السير على النهج


كانت ولم تزل عاشوراء منذ واقعة الطف الأليمة، وإلى يومنا هذا، مركزاً للإشعاع الديني والفكري، ومنبعاً للفضيلة والأخلاق، ومدرسة لتعليم الأحرار في العالم سبل الثبات على المبادئ والقيم وحمايتها من الانحراف والزلل، والتضحية بالغالي والنفيس من أجل الأهداف الكبرى، لاسيما إذا كان الهدف هو صيانة الدين وكرامة الإنسان.
إن نهضة الإمام الحسين (عليه السلام) في العاشر من المحرم واستشهاده ومن معه على أرض كربلاء، ثورة إصلاحية لإحياء الإسلام، بعد أن لعبت به أهواء بني أمية وكاد أن يندرس ويعفى أثره، فكانت ومازالت وستبقى الثورة الحسينية منارة للأجيال في دنيا الإنسانية، وملاذاً للثوار والأحرار، يستلهمون منها الدروس والعبر لإنقاذ الإنسان من براثن العبودية والظلم والجهل والاستغلال والفقر، وجميع أشكال القهر والتخلف التي تسود المجتمع الإنساني اليوم بسبب التكالب على حطام الدنيا، والابتعاد عن أحكام الله وتعاليم الأنبياء، وكما يقول الإمام الراحل السيد محمد الحسيني الشيرازي(قده): "إن ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) لم تكن وقتية لتموت بعد زمان، وإنما كانت ثورة الحق ضد الباطل، وثورة العدالة ضد الظلم، وثورة الإنسانية ضد الوحشية، وثورة الهداية ضد الضلال، ولذا كان من الضروري امتداد هذه الثورة ما دامت هذه الدنيا باقية.. وهذا سر تحريض الرسول الأكرم (صلى اله عليه وآله) والأئمة الأطهار (عليهم السلام) المسلمين على الاحتفال بذكرى عاشوراء طول الدهر" .
ونحن إذ نعظم هذه الذكرى، ونجلُّ رموزها، إنما نعظم النبي وأهل بيته (عليهم السلام)، ونتقرب إلى الله تعالى بحبهم، وإظهار الحزن والألم على أولئك العظماء الذين قدّموا أرواحهم من أجل حفظ الإسلام من الضياع، وكرامة الإنسان من أن يسلبها طاغية مثل يزيد.
التاريخ والوقائع تؤكد أن هناك اتصالاً روحياً بين الإمام السبط الشهيد وبين شيعته، كما تدل الأحاديث الواردة، ومنها قول الإمام الحجة (عجل الله تعالى فرجه): (شيعتنا منا خلقوا من فاضل طينتنا وعجنوا بماء ولايتنا).
كما أن هناك ترابطاً تاريخياً عميقاً بين الشعائر التي يقيمها المؤمنون في ذكرى فاجعة الطف وبين منطلقات الثورة الحسينية وأبعادها الإنسانية والاجتماعية والسياسية في حياة الأمة الإسلامية والشعوب المظلومة في هذه الأرض، وإحياء الشعائر في كل عام يمثل روح التواصل مع أصل المفاهيم التي نادى بها الإمام الحسين (عليه السلام) وضحى من أجلها، وإن استثمارها بالحزن والإطعام، والتوسل والزيارة والدعاء من أفضل القربات عند الله سبحانه وتعالى، وإن جوهر الاستفادة من هذه الذكرى يكمن في استيعاب دروسها والسير على ذات المنهج الذي خطه الإمام الحسين (عليه السلام) لضمان سعادة الدنيا وبلوغ أقصى الدرجات في الثواب الأخروي.

موقع يازهراء سلام الله عليها يهتم بكل جديد ينفع في خدمة أهل البيت سلام الله عليهم كي نرقى ونسمو في افكارنا وآراءنا فلا تبخلوا علينا في افكاركم وآراءكم