الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله في كلام الأمير سلام الله عليه

كان الامام علي بن أبي طالب سلام الله عليه أعرف الخلق برسول الله صلى الله عليه وآله، حيث كان أقرب الناس إليه، بل هو نفس رسول الله صلى الله عليه وآله وربيبه كما دلّت آيات الذكر الحِكم والروايات الشريفة على ذلك. وفيمايلي نقرأ معا كلام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب سلام الله عليه، واصفاً شخص الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وفضائله و... .
 

في صفاته
 

«قد حقّر الدنيا وصغرها، وأهون بها وهوّنها، وعلم أنّ الله زواها عنه اختياراً، وبسطها لغيره احتقاراً، فأعرض عن الدنيا بقلبه، وأمات ذكرها عن نفسه، وأحبّ أن تغيب زينتها عن عينه، لكيلا يتّخذ منها رياشاً، أو يرجو فيها مقاماً. بلّغ عن ربّه معذراً، ونصح لأمّته منذراً، ودعا إلى الجنّة مبشراً، وخوّف من النار محذّراً».
«مستقرّه خير مستقر، ومنبته أشرف منبت، في معادن الكرامة، ومماهد السلامة؛ قد صرفت نحوه أفئدة الأبرار، وثنيت إليه أزمّة الأبصار، دفن الله به الضغائن، وأطفأ به الثوائر، ألّف به إخواناً، وفرّق به أقراناً، أعزّ به الذّلّة، وأذلّ به العزّة. كلامه بيانٌ ، وصمته لسان».
«حتى بعث الله محمداً، صلى الله عليه وآله، شهيداً، وبشيراً، ونذيراً، خير البرية طفلاً، وأنجبها كهلاً، وأطهر المطهرين شيمةً، وأجود المستمطرين ديمةً».
«اختاره من شجرة الأنبياء، ومشكاة الضياء، وذوابة العلياء، وسرّة البطحاء، ومصابيح الظّلمة، وينابيع الحكمة.
طبيبٌ دوارٌ بطبّه، قد أحكم مراهمه، وأحمى مواسمه، يضع ذلك حيث الحاجة إليه، من قلوبٍ عميٍ، وآذانٍ صمٍّ، وألسنةٍ بكمٍ، متتبّعٌ بدوائه مواضع الغفلة، ومواطن الحيرة».
 

في فضله
 

«اجعل شرائف صلواتك، ونوامي بركاتك، على محمدٍ عبدك ورسولك الخاتم لما سبق، والفاتح لما انغلق، والمعلن الحقّ بالحقّ، والدّافع جيشات الأباطيل، والدّامغ صولات الأضاليل، كما حمّل فاضطلع ، قائماً بأمرك، مستوفزاً في مرضاتك، غير ناكلٌ عن قدمٍ، ولا واهٍ في عزمٍ، واعياً لوحيك، حافظاً لعهدك، ماضياً على نفاذ أمرك؛ حتّى أورى قبس القابس، وأضاء الطّريق للخابط، وهديت به القلوب بعد خوضات الفتن والآثام، وأقام بموضحات الأعلام، ونيّرات الأحكام، فهو أمينك المأمون، وخازن علمك المخزون، وشهيدك يوم الدّين، وبعيثك بالحقّ، ورسولك إلى الخلق».
«وأحمد الله وأستعينه على مداحر الشّيطان ومزاجره، والاعتصام من حبائله ومخاتله. وأشهد أن لا إله إلاّ الله، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله، ونجيبه وصفوته. لايؤازى فضله، ولايجبر فقده. أضاءت به البلاد بعد الضّلالة المظلمة، والجهالة الغالبة، والجفوة الجافية؛ والنّاس يستحلّون الحريم، ويستذلّون الحكيم؛ يحيون على فترة، ويموتون على كفرة»!
«وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله المجتبى من خلائقه، والمعتام لشرح حقائقه، والمختصّ بعقائل كراماته، والمصطفى لكرائم رسالاته، والموضّحة به أشراط الهدى، والمجلوّ به غربيب العمى».
 

في الإقتداء به
 

«واقتدوا بهدي نبيّكم فإنّه أفضل الهدي. واستنّوا بسنّته فإنّها أهدى السّنن».
«فتأس بنبيّك الأطيب الأطهر – صلّى الله عليه وآله – فإنّ فيه أسوةً لمن تأسّى، وعزاءً لمن تعزّى. وأحبّ العباد ألى الله المتأسّي بنبيه، والمقتص لأثره. قضم الدّنيا قضماً، ولم يعرها طرفاً أهضم أهل الدّنيا كشحاً، وأخمصهم من الدّنيا بطناً، عرضت عليه الدّنيا فأبى أن يقبلها، وعلم أنّ الله سبحانه أبغض شيئاً فأبغضه، وحقّر شيئاً فحقّره، وصغّر شيئاً فصغَّرهُ. ولو لم يكن فينا إلاّ حبّنا ما أبغض الله ورسوله، وتعظيمنا ما صغّر الله ورسوله، لكفى به شقاقاً لله ومحادّةً عن أمر الله».
«ولقد كان – صلّى الله عليه وآله وسلم _ يأكل على الأرض، ويجلس جلسة العبد، ويخصف بيده نعله، ويرقع بيده ثوبه ، ويركب الحمار العاري، ويردف خلفه، ويكون السّتر على باب بيته فتكون فيه التّصاوير فيقول: « يا فلانة – لإحدى أزواجه – غيّبيه عنّي، فإنّي إذا نظرت إليه ذكرت الدنّيا وزخارفها». فإعرض عن الدّنيا بقلبه ، وأمات ذكرها من نفسه،  وأحبّ أن تغيب زينتها عن عينه، لكيلا يتّخذ منها رياشاً، ولا يعتقدها قراراً ، ولا يرجو فيها مقاماً، فأخرجها من النّفس، وأشخصها عن القلب، وغيّبها عن البصر. وكذلك من أبغض شيئاً أبغض أن ينظر إليه، وأن يذكر عنده».
 

