مراقبة النفس

مشاركات الدكتور هادي الوراق

إن هناك اصطلاحين مأخوذين من القرآن الكريم.. والتفكير في هذه الأمور، قد يكون ثقيلا، فيقول الإنسان: أين نحن وهذه المراتب؟!.. ولكن هل الذي يعيش في الوادي، يحرم عليه أن يتمنى القمم؟.. وهذه القمة هي أمنية الإنسان!..

من يهب صعود الجبال *** يعش أبد الدهر بين الحفر

 

إن هنالك نوعين من المراقبة:

أولا: مراقبة النفس.. وهذا مأخوذ من قوله -تعالى- في سورة الحشر: {وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ}؛ أي الإنسان ينظر لنفسه: ما هو موقعه في هذه الحياة، وإلى أين وصل؟.. فأول بياض يظهر على وجه الإنسان، هو من موجبات الحزن والألم؛ لأن هذا نذير الموت وقد بدأ العد التنازلي.. حيث أن متوسط أعمار الأمة حوالي الستين؛ أي الشاب في الثلاثين تكون قد بدأت انتكاسته.

 

ثانيا: مراقبة الله عز وجل.. وهو اصطلاح أرقى من مراقبة النفس، فالذي في مرحلة المحاسب لنفسه هو في الوادي، وغير المحاسب في القاع؛ أما القمة فهي مراقبة الله عز وجل.. أي أن الإنسان ينسى نفسه، وينظر إلى العين الإلهية المراقبة له دائما، وهذا مأخوذ من قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}، عن الإمام الجواد (ع): (واعلم أنك لن تخلو من عين الله، فانظر كيف تكون)!.. أي يراقب الإنسان وجود الله -عز وجل- لا نفسه.

 

ما هي النتيجة؟..

إن هذه الآية لطالما قرأناها ولم نتأمل معناها {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}.. ما معنى جاهدوا فينا؟.. وما الفرق بين جاهدوا فينا، وجاهدوا في سبيلنا؟.. هناك فرق شاسع بين العبارتين: الذي يقاتل في سبيل الله عز وجل، والذي يكتب في الله: إن كان لله؛ فهو في سبيل الله.. وإن لم يكن لوجه الله؛ فلا سبيل في البين.. أما الأرقى من هذا {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا} لا في سبيلنا: أي الذي جهاده في الله عز وجل؛ يريد أن يصل إلى الله، لا في خدمة دينه.

 

مثلا: ينسى العبد ربه، ويكتب مقالا لصالح الدين، أو يتكلم لصالح الدين؛ هذا جيد ومأجور عليه.. ولكن الأرقى من ذلك أن تكون عين العبد على رب العالمين.. {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا} الآن {لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}؛ بدأ من الله عز وجل، وانتهى إلى السبيل.. معنى ذلك والذين جاهدوا في سبيلنا، ليس بالضرورة نهديهم سبلنا.. نعم يعطى الجنة، ولكن في الدنيا قد يتخبط لأنه لا بصيرة له.. وهو مأجور لأنه يعمل في سبيل الله عز وجل؛ ولكن ليس هناك من وعد إلهي، أن يهديه السبيل، نعم: يسدد، ويدعم، ويعطى مزايا.. ولكن الهداية والبصيرة، هي كما يقول القرآن الكريم: للذين جاهدوا فينا.

 

الخلاصة:

1- أن هناك مراقبة للنفس؛ فالإنسان الذي عينه على قلبه، هذا من مصاديق الذاتية والأنانية المحمودة.. ولكن المؤمن الأرقى تكون عينه في السماء، لا في النفس.
2- أن هناك فرقا بين جاهدوا فينا، وجاهدوا في سبيلنا.

3- أن الوعد بالهداية، مترتب على الذين جاهدوا فينا، لا في سبيلنا.

روي عن رسول الله () : لا يؤمن عبدٌ حتى أكون أحبّ إليه من نفسه ، وتكون عترتي أحبّ إليه من عترته ، ويكون أهلي أحبّ إليه من أهله ، ويكون ذاتي أحبّ إليه من ذاته .

