مشاركات
الدكتور هادي الوراق
حقيقة الإيمان
هل تعلم أنك تكسب الدرجات الخالدة، في
النعيم الذي لم يمر على قلب بشر، وذلك بمجرد النية التي لا تكلفك سوى عزما
قلبيا.. وتطبيقا لذلك حاول أن تنوى في كل صباح: أن كل ما تقوم به - حتى
أكلك وشربك ونومك- إنما هو لأجل التقوى على طاعة الله تعالى.. أليست هذه
صفقة لا تقدر بثمن؟
قال الباقر (عليه السلام) : لا يبلغ
أحدكم حقيقة الإيمان حتى يكون فيه ثلاث خصال : يكون الموت أحبّ إليه من
الحياة ، والفقر أحبّ إليه من الغنى ، والمرض أحبّ إليه من الصحة ، قلنا :
ومَن يكون كذلك ؟.. قال :كلّكم ، ثم قال : أيّما أحبّ إلى أحدكم : يموت في
حبنا أويعيش في بغضنا ؟.. فقلت : نموت والله في حبّكم أحبّ إلينا ، قال :
وكذلك الفقر والغنى والمرض والصحة ؟.. قلت : إي والله
قال الصادق (عليه السلام) : مَن عمل
سيئةً اُجّل فيها سبع ساعاتٍ من النهار ، فإن قال : أستغفر الله الذي لا
إله إلاّ هو الحيُّ القيّوم - ثلاث مرّات - لم يُكتب عليه
ان ابناء الدنيا يركضون وراء ربح يسير بتعب كثير، وهم لا يلامون فى ذلك
فانها سنة الحياة .. ولكن هل تعلم ان ثواب ركعة واحدة من صلاة الجماعة
لا يحصيها الا الله تعالى ، فما هو مدى التزامك بصلاة الجمعة والجماعة
؟!
عبد الذات!..
إن ذكر الله -عز وجل- يختلف عن ذكر جزائه
وثوابه.. ولهذا نلاحظ أن الذي يعشق نعيم الجنة: حورها، وقصورها، وغلمانها،
وأشجارها، وطيورها؛ ليست فيه نزعة كمالية.. لأن همه زوجته، ولكن يريد زوجة
كحور العين.. وهمه بطنه، ولكن يريد كما في قوله تعالى: {وَلَحْمِ طَيْرٍ
مِّمَّا يَشْتَهُونَ}.. وبدلاً من فاكهة الدنيا، يريد فاكهة الجنة.. فهذا
الإنسان لازال أرضياً، وهو ذاكر لنعيم الله -عز وجل- وليس ذاكراً لله..
وهناك من هو أرقى من ذلك، أي إنسان لا يهمه المقام المحسوس، وإنما يريد
مقاما معنوياً؛ مقام القرب من الله عز وجل، والزلفة إليه.. ولكن أيضاً هذا
لا يعد ذاكراً لله عز وجل، هذا الإنسان لازال عبد الذات؛ ولكنه إنسان له
فهم أرقى في الوجود.. يرى أن تحقيق الذات ليس بالحور، وإنما بالرضوان:
{وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ}.. وعليه، فإن هذا الذي همه الأمور
المعنوية، ما هو إلا عبد لذاته، إنسان يحب نفسه.. ولا شك أن هذا الإنسان
ممتاز جداً، ولا يقاس بالأول.. فالأول كان همه النعيم المادي، وهذا الإنسان
همه النعيم المعنوي.. فإذا كان الذي يهمه النعيم المادي لا يعد ذاكراً لله
تعالى، وكذلك الذي يهمه النعيم المعنوي؛ فإذن من هو الذي يعد ذاكراً لله
تعالى؟.. هو الذي يكون ذاكراً لله عز وجل، بداعي المنعمية
|