ستقرأ: كرامات عظيمة ومحيّرة
بمناسبة ذكرى مولد الصديقة الكبرى مولاتنا فاطمة الزهراء سلام الله عليها *

وقع في يدي شريط تسجيل ـ وذلك في أيام محرم الحرام سنة (1422هـ) ـ يحوي تقريراً عن حدوث معجزة وكرامة حسينية عجيبة جداً. وبعد أن استمعت إليه، قام جمع من الأصدقاء الموالين لأهل البيت سلام الله عليهم بالإصغاء إليه، وتأثروا له أيما تأثر.
ثم قررنا السفر بعدة سيارات إلى مدينة كرمان لنلتقي الشخص محطّ العناية العجيبة والكرامة الاستثنائية ـ وكان يقيم في تلك الأيام مجلس عزاء عظيم قلَّ نظيره على مستوى البلاد ـ ولكي نشترك في حضور مجلسه الّذي أقيم بكرامة خاصة من الإمام الحسين سلام الله عليه ونستلهم من معنوياته.
انطلقنا ذات صباح من مدينة أصفهان مع عدة من الموالين لأهل البيت سلام الله عليهم. بحالة رجاء وتوسل واستمداد من الروح المقدسة للسيّدة أم البنين وأولادها الأربعة سلام الله عليهم. ولأداء صلاة الظهر دخلنا مسجد أبي‏ الفضل العبّاس سلام الله عليه الواقع في الصحراء بين مدينتي يزد وكرمان، وقد تأسّس بكرامة منه سلام الله عليه. وبعد الصلاة والتوسّل بأذيال عناية باب الحوائج، قمر بني هاشم سلام الله عليه، تابعنا السير إلى مدينة كرمان حتى وصلناها عند الغروب. وبعد أداء صلاة الجماعة في أحد المساجد القريبة من مكان مجلس العزاء المذكور، توجهنا إليه. صادفتنا الجموع الغفيرة الّتي تفصلنا عن المجلس المشار إليه، حيث كان الناس يتفرقون حينها، بينما كانت الأزقّة مفروشة بالسجاد، مما يشير إلى أن المجلس كان يغصّ بالمشاركين بشكل قلّ نظيره، فيما كانوا يتمتعون بروحية عالية ومعنوية فذّة.
وحينما دخلنا الحسينية لاحظنا أن الجموع المتبقّية(1) تمثّل زرافات من الحاضرين، فأقمنا وإياهم مجلس عزاء عظيم، وكان ختامه قراءة دعاء كميل الشريف.
وبعد تناول طعام العشاء طلبنا إلى الحاج ماشاءالله خداداد الذي كان محطّ عناية عجيبة لسيّد الشهداء الإمام الحسين سلام الله عليه قبل أربعين عاماً، أن يقصّ علينا قصة هذه العناية التي شملته إثر مرض عضال.
واستولت حالة من الحماس والمعنوية على أجواء المجلس الذي استمر إلى ما بعد منتصف الليل، حتى أصبح لدى الجميع من الذكريات الروحية والإيمانية ما لا ينسى طيلة أعمارهم.
وبدأ الحاج ماشاء الله خداداد يتحدث عن قصة مرضه وشفائه قائلاً: في سني شبابي كنت أعمل نجاراً، وذات يوم شعرت بحالة تبعث على التقيؤ بصورة شديدة غير قابلة للتحمل، فقصدت الطبيب المجاور لمحل عملي، وبعد الفحص أعلن عن سوء حالة كليتي، وكتب لي أدوية أتناولها خلال أسبوعين. فقعدت عن العمل طيلة الأسبوعين ولازمت بيتي. ولكن حالتي كانت تسوء مهما تناولت الأدوية، وقد منعت عن شرب الماء وأكل اللحم والفواكه. وبلغ بي العطش بحيث كانوا يبلّون جانباً من الملعقة ويلامسون بها شفتي. ولم أكن قادراً على التبوّل، إذ توقّفت كليتاي عن العمل تماماً، فتورّم لذلك بدني ـ إذ لم يكن في ذلك الزمان ما يعرف بجهاز (الدياليز) الذي يساعد على الإدرار ـ وكانت بشرة بطني تتساقط بعد أن انتفخت وبدأت السوائل تتقيح منها، وكنت أضرب على جدار الغرفة من شدة الألم وأخطّ بأظفاري عليه حتى بدت علامات ذلك واضحة عليه.
وبعد انقضاء سنتين على المعالجة واليأس التام من مواصلة العلاج، تقرر أن أُنقل إلى المستشفى، وحينما أرادوا أن يحركوني تنبهوا إلى أن الأرضة قد أكلت جانب السرير والفراش الذي كنت ملقىً عليه بالإضافة إلى تآكل قسم من بدني، وأنه بسبب الخدر الذي أصابه لم أتنبه لهذا التآكل.
وفي المستشفى تم تشكيل لجنة طبية، وكان بدني يعرض لصعقات كهربائية مرتين في كل يوم، وقد جلبوا جهازاً طبياً من خارج البلاد، يعمل على سحب بعض السوائل من بدني بواسطة الإبر. ومع ذلك لم تتحسّن حالتي الصحية أبداً.
بعد ستة أشهر على بقائي في المستشفى تم نقلي منها إلى البيت، وكانت صحّتي تزداد سوءاً باستمرار، حتى أُعدت إلى المستشفى مرة أخرى بتوصية طبيبي الخاص، ثم نُقلت إلى البيت بعد مرور ستة أشهر ثانية.
بلغ من سوء حالتي أن تشققت بطني، وبانت أمعائي، وأُعدت إلى المستشفى مرة ثالثة بتوصية أحد الروحانيين الكرمانيين.
وذات يوم قام محافظ كرمان بتفقّد المرضى وعيادتهم، وبعد تفقّده لعدد من المرضى المصابين في كلاهم اقترب من سريري، وحينما رآني حزن لحالتي وقال: إنه شابّ ويجب أن نساعده، ولكنه حينما رأى بطني بعد أن أزيح الغطاء عنها، تراجع إلى الوراء قائلاً: ينبغي إرساله إلى خارج البلاد، وأنا كفيل بنفقات ذلك.
ثم اقترب الطبيب ورفع جفن عيني وقال: لن يبقى هذا المريض حياً بعد أربع وعشرين ساعة، وإن له ثلاثة أطفال، فأرجوا أن تتكفلوا بنقلهم إلى دار الحضانة.
انزعجت كثيراً حينما سمعت هذا الكلام. ورغم أني كنت أتضرع إلى الإمام الحسين سلام الله عليه من قبل، إلاّ أنني توجّهت إليه فخاطبته حينها بقلب منكسر جداً وقلت: يا سيدي! لا أريد أن أموت، ولا أريد أن يأخذوا أطفالي إلى دار الحضانة. أطلب منك أن تشفيني ليأتي الجميع ويروا كرامتك في شفائي!!
مرّت الأربع وعشرون ساعة، ولكني لم أمت. وحيث كنت أعتقد أنني سأموت، فقد جلبت أطفالي إلى المستشفى ليكونوا إلى جانبي في آخر ساعات حياتي.
ونظراً ليأس الأطباء مني، فقد نقلت إلى البيت. وكانت الأيام آنذاك أيام محرم الحرام. وكان أملي الوحيد متعلّقاً بالإمام الحسين سلام الله عليه دون غيره. وجاء اليوم الثامن من محرم.
جاء رسول الحسين سلام الله عليه!
وفجأة رأيت طائراً أبيض يدخل الغرفة، ويحطّ على سريري. وبدخول هذا الطائر شعرت بخفة في بدني، وقلت في نفسي: لعله طائر الإمام الحسين سلام الله عليه، ثم قلت: يا سيدي! إن كان هذا الطائر جاء من قبلك، فإما أن يحطّ على صدري أو يذهب إلى أسفل السرير. وفجأة رأيته يذهب إلى أسفل السرير. فأطمأننت لذلك. وبعد ساعة دخلتْ والدتي الغرفة، وحيث كانت تحمل بيدها منديلاً قالت: يا ولدي! إن هذا المنديل مبتلّ بالدموع على الإمام الحسين سلام الله عليه، ثم أخذتْ تمسح صدري به. وحيث كنت عاجزاً عن النطق، فقد أشرتُ إليها بما تدرك بأن ثم ضيفاً لدينا، وأنه تحت السرير، وينبغي أن تأتيه بالماء وحبات الطعام في وعاء صيني جيد، لأنه رسول الإمام الحسين سلام الله عليه.
