مجموعة قصائد ثورية، تمرد فيها على الطغاة،
وأعلن الثورة عليهم حكاماً وأحزاباً ومنتفعين يدورون في فلكهم، وعانى من
بغيهم وطغيانهم الكثير الكثير، وتمرد فيها على أوزان الخليل، وامتطى مركب
التفعيلة ليخوض بها بحر الشعر الحديث، عدا القصيدة التي بها افتتحت المجموعة
بعنوان(هوية) فهي من البحر الكامل، لكنها كتبت على طريقة الشعر الحديث مجاراة
لبقية قصائد المجموعة:
شعري نفيرُ أشعةٍ سوداءِ
وتمزقاتُ مبادئٍ شمطاءِ
أنا لذة الحرمانِ
فوق قصائدي ترتاح ألف جهنمٍ خضراءِ
لا تقرئيني قبل أن تتعذبي
وتُراقصي الجلاّدَ كالأفياءِ
فأنا حروقٌ في الرياح تبددت
وبكل محرقةٍ هوى أشلائي
وسيعود الشهيد للحديث عن الشعر عامة وعن شعره
خاصة في مجموعته(يا طموحي) في قصيدة (عراق البعث) التي لم يُخِلْ طولها
النسبي بجمالها، ثورة عارمة على الشعارات الزائفة، ووصف دقيق لخيرات العراق
وأحوال شعب العراق في ظل هذه الشعارات، وكعادته يفاجئك فوراً بالولوج إلى لب
الموضوع دون تمهيدات ولا مقدمات:
الشعب الخائفُ
والحزب المتورط في النارْ
والجيش الجبار بقمقمه السحارْ
والوزراء الأسرى
ورئيس الجمهورية بالإيجارْ
هذا كل عراق البعثِ
وهذا ما يطلبه الاستعمار
- ويشكو من خنوع الجماهير واستسلامها
لجلاديها:
يا هذا الجيل الطالع في حمأِ الغسلينْ
كم تكسرُ سيف الحقِّ
وتلثمُ أحذيةَ الجلادين؟
- ويصف درامية الوضع المحزن:
أصبحنا نحلم حتى بالزنجِ
ونهتف ألف نعم: حتى للتوابينْ
وننام على السِّجِّينْ
- ثم يتحسر على خيرات العراق:
أين البترول؟
وأين الغاز؟
وأين الكبريت؟
وأين الزرع؟
وأين الأثمار؟
لا شيءَ سوى الصحراءِ
يناور فيها الإعصارْ
لا شيء سوى غرف التعذيب
وأجهزة الاستخباراتِ
سوى أحواض أسيدٍ تفترس الثوارْ
» أمّمْنا شركات النفطِ
وأما النفط فقد أَمَّمَهُ الاستعمارْ
حررنا الأرض من الأشجارْ
أعطينا حق العاملِ والفلاح
من الرقصِ بذكرى تموزَ وآذارْ
وحَّدنا بالسوط فئاتِ الشعبِ
وأشركناها تحت أكاليل النارْ« .
أما (انهيار المرايا) فعنوان ينطوي على كثير
من المفارقات والانعطافات الموجعة بل والانكسارات المفجعة:
كل شيء من حواليَّ حبيبٌ... ومريبْ
مثل موَّالٍ رتيبٍ... وغريبْ
مثل عصفورٍ رقيبْ
يا أساطيل البحار الناضبهْ
يا مواويل العروس التائبهْ
يا جماهير الكرات الغائبهْ
أين أفلاكُكِ في كفِّ الأثيرْ؟
أين زفَّاتُ الزئيرْ؟
ويحاول أن يستنهض بشعره الأرض للكفاح،
مستنجداٍ بإمام العصر عجل الله فرجه الشريف:
يا إمام العصرِ.. يا سيف السماءْ
هَزْهِزِ الأرضَ.. فقد حمَّ القضاءْ
وتعصَّبْ بدماءِ الأبرياءِ الشهداءْ
ها.. فإن الأرضَ ضاقت والفضاءْ
ويقدم نفسه مثالاً ونموذجاً للثورة والكفاح
والجهاد فيقول:
نفخةُ الصور بقايا نغمي
ودمٌ يحترق الأرض دمي
وفمٌ يختزل الجمر فمي
وشباً سالَ جحيماً قلمي
وكأنه كان على يقين من أن ثورته لن تُغتالَ
إلا بالشهادة، وأن جهاده لن يتوقف إلا بريِّ الأرض بدمه الطهور، ولذلك يجلجل
صوته بالنداء:
صرخةُ الحقِّ تنادي صرختي
وشهيدٌ مات صبراً قِبلتي
حربتي حقي وحقي حربتي
دولتي ديني وديني دولتي
والنبيون سرايا ثورتي!
ومن الصرخات التي يطلقها في ختام المجموعة،
يصلك انفجار الجرح:
أيها الجرح انفجرْ
وتعمَّدْ بلهيبٍ مستعرْ
وابتلع طاغية النار... بسيلٍ منهمرْ
من جحيم البرعم الصاخب... في صمتٍ حَذِرْ |