وهكذا يوضح الإمام الشهيد (ره) ـ بجهد وجهاد ـ موقف
الإسلام في السلام، ويبرّئ ساحته مما نسب إليه ـ زوراً وبهتاناً ـ من التهم
الواهية والتقولات الباطلة، بأبلغ بيان وأوضح تعبير..
والى ذلك فقد زخرت مؤلفات السيد الشهيد الشيرازي بدرر
المعاني الشعرية والأعمال الادبية، التي تفصح عن مقدار الألم الذي يعتصر قلب
صاحبها بسبب ما يراه من واقع مؤسف وأخطار جسام تلم بالأمة الإسلامية من كل
صوب، فهذا نزر قليل من بحر شعره الذي حفلت به كتبه ومؤلفاته:
قال لي:
ابك على الأمجاد!
ابك الأرض عاقتها البلاد!
ابك فجراً في رماد
ابك شعباً في مزاد!ابك رأساً من سماد!
ابك افكاراً صدّية
تُنتقى من متحف التاريخ..
مثل المومياء الأثريّة
تتوالى موسّمية
والى ذلك يستنكر السيد الشهيد في ابيات معبرة وحاشدة
بالمعاني الناهضة، والآلام والحسرة ـ يستنكر الواقع السلبي الذي تعيشه
الأمة.. من تشتت القوى، وغياب الموقع الموحد، مما جعل الكيان الصهيوني يدق
أوتاده، ويتصلّب ويتصلّف يوماً بعد يوم على الأمة الإسلامية مع ما تملك من
جيوش وعدة وعدد، وإليك هذه الطائفة من شعره:
كـــــــم قال قـــــوم ـ لليهود: بأننا
سنرجّكــم في البحر إن تستعندوا
فإذا قصدتم ـ بالحـــروب ـ ديــارنا أهلاً وسهــلاً بالمعارك،
فاقصدوا
حتى إذا حمي الوطيس تراجعوا.. وتنازلوا عمـــــا بنــــوه وشيّدوا
وتحملوا عاراً، له ثــاروا علـــــى اسلافهم، وهمـــو نيــــامٌ
رقّـــــــد
فجيوشنا ـ دوماً ـ تكرّ على الحمى وتفرّ من وجه العـــدوّ.. وتشرد..
وفي الحق، قد يكون الشعر عبارة عن نفس الشاعر تقطر
أبياتاً ومواقف، وقد يكون أيضا أبلغ من ناد ومن خطبا، ليصبح نبراساً تهتدي به
الأجيال صوب الحق ولا شيء غير الحق، وهو ما يصدق على الإمام الشهيد، شعراً
ينبه الإنسانية إلى ما فيه صلاح دينها ودنياها، فهذه أبيات هي أسنى ما قيل في
عصرنا الراهن معنى ومبنى:
دعنــــي أموت.. فـفــي الممات حياتي
دعنـــــي.. فخير للحياة مماتي
فـــالمــــــوت أروع قفـــــزة ثوريّـــــةٍ نحـــو الكمال..
وأعمـق اللذّات
أنا... ما اتخذت الأرض معبد صخرة.. تغفو بمرماهـا مدى السنوات
فسلام على السيد الشهيد يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث
حيا..