في رسالته
 

«أرسله داعياً إلى الحقّ وشاهداً على الخلق، فبلّغ رسالات ربّه غير وان ولا مقصّرٍ، وجاهد في الله إعداءه غير واهنٍ ولامعذّرٍ. إمام من اتّقى، وبصر من اهتدى».
«أرسله على حين فترةٍ من الرّسل، وطول هجعةٍ من الأمم، وانتقاضٍ من المبرم؛ فجاءهم بتصديق الّذي بين يديه.
وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله الصّفيّ، وأمينه الرّضيّ، صلى الله عليه وآله – أرسله بوجوب الحجج، وظهور الفلج، وإيضاح المنهج؛ فبلّغ الرّسالة صادعاً بها، وحمل على المحجّة دالاًّ عليها، وأقام أعلام الاهتداء ومنار الضّياء، وجعل أمراس الإسلام متينةً، وعرا الإيمان وثيقةً».
«أمّا بعد، فإنّ الله سبحانه بعث محمداً – صلّى الله عليه وآله وسلّم – نذيراً للعالمين، ومهيمناً على المرسلين. فلمّا مضى عليه السّلام تنازع المسلمون الأمر من بعده».
 

وضع العالم حينما اُرسل صلى الله عليه وآله
 

«وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله، أرسله بالدّين المشهور، والعلم المأثور، والكتاب المسطور، والنّور السّاطع، والضّياء اللاّمع، والأمر الصّادع، إزاحةً للشبهات، واحتجاجاً بالبيّنات، وتحذيراً بالآيات، وتخويفاً بالمثلات، والنّاس في فتنٍ انجذم فيها حبل الدّين، وتزعزعت سواري اليقين، واختلف النّجر، وتشتّت الأمر، وضاق المخرج، وعمي المصدر، فالهدى خامل، والعمى شامل».
«أرسله على حين فترة من الرّسل، وطول هجعةٍ من الأمم، واعتزامٍ من الفتن،وانتشار من الأمور، وتلظًّ من الحروب، والدّنيا كاسفة النّور، ظاهرة الغرور؛ على حين اصفرارٍ من ورقها، وإياسٍ من ثمرها، واغورارٍ من مائها، قد درست منار الهدى، وظهرت أعلام الرّدى، فهي متجهّمةٌ لأهلها، عابسةٌ في وجه طالبها. ثمرها الفتنة، وطعامها الجيفة، وشعارها الخوف، ودثارها السّيف».
«بعثه والنّاس ضلاّلٌ في حيرةٍ، وحاطبون في فتنةٍ، قد استهوتهم الأهواء، واستزلّتهم الكبرياء، واستخفّتهم الجاهليّة الجهلاء؛ حيارى في زلزالٍ من الأمر، وبلاءٍ من الجهل، فبالغ صلّى الله عليه وآله في النّصيحة، ومضى على الطّريقة، ودعا إلى الحكمة، والموعظة الحسنة».
«أرسله على حين فترةٍ من الرّسل، وتنازعٍ من الألسن، فقفّى به الرّسل، وختم به الوحي، فجاهد في الله المدبرين عنه، والعادلين به».
«وأشهد أن لا إله إلاّ الله، شهادة إيمان وإيقان، وإخلاصٍ وإذعان. وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله، أرسله وأعلام الهدى دراسة، ومناهج الدّين طامسةٌ، فصدع بالحقّ؛ ونصح للخلق، وهدى إلى الرّشد، وأمر بالقصد، صلّى الله عليه وآله وسلم».
 

وضع العرب حينما اُرسل صلى الله عليه وآله
 

«إنّ الله بعث محمّداً صلّى الله عليه وآله وسلّم نذيراً للعالمين، وأميناً على التّنزيل، وأنتم معشر العرب على شرّ دينً، وفي شرّ دارٍ، منيخون بين حجارةٍ خشنٍ، وحيّات صمٍّ، تشربون الكدر وتأكلون الجشب، وتسفكون دماءكم، وتقطعون أرحامكم. الأصنام فيكم منصوبةٌ، والآثام بكم معصوبةٌ».
«إنّ الله بعث محمداً صلّى الله عليه وآله ، وليس أحدٌ من العرب يقرأ كتاباً، ولايدّعي نبوّةً، فساق النّاس حتّى بوّأهم محلّتهم، وبلّغهم منجاتهم، فاستقامت قناتهم ، واطمأنّت صفاتهم».

 

موقع يازهراء سلام الله عليها يهتم بكل جديد ينفع في خدمة أهل البيت سلام الله عليهم كي نرقى ونسمو في افكارنا وآراءنا فلا تبخلوا علينا في افكاركم وآراءكم