لو اكثرت الدعاء واظهار الشوق لاحدهم ثم اطلع عليك وانت بهذه الحالة ، لبادلك الشعور وخاصة اذا علم ان هذه العواطف خالصة لا يراد منها اى امتياز .. فهل انت كذلك مع امام زمانك ؟!.. ويا ترى ما ستكون النتيجة عندما يراك الامام محبا له ، داعيا له من دون ان تطلب الاجر على ذلك خير ضمان لوصول العبد الى ربه فى حركة رتيبة غير متذبذبة ، هو حب المولى حبا يتسلل الى شغاف القلب ، بحيث يلتذ العبد حينها بالعمل بما يريده المحبوب ، لا من اجل اخذ الجوائز منه ، فهل راجعت قلبك لترى مثل هذا الحب لله تعالى والذى نصرفه لاولادنا وازواجنا ؟

 

روي عن رسول الله () : مَن قال حين يدخل السوق : "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت وهو حي لا يموت ، بيده الخير وهو على كل شيء قدير " أُعطي من الأجر بعدد ما خلق الله يوم القيامة .

الاستقرار الباطني..!!!

إن الذي لا يرتب علاقته بالمخلوقين ترتيباً إلهياً صحيحاً؛ سيعيش أزمة كبيرة حتى في علاقته وتقربه إلى الله سبحانه وتعالى.. فالمؤمن في حركته التكاملية، يحتاج إلى حالة من حالات الاستقرار الباطني.. فإذا كانت الصلاة الظاهرية لا تؤدى في مكانٍ متأرجح، فكيف بالصلاة الباطنية، وكيف بالحركة التكاملية؟.. وبالتالي، فإن الإنسان الذي لا استقرار له في الحياة: سواءً في الجانب المعيشي، أو في الجانب الاجتماعي؛ هذا الإنسان لا يمكنه أن يكون مستقراً، أو دائباً في حركته التكاملية.. قال الصادق (ع): قال سلمان (رض): (إنّ النفس قد تلتاث على صاحبها، إذا لم يكن لها من العيش ما تعتمد عليه.. فإذا هي أحرزت معيشتها؛ اطمأنت).. إذا كان فقدان لقمة الخبز والمعاش الكافي، يوجب للإنسان فقدان الطمأنينة، فكيف بالاستقرار الزوجي؟..

قال النبي(): إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم , فالقوهم بطلاقة الوجه وحسن البشر.

السؤال: ما هو البرهان بعدم رؤية الله في الآخرة؟..

الرد:
 إن القول بجواز الرؤية على الله -تعالى- فيه التزامات مستحيلة عليه -تعالى عنها علواً كبيراً- منها: القول بالتجسيم في حقّه، والجهة ، وأنّه ذو أبعاد، والمحدودية، والتناهي، وأنه ذو أجزاء وأبعاض.. فلذا امتنع القول برؤيته مطلقاً -في الدنيا والآخرة- ولابد من طرح جميع ما ظاهره جواز وإمكان الرؤية، أو تأويله لمخالفته للعقل والنقل الصحيح . 
وإليك تفصيل الكلام:
1- إن الرؤية إنما تصح لمن كان مقابلاً -كالجسم- أو ما في حكم المقابل -كالصورة في المرآة- والمقابلة وما في حكمها، إنما تتحققّ في الأشياء ذوات الجهة، والله منـزّه عنها فلا يكون مرئياً.
2- إن الرؤية لا تتحقق إلّا بانعكاس الأشعة من المرئي إلى أجهزة العين، وهو يستلزم أن يكون سبحانه جسما ذا أبعاد. 
3- إن الرؤية إمّا أن تقع على الذات كلّها أو على بعضها، فعلى الأوّل يلزم أن يكون المرئي محدوداً متناهياً، وعلى الثاني يلزم أن يكون مركباً ذا أجزاء وأبعاض، والجميع مستحيل في حقّه تعالى.

السؤال: نحن من اسرة متدينة والحمد لله نحافظ على آداءا لصلوات في أول الوقت ونذهب الى الصلاة في المسجد ونشارك في حضور مصائب أهل البيت وافراحهم ، ولكن ابنتي لاتهتم بأداء الصلاة ، وتكذب في دعواها ، مع العلم أنني دائماً اجلس مع أولادي واحدثهم عن بعض الامور الدينيه واعلمهم بعض الدروس العقائدية التي تثبتهم على نهج أهل بيت العصمة .. ارشدني كيف أتعامل معها ، فقد اصبحت في حيرة من أمري !..