كنت أظن أنني سأتعافى في التاسع أو العاشر من محرم، ولكن ذلك لم يحدث، ومرّ بعد ذلك يومان ولم يقع ما كنت أظن. وكان ذلك الطائر لم يتناول الماء أو الطعام حتى يوم الرابع عشر من شهر محرم.
انشقّ السقف وظهرت الكرامة!!
كانت ليلة السادس عشر من شهر محرم، حيث منتصف الليل. فخاطبت الإمام الحسين سلام الله عليه قائلاً:
يا سيدي! لقد مضى عاشوراء ولم أشفَ.
ولكنني لم أتمّ كلامي حتى رأيت السقف قد انشقّ وشاهدت الإمام الحسين سلام الله عليه ينزل إلى الغرفة كقطعة من نور وجلس إلى جانب سريري(2) وتبسّم لي. فنزلت عن السرير وأمسكت بيد واحدة بعضده فيما وضعت يدي الثانية على كتفه.
وقلت: النظر إلى وجه العالم عبادة، يا سيدي من أنت؟
فقال: من كنت تنادي؟
قلت: الإمام الحسين سلام الله عليه.
فقال: أنا الإمام الحسين، وماذا تريد؟
قلت: أنت تعلم ما أريد.
قال: سنهبك ما تريد(3).
وفجأة رأيت السقف ينشقّ مرة أخرى لتهبط من خلاله يدا أبي الفضل العبّاس سلام الله عليه، وتوقفتا إلى جانب الإمام الحسين سلام الله عليه. فنظرت إلى اليدين، فقال الإمام سلام الله عليه: انظر إليّ، ثم أخذ سلام الله عليه بيدي إلى (مسجد الخضر) في كرمان، بينما كانت اليدان إلى جانب الإمام الحسين سلام الله عليه. وكان في المسجد منبر جميل، وجموع من الناس يغمرهم النور فوقفوا إجلالاً لقدوم الإمام سلام الله عليه، وحينما جلس، جلسوا، وقد وقفت متكتفاً بين يدي الإمام سلام الله عليه وأقول: النظر إلى وجه العالم عبادة.
وبعد ذلك، وجدت نفسي في غرفتي التي اختلفت طبيعتها هذه المرة، إذ كان النور وعطر التربة الحسينية يملآن أرجاءها، بينما كان ذلك الطائر يحلّق حولي ويغرّد بصوت مرتفع.
ثم تنبّهت إلى أن بدني أصبح خفيفاً، ثم مررت بكفّي على بطني، فرأيتها صحيحة سالمة، فنزلت عن السرير، وأخذت أطرق الباب الذي كان مقفلاً من الخارج، فجاءت أمّي واحتضنتني وسألتني عن حقيقة الأمر، وماذا حدث في الغرفة، وما رائحة التربة هذه؟ فحدّثتها بما وقع لي من الكرامة الحسينيّة. ثم توجهتُ إلى ساحة البيت، وشعرت بحاجة للذهاب إلى المرافق الصحية. فكان الدم والقيح يخرجان مني مع الإدرار، وذلك بعد مرور أربع سنين على عجزي التام. وقد أصبح بدني في راحة تامة.
كانت الساعة الثانية بعد منتصف الليل. فبقيت أبكي وأنادي: يا حسين، يا حسين، إلى الصباح. فظنّ الجيران ـ لسماعهم البكاء والصياح ـ أنني قد مِتّ، فجاؤوا في الصباح لتشييع جنازتي، ولكنهم تفاجؤوا بسلامتي وشفائي. فاجتمعوا كلهم ليروا زوال مرضي العضال.
في تلك الأثناء، لم يكن عندي حذاء أو رداء ـ وذلك بعد أربع سنوات عجاف من المرض والمشارفة على الموت ـ فاشتروا لي حذاءً وملابس.
وقررت الذهاب إلى المسجد ظهراً. فركبت سيارة الأجرة، فسألني السائق: من تكون، فأنالم أر مسافراً مثلك؟ وكأنه كان لا يرغب أن أترجل عن السيارة.
كنت جالساً في صف صلاة الجماعة، فقال أحد المصلين مشيراً إليّ: ما أشبه هذا الشاب بالسيد ماشاء الله النجار! وقال آخر: إن البائس ماشاء الله في حال الاحتضار. فقلت: أنا ماشاء الله، فاجتمع الناس حولي فجأة، وأرادوا تمزيق ثيابي وأخذ قطعها للتبرك، ولكن أشخاصاً آخرين حالوا دون ذلك.
وبلغ الخبر إلى الطبيب الذي عالجني لسنوات، فاستدعاني لإجراء التحاليل الطبية، وكان برفقته أطباء أجانب. وبعد اتضاح النتيجة الجيدة ـ بعد أن كنت أعجز عن التبول، وكانوا يسحبون ماء بدني بواسطة الأبر ـ وبعد مشاهدتهم لي لم يملكوا إلاّ أن يتعجبوا لشفائي، وانخرط بعضهم بالبكاء، فيما قال طبيبي الذي كان سيداً علوياً للأطباء الأجانب: لقد شفاه جدّي الإمام الحسين سلام الله عليه.
ولاتزال بعض ممرضات المستشفى في تلك الفترة على قيد الحياة، ويحضرن مجلس العزاء الذي أقيمه، ويؤدين الخدمة فيه.
يا سيّدي! أريد أن أقيم مجلس العزاء
ومرت سنة كاملة، وجاءت أيام شهر محرم، فرغبت في أن أقيم مجلس العزاء في هذا البيت (الذي دخله الإمام الحسين سلام الله عليه) ولكنني كنت أفتقر إلى المال. فرحت أتجوّل في الغرفة كالمجنون وأخاطب الإمام الحسين سلام الله عليه قائلاً: يا سيدي أريد أن أقيم مجلس العزاء.
قال البعض: اترك ذلك للسنة القادمة.
وقالت أمي: أقم مجلساً صغيراً في مسجد الرّضا سلام الله عليه القريب من بيتنا في هذه السنة، حتى نرى ما يحدث في السنة القادمة.
ولكنني رفضت ذلك، وتضرّعت إلى الإمام الحسين سلام الله عليه وبكيت كثيراً حتى استولى عليّ النوم بعد غمٍّ وحزن عميقين. وفي عالم الرؤيا رأيت الإمام الحسين سلام الله عليه وقد أحاطت به هالة من النور، ووقف في ساحة البيت، وحيث كان يضع عباءة على كتفيه، وفي قدميه المباركتين نعلان صفراوان، فوقفت في مقابله بما استطعت من الأدب والإجلال، فبادرني بابتسامة، فقلت له: أين كنت يا سيدي؟!!
فقال: أوَ لا تريد أن تقيم مجلس العزاء، جئت لأساعدك، وأضاف: أعطني مكنسة!
فبحثت قليلاً رغم علمي بأن المكانس في بيتنا متسخة، وأنه ليس من المناسب أن أعطيها إياه، ثم جئت ووقفت أمامه متكتفاً مرة أخرى، فسألني عن أمر المكنسة، فلم أحرِ جواباً.. وفجأة هبط نور من السماء، فشاهدت مكنسة كلها نور أضاءت المنطقة بأسرها بما أعجز عن وصفه. فتناولها سلام الله عليه بيده ونظف بقعة من ساحة البيت تعادل اثني عشر متراً مربعاً، ثم أشار بيده الكريمة أن أضع المنبر في ناحية منها. وقال: أقم مجلس العزاء ونحن نعينك.
وحينما فتحت عيني لأستيقظ، علمت أن الساعة تشير إلى الثانية بعد منتصف الليل، فرحت أنادي إلى الصباح مرة أخرى: يا حسين يا حسين، وأجهش بالبكاء وأقول: أشكرك يا سيدي؛ فقد ساعدتني وشعرت براحة تامة.
وقمت إلى أداء صلاة الصبح، فارتفع صوت في البيت، وحينما فتحت الباب، رأيت رجلاً يقول: لمَ أنت حزين؟ قلت: لست حزيناً. فسلَّمَني مقداراً من الشاي والسكر وقال: لقد أرسل لك الإمام الحسين سلام الله عليه هذا. وكل شيءٍ رأيتَه رأيتُه(4) فلا تحزن، وقد أمر الإمام سلام الله عليه أن أدعو فلاناً للقراءة في مجلس العزاء.
وهكذا أُقيم المجلس. وكان مجلساً عجيباً منذ اليوم الأول، إذ حضره كثير من الناس بمن فيهم العلماء. وكان الناس يتساءلون عن حقيقة الأمر، فقد أكرمنا الإمام الحسين سلام الله عليه ووهبنا حاجاتنا. وفي الحقيقة كان مجلس العزاء هذا مكاناً للاستشفاء باسم الإمام الحسين سلام الله عليه. بعد أن أصبح محلاً لتجلّيه سلام الله عليه وشفائه المرضى بإذن الله تعالى.
وفي الوقت الحاضر لا تزال الغرفة التي دخلها الإمام الحسين سلام الله عليه والكرسي الذي جلس عليه باقيين(5)، وقد نال الكثير من الناس الشديدي المرض شفاءهم، وقد دُوّنت في دفتر خاص أنواع أمراضهم وكيفية شفائهم.
حلّق الطير في ذكرى استشهاد الزّهراء سلام الله عليها
كان من قصة الطير الذي دخل غرفتي في اليوم الثامن من محرم وكان مجيئه بمثابة المقدمة لشفائي، أنه جاء مرة أخرى في يوم استشهاد الصدّيقة الزّهراء سلام الله عليها ودار حول البيت مرة، ثم حطّ على ركبتي. فقدّمت إليه الطعام بكفي، ولكنه فجأة حلّق نحو السماء على هيئة النور، فلطمت رأسي ووجهي وصحت: لقد ذهب طيري!!
ثم قصدت مجلس علماء مدينة كرمان، فسألوني عن قصدي، فشرحت لهم القصة، فقالوا: لا تقلق فإن الطير رسول الإمام الحسين سلام الله عليه، وقد ذهب حيث انتهت مهمته. وهذا الطائر بعينه يأتي كل عام إلى مجلس العزاء، وبعد تحليقه حول خيمة المجلس الخاص بالإمام الحسين سلام الله عليه يحطّ لعدة ساعات فيه. ومن جملة ذلك أنه جاء في سنة (1421هـ) حينما كانت امرأة مصابة بمرض سرطان المخ تتماثل للشفاء.
لتكن أيام مجلس عزائكم على عدد سنوات عمر أمّي الزهراء سلام الله عليها
نقل الشاعر والمداح الشهير، الحاج غلامرضا سازكار قائلاً: كنت جالساً في بيت حاج ماشاء الله، فجاء شخص، تبيّن فيما بعد، أنه من الخدَمة المخلصين والمسنّين، في الحرم الطاهر للإمام عليّ بن موسى الرضا سلام الله عليهما، وسأل قائلاً: من هو الحاج ماشاءالله خداداد، وأين هو الآن؟ فاصطحبته إلى الحاج ماشاء الله، فبادر بالقول: لا شأن لك بمن أكون ومن أين قدمت، ولكني أحمل لك رسالة من الإمام الرضا سلام الله عليه يقول فيها:

إن مجلس عزائك ينبغي أن يكون بعدد سني عمر
أمّي الزهراء سلام الله عليها، ثمانية عشر يوماً.

وإنني سأقدم ماء الورد الذي ينبغي أن تعطروا المجلس به. وكان ذلك اليوم هو اليوم الأخير للمجلس، إذ كان اليوم الثاني عشر لمراسم العزاء.
فقال الحاج ماشاء الله في تلك اللحظة: أنت أعلن ذلك للناس.
وحينما أعلنت القضية على مسامع الناس، ضج الناس ضجيجاً حال دون إتمام حديثي، فصبرت مدة، وبسبب نوع التأثير الذي حصل في جو المجلس، أيقنت أن هذا حديث عن الإمام عليّ بن موسى الرضا سلام الله عليهما حديث غير عادي ومن شأنه الاستيلاء على القلوب والعقول والأرواح.
ونقل الحاج سازكار أيضاً قائلاً: تشرف الحاج ماشاء الله في إحدى السنين بلقاء بقيّة الله الأعظم الإمام المهدي المنتظر عجّل الله ظهوره، وأعطاه الإمام قليلاً من حبات السكر، وقد أعطى الحاج ماشاء الله بحجم حبة العدس منه إلى زوجتي.
وذات يوم ابتلي ولد جارٍ لنا بمرض فقر الدم في طهران، فجاءت والدته إلى بيتنا وأخذت تبكي وتنوح وتلتمس بأن تعطيها زوجتي حبة السكر باعتبار أننا غير محتاجين إليها في الوقت الحاضر فيما يشارف ولدها على الهلاك. فاستجابت لها زوجتي متأثرة بحالتها وأعطتها تلك الحبة. وبعد أن تناولها الطفل المريض تماثل للشفاء، وأيّد الأطباء تعافيه بعد إجراء التحاليل الطبية له.
وفي الوقت الحاضر (1424 هـ حيث أدوّن هذه القصة) تكون قد مضت على قصة شفاء الحاج ماشاء الله خداداد (النجار) أربعون سنة، وهو لايزال رجلاً نشيطاً وذا معنوية عالية رغم كهولة سنّه، ولايزال يستقبل ضيوف أبي عبدالله الحسين سلام الله عليه في أيام العزاء العظيم ولمدة (18) يوماً، وذلك في حسينية كبيرة جداً، حيث ضمّت إليها الأزقة المجاورة، وبحضور الموالين من المدن القريبة والبعيدة.
لقد نال هذا الرجل الصالح، العديد من الكرامات بفضل ألطاف وعناية الإمام الحسين والإمام الرضا والإمام المهدي سلام الله عليهم. وقد روى لي فصولاً مهمّة من تلكم الكرامات خلال تلك الجلسة التي جمعتني وإياه. ولكنني أعرض عن ذكرها بسبب عهد قطعته له بعدم الكشف عنها.


* من كتاب: كرامات الزهراء سلام الله عليها للسيد حجت الأبطحي.
(1) كان موعد انعقاد المجلس فترة العصر، وفي تلك الليلة ـ وكانت ليلة جمعة وقد حضره أشخاص كثيرون من مدينة أصفهان ـ أجريت فيه مراسم مطولة تحيةً وإكراماً للقادمين.
(2) كانوا قد وضعوا كرسياً للأطباء والشخصيات الزائرة، وهو الذي جلس عليه الإمام الحسين سلام الله عليه ولازال الكرسي موجوداً، ويعمد بعض المرضى إلى تقييد أنفسهم برجله للاستشفاء.
(3) أعطاني كل شيء؛ الشفاء التام، وقراءة العزاء له سلام الله عليه، والثروة. بل وهبني أكثر مما طلبت.
(4) بمعنى أنني تشرفت برؤية الإمام الحسين سلام الله عليه أيضاً، وأمرني بما أفعل، وأعلم بما قال لك.
(5) شاهد جميع الذين قدموا للمشاركة في مراسم العزاء، المرضى الذين جيء بهم لغرض الاستشفاء، إذ كانوا يدخلون الغرفة ويقيدون إلى الكرسي المبارك، وقد عوفي منهم الكثير.

 

موقع يازهراء سلام الله عليها يهتم بكل جديد ينفع في خدمة أهل البيت سلام الله عليهم كي نرقى ونسمو في افكارنا وآراءنا فلا تبخلوا علينا في افكاركم وآراءكم