى أئمته عبرالتاريخ القتل والمجازروالسجن والنفي، ولم يكن الشيعة حاكمين بل محكومين؟ أما في العصرالحديث فحدث ولا حرج. لقد صرف آل سعود مليارات الدولارات من أجل التحريض وبث السموم والأكاذيب والدعوة، ليس ضد الصهاينة، بل ضد التشيع فأوغروا قلوب باقي المسلمين تجاه الشيعة مما أدى إلى إستمرارمنهج القتل والمجازرضدهم في باكستان وأفغانستان والعراق ودول الخليج، إلى درجة التحالف مع العدو التاريخي والحضاري للأمة ضد من أسسواالمقاومة والممانعة والفجرالجديد للأمة وأعطوا هؤلاء العربان "الظربان" شرفاً لا يدعوه ومقاماً لايستحقوه! أين كان القرضاوي عندما كان لبنان يحترق عام ٢٠٠٦؟ أوعندما كانت غزة تنقرض عام ٢٠٠٨؟هذا عالم لم يقرض الله قرضاً حسناً. هل كان يطيب خاطرحسني مبارك في ذلك الوقت كما يطيب خواطر أسياده المرعوبة اليوم في الخليج؟ أليست "حماس" من أهل السنة فماذا فعلت لهم السعودية؟ هل لأن "خطر" الشيعة أكبرمن خطرإسرائيل نفسها لهذا السبب غزت السعودية البحرين وفتكت بالشعب المسلم المطالب بالتغييروالديمقراطية؟ من أكثرمن أتباع أهل البيت تأييداً لقضية الشعب الفلسطيني من دون تمييزطائفي عنصري ذاقوا ويذوقون مرارته كل يوم؟وبعد القرضاوي جاء الجوزو ليدافع عن السعودية فيقول أنها نقلت شعبها من البداوة إلى الحضارة متناسياً أن نسبة الفقراء فيها تفوق نسبتهم في اليمن وأن الشيعة في المناطق الشرقية الغنية بالنفط يعانون من أشد أنواع التمييزالعنصري!
بربكم أي دولة في العالم، ماعدا ألمانيا النازية، تنتقم من العائلات وتمارس ضدها الطرد السكاني العنصري لأنها من فئة معينة؟ هذا ما تفعله دول الخليج بحق الشيعة بسبب تصريح مؤيد لمأساة شعب البحرين، لكنها تستقدم الهنود وغيرهم وتجنسهم من أجل ترجيح الكفة الديموغرافية كما يفعل آل خليفة. بل انظروا إلى تصرف سعد "الشالح" المصروف من الخدمة في لبنان عندما إتصل بآل خليفة مستنكراً! ظننا أنه إستنكرطرد العائلات اللبنانية من البحرين (طبعاً كما شمت بطردهم من الإمارات عندما كان رئيساً للحكومة فلم يفعل لهم شيئأ)، لكنه إستنكرتصريح السيد حسن، بينما أمانته "السامة" في١٤آذارأصدرت بياناً تذرف فيه دموع التماسيح على تحميل الطائفة الشيعية فوق طاقتها .
كنا نظن أن "ثورة بولتون" الرجيمة هي ملهمة ثورات الشبيبة في العالم العربي لكنها يبدو أنها تتبع التعميم القطري (كله إلا دول الخليج)! وبالمناسبة، يجب على طغمة جوقة" الدنيا هيك" أن لا تفرح وتطبل كثيراً لما يحدث في سوريا فالكل يعرف أن جوني عبدووفارس خشان ومروان حماده وشقيقه المرتزق بالتعاون مع رفعت الأسد وخدام يحاولون خلق "حالة" في سوريا كما أن الحريري يدفع أموالاً طائلة للبنانيين على الحدود مع دمشق من أجل التظاهروحرق صورالسيد نصرالله. وبما أن سوريا هي الدولة الممانعة الوحيدة في المنطقة فمن الواضح أنها هدف دائم للمؤامرات والدليل أن اسرئيل التي ارتعدت فرائصها من ثورات بقية العرب، سارعت ازاء أحدث سوريا الأمنية إلى التعليق فوراًغيركاتمة لسرورها وسرورحلفائها من قرطة ١٤ آذار. نعم، ألم تكشف تسريبات "وكيليكس" أن حاشية وخدم١٤ آذار كانوا أشد تطرفاً من أولمرت وليفني أثناء حرب تموزضد أبناء بلدهم ومقاومتهم؟ إطمئنوا، فالشعب السوري الأبي الحاضن للمقاومة ولنظامه الوطني سوف لن يتأثربالمؤمرات.

حمانا الله من وعاظ السلاطين ولاعقي أحذيتهم

موقع يازهراء سلام الله عليها يهتم بكل جديد ينفع في خدمة أهل البيت سلام الله عليهم كي نرقى ونسمو في افكارنا وآراءنا فلا تبخلوا علينا في افكاركم وآراءكم