 الرد: المهم اختي الكريمة ، ان تدخلي الى قلب البنت ليكون امرك ونهيك مؤثرا ، فإن البنت لو اخذت منك موقفا عدائيا ولو في القلب ، فإنها سوف تتمرد وتحاول ان تعاكس الاوامر ، وإن كانت في مصلحتها الشرعية .. إنني انصح بالتحبب اليها وعدم ملاحقتها بشكل منفر ، واعطائها شيئا من الثقة والاعتماد عليها في ما تقول ، وبالامكان ان تحسسيها بهذه الثقة مقابل اخذ التعهد منها بان لا تكذب في السر .. راقبي صديقاتها ، فإن الجو الخارجي مؤثر على ما هي فيها ، واعلمي ان هذا السن ، هو سن البلوغ والتمرد .. ومن المتعارف في هذا السن شيئ من المشاكسة ، فالمهم ان لا تتفاعلي مع الامر بشكل متوتر ، بل لا بد من اتباع اسلوب الحكمة والموعظة الحسنة .. ومع ذلك ، اكثري من الدعاء في كل قنوت بالقول:{ ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين ، واجعلنا للمتقين اماما }.

 

الذكر بعد الطاعة

إن العبد الغافل يعطي لنفسه الحق في شيء من الاسترخاء والترسّل ، بعد أدائه لفريضة واجبة أو مستحبة ، وكأنه فرغ من وظائف العبودية بكل أقسامها ، فما عليه إلا أن يرتع ويلعب كما يلعب الصبيان بعد فراغهم مما ألزموا به من تكاليفَ ثقلت عليهم ..والحال أن القرآن الكريم يذّكر العباد بعكس ذلك ، إذ يحثهم بعد صلاة ( الجمعة ) ، على الانتشار في الأرض ، وابتغاء فضل الله تعالى ، ثم يدعوهم إلى الذكر الكثير ليتحقق لهم الفلاح ..كما يدعوهم إلى ذكره عند ( الإفاضة ) من عرفات - بعدما استفرغوا فيها جهدهم بالدعاء - فيطالبهم بذكره عند المشعر الحرام ..وكذلك يحثهم على ذكره عند ( قضاء ) المناسك فيقول تعالى: { فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشدّ ذكراً }..والحال أن أغلب الخلق يخرجون عن الذكر الكثير ، بل يدخلون في عالم الغفلة من أوسع أبوابه ، بعد قضاء المناسك ، اعتمادا على المغفرة التي شملتهم فيها .

السؤال: اذا وضع ثوبه النجس في ماء الكر بعد ازالة عين النجاسة فهل يجب عصره وانفصال الغسالة ؟.. 

الرد: لا يجب ، ولكن اذا كان متنجسا بالبول فلابد من غسله مرتين ..‏‎

السؤال: أخي لم يجد عملا ولكن بعد بحث طويل وجد في بنك ، وهذا البنك ربوي.. فهل يجوز له العمل في البنك ؟.. ‏‎ 

الرد: لا يجوز له ذلك ، ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب..‏‎

السؤال: قال تعالى : وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه .. ما الفرق بين الاستغفار والتوبة ؟.. وكيف يتم كل منهما ؟..

الرد: الاستغفار هو طلب المغفرة ، والتوبة هي الرجوع إلى الله بعد التوغل في الماديات ، ويتم الرجوع بامتثال أوامره تعالى ، والانتهاء عن نواهيه .

تنويه : هذه الفتاوى لا تعبر عن الرأي القطعي في المسألة فلزم مراجعة المرجع إبراء للذمة.

قال الإمام علي (عليه السلام): عجبت لابن آدم أوله نطفة وآخره جيفة ، وهو قائم بينهما وعاءٌ للغائط ، ثم يتكبّر .

موقع يازهراء سلام الله عليها يهتم بكل جديد ينفع في خدمة أهل البيت سلام الله عليهم كي نرقى ونسمو في افكارنا وآراءنا فلا تبخلوا علينا في افكاركم وآراءكم