قبل البدء في إبراز ملامح النظرية السياسية
للإمام الشيرازي (دام ظله) لا بد من مقدمة للوقوف عند صاحب هذه النظرية
والإشارة إلى ألمعيته وصفات سماحته التي جعلت منه علماً يشار إليه ونجماً
ساطعاً في سماء المرجعية.
ولد سماحته في مدينة النجف الأشرف في العراق من
عائلة علمية عريقة امتهنت العلم والفتوى وتمرست على القيادة والجهاد ومن
أعلام هذه الأسرة الجليلة:
آية الله العظمى الميرزا محمد حسن الشيرازي (قدس
سره) المعروف بالمجدد الشيرازي والذي قاد ثورة (التنباك) في إيران واستطاع أن
يصد الهجمة الاستعمارية البريطانية على إيران.
آية الله العظمى الميرزا محمد علي الشيرازي (قدس
سره) الأخ الأكبر للميرزا محمد تقي الشيرازي قائد ثورة العشرين في العراق.
آية الله العظمى الميرزا محمد تقي الشيرازي (قدس
سره) وهو قائد ثورة 1920 ضد الاستعمار الإنكليزي في العراق.
آية الله العظمى الميرزا اسماعيل الشيرازي (قدس
سره) وهو من العلماء الأعلام.
آية الله العظمى الميرزا محمد الشيرازي الابن
الأكبر لمجدد الشيرازي.
آية الله العظمى الميرزا عبد الهادي الشيرازي
(قدس سره) والذي آلت إليه المرجعية العليا بعد وفاة الإمام السيد أبي الحسن
الأصفهاني والامام السيد البرجرودي (قدس سرهما).
آية الله العظمى الميرزا مهدي الشيرازي (والد
السيد المرجع) توسعت مرجعيته بعد رحيل الإمام السيد حسين القمي وكان المرشح
للمرجعية العليا بعد الإمام البرجرودي (قدس سره).
سماحة آية الله الحاج السيد رضي الدين الشيرازي
من مشاهير علماء طهران وله مؤلفات قيمة.
المفكر الإسلامي المجاهد آية الله الشهيد السيد
حسن الشيرازي (قدس سره) وله تاريخ جهادي معروف كما أنه ألف عدة مؤلفات أشهره
كلمة الله وكلمة الرسول الأعظم وكلمة الإسلام إضافة إلى الكثير من البحوث
والدراسات الأدبية والشعر.
آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي (دام ظله)،
وآية الله السيد مجبتى الشيرازي (أخوا السيد المرجع).
تتلمذ سماحة الإمام الشيرازي على أيدي كبار
الأساتذة منهم والده آية الله العظمى السيد مهدي الشيرازي، وآية الله العظمى
السيد هادي الميلاني وآية الله العظمى الشيخ محمد رضا الأصفهاني والشيخ جعفر
الرشتي (قدس الله أسرارهم) وعلماء آخرين.
وتميزت شخصية الإمام الشيرازي بالتحلي بالصفات
الأخلاقية النبيلة وأشهر ما عُرف عن الإمام الشيرازي هو الجمع بين هذه الخصال
الحميدة كالتواضع والإغضاء عن الإساءة والعفو وسعة الصدر والمداراة للقريب
والبعيد والشعور بالمسؤولية واحترام معارضيه والاستماع إلى آراءهم واستشارة
الآخرين وبساطة العيش وتحمل المكاره والمصاعب والتي لا يزال يتحمل مشاقها
بكثير من الصبر إضافة إلى عشرات الصفات التي إرتأينا أن تنقل نتفاً منها
للمثال لا الحصر:
مرة قال له أحد محبيه أن رجلاً شتمك في حضور جمع
من الأشخاص.. فماذا تأمرنا أن نفعل به؟ قال مبتسماً: قولوا له قولاً ليناً.
ومما ينقل عن مكارم أخلاق الإمام الشيرازي (دام
ظله) أن رجلاً كان لا يتورع في إيذائه، فوجئ بقدوم سماحة السيد المرجع إلى
حفل زواج ابنه ليهنئ الابن ويبارك له بالزواج مما جعل الأب يقع في ارتباك
وخجل فطلب من سماحة المرجع المعذرة على ما كان يفعله، ثم أصبح من أكبر
المدافعين عن سماحته.
وقد اعترف مناوئوه بسمو أخلاقه فيذكر أحد تلامذة
الإمام أنه دارت بينه وبين أحد الكبار في حوزة قم ممن تأثروا بالدعايات
المضادة لسماحة المرجع يقول هذا العالم:)قد لا اتفق مع سماحة السيد الشيرازي
ولكن ليس هناك مفر من الاعتراف له بسمو أخلاقه وروح النشاط والاستقامة فيه،
وإني أرى تقدمه من زاوية أخلاقه الحميدة خاصة مع مناوئيه، ولقد كنت في مجلس
حضره لجماعة من مخالفيه وهذا لم يحصل في الغالب إلا لرجال ذوي أخلاق رفيعة
وروح عالية(.
وكما نوّهنا سلفاً فإننا لسنا بمعرض إحصاء شمائل
هذا الإمام الجليل والمرجع الكبير وإنما سقنا ذلك للمثال فقط ويمكننا أن نزيد
أن أيامنا هذه والأيام التي ستأتي قد أزاحت الستار عن الكثير من العيون
المخدوعة والأبصار المسحورة وبدأت لها زيف وبهتان وبطلان القوى التي وقفت ضد
سماحته خصوصاً في نظريته السياسية الذائعة الصيت (شورى الفقهاء المراجع)
والتي ستثبت أحقيتها للحكم بعد خواء نظيرتها، وتحولها إلى سلطة استبدادية
للتحكم في رقاب المسلمين، فكيف يرى سماحته النظرية السياسية للإسلام؟ |