موقع يازهراء سلام الله عليها                          www.yazahra.org

تفجير سامراء ... بوابة العراق الدموية .. تقرير

 

  في  صبيحة يوم الاربعاء المصادف 22/شباط من عام 2006  فُتح على العراق فصل جديد من فصول الحرب الدموية وذلك بتفجير المراقد المقدسة في سامراء, وما ان اُذيع الخبرعلى القنوات الفضائية ، حتى كانت عاصفة العنف قد انتشرت في شوارع العراق باسرة واخذت عاصفة حرب الجوامع تنتقل من منطقة الى اخرى. 

وامام هذا الكم الهائل من الغليان  في الشارع العراقي بدى الجميع منصدما بشدة المشهد وبردة الفعل 

العكسية التي سرعان ما أخذت مآخذ اخرى تنوعت في طبيعتها , فمن الهجوم على الجوامع والحسينيات الى القتل العشوائي الى نذر الحرب الاهلية التي بدت تلوح في الافق. 

وبدى القلق يسود في جميع الاجواء الدولية والاقليميه والعربية، اما قوات الاحتلال فهي الاخرى لم تحرك ساكنا بل وبدى المشهد لها على انه انفلات كامل في جميع الامور  وفضلت البقاء بعيدا لمعرفة ما ستتمخض  عنه الامور، لعل الحالة لم تكن جيدة قبل الحدث ولكنها يقينا ازدادت تعقيدا  بل وخطورة واصبح الوقت فيها له دور قياسي. 

وعلى ضوء هذه الاحداث المتسارعة  والخطيرة اجتمع اكبر مراجع الشيعة في النجف الاشرف في مقر سكن السيد السيستاني ,وفي نهاية اللقاء  اصدر المجتمعون بيانا طالبوا فيه الجميع التحلي بروح الصبر والتهدئه والتعبير عن شدة الفاجعه بالطرق السلمية كالتظاهرات والاحتجاجات بدون اللجوء الى وسائل تؤدى الى تصعيد وتازم الموقف المتازم اصلاََ ، ويعد هذا اللقاء الاول من نوعه بين المراجع في النجف الاشرف منذ عهد كبير مما دلل على اهمية وجسامة الحدث. 

 نبذه تاريخية عن مدينة سامراء  

يعتبر مشهد الامامين علي الهادي والحسن العسكري عليهما السلام اهم معالم سامرّاء ومن اهم المعالم المقدسة في العراق، وفيها مشهد صاحب الزمان (عج) وقبة سرداب الغيبة وقبر السيدة نرجس زوج الامام العسكري المتوفاة سنة 260 هـ، وقبر السيدة حليمة بنت الامام الجواد عليه السلام، ومرقد السيد محمد بن الامام علي الهادي عليه السلام المتوفى سنة 252 هـ، وقبر ابي هاشم داود من ذرية عبدالله بن جعفر، ومقر الامام محمد الدرّي الذي ينتهي نسبه الى الامام الكاظم عليه السلام المتوفى سنة 300 هـ. 

تقع المدينة على الضفة الشرقية لنهر دجلة وتبعد نحو 118 كم إلى الشمال من العاصمة بغداد، وتقع على خط طول 43 درجة و45 دقيقة ، وعلى خط عرض 34 درجة و35 دقيقة، يحدها من الشمال تكريت ، ومن الجنوب بغداد ، ومن الغرب الرمادي ، ومن الشمال الغربي الموصل ، ومن الجنوب الشرقي ديالى.   

بنيت المدينة  لتكون عاصمة الامبراطورية العباسية ، وكان المكان الذي شيدت عليه المدينة مستوطنا منذ أقدم العصور، وكان لسكانه نصيب من الحضارة تمتد إلى عصور سحيقة، ولما انتقل المعتصم العباسي من بغداد إلى سامراء، راح يفتش عن موضع لبناء عاصمته الجديدة، فلما كان يتحرى المواضع وصل إلى موضع يبعد عن بغداد 118 كم ، فوجد فيه ديرا للمسيحيين ، فأقام فيه ثلاثة أيام لتتأكد له ملاءمة المحل، فاستحسنه واستطاب هواءه ، واشترى أرض الدير بأربعة آلاف دينار، وأخذ في سنة ( 221 هـ ) بتخطيط مدينته التي سميت ( سر من رأى) ، وعندما تم بناؤها انتقل مع قواده وعسكره اليها ، ولم يمض إلا زمن قليل  حتى قصدها الناس وشيدوا فيها مباني شاهقة ، واشتهرت بسامراء، وهي كلمة مشتقة من ( سر من رأى ) يوم كانت المدينة عامرة ومزدهرة ، ثم اصبحت (ساء من رأى ) لما تهدمت وتقوضت عمارتها. 

التوسعة والاعمار: 

 ـ قام هارون الرشيد بحفر أول نهر في المدينة وشيد قصراً له سمي باسمه وأراد أن يبني مدينة  في منطقة القاطول لكنه لم يتمها. 

 ـ في عهد المأمون العباسي ( 198 ـ 218 هـ ) بنيت قرية المطيرة التي كانت من منتزهات بغداد وسامراء. 

 ـ في سنة 245 هـ بنى المتوكل العباسي مدينة المتوكلية وشيد المسجد الجامع ومئذنته الشهيرة ( الملوية).  

 ـ ( بعد سنتي 254 هـ وسنة 260 هـ) ولما توفي الامامان علي الهادي والحسن العسكري (  عليهما السلام ) اتخذ مرقدهما مزاراً بنيت حولهما العمارات وانشئت الدور والمنازل العامة فحافظت المدينة على عمرانها الى ما بعد انقراض الدولة العباسية. 

 ـ سنة ( 333 هـ ) وسع ناصر الدولة الحمداني المدينة وأحاطها بسور. 

 ـ سنة ( 1250 هـ ) عمر الشيخ زين العابدين السلماسي سور المدينة ، وانفق على تعميره احد  ملوك الهند.

 

 ـ سنة ( 1299 هـ / 1881 م ) بنيت أول مدرسة ابتدائية في مدينة سامراء.

 

 ـ سنة ( 1294 هـ / 1878 م ) ايام الدولة العثمانية نصب أول جسر على نهر دجلة يربط مدينة سامراء بالضفة الاخرى له. 

 ـ سنة ( 1258 هـ ) أعاد الملك أمجد علي شاه بناء سور المدينة وتعميره بواسطة السيد إبراهيم بن السيد باقر القزويني. 

 ـ قام الميرزا محمد حسن الشيرازي بعدة اعمال في المدينة وجعلها مركزاً علمياً مرموقاً اذ بنى  مدرسة علمية كبيرة لازالت باقية الى اليوم. 

 ـ سنة ( 1375 هـ / 1955 م ) أمرت الحكومة بشق شارع يمتد من باب القاطول حتى باب الحضرة العسكرية ، بعد تهديم الباب المذكور ، وبنت صرحاً لها ودوراً للبلدية ومستشفى ومدرسة ودائرة للبرق والبريد. 

 ـ سنة ( 1952 م ) بوشر العمل بتنفيذ مشروع الثرثار الذي يعتبر من أهم المشاريع الاروائية   في المدينة.  

المعالم:

 

 كان يحيط بالمدينة سور مضلع على شكل يميل إلى الاستدارة ، يبلغ طول محيطه 2 كم ، ولايتجاوز قطره 680 م ، مبني بالجص والآجر يصل ارتفاعه إلى 7 م ، وكان له 19 برجا وأربعة ابواب ، هي باب القاطول ، وباب الناصرية ، وباب الملطوش ، وباب بغداد ، وظل هذا السور ماثلا للعيان حتى سنة ( 1356 هـ / 1936 م ) ، واكثر بيوت المدينة مبنية بالاجر وتنتشر في ارجائها الحدائق العامة والخاصة ، وفتح فيها متحف وضعت فيه المخطوطات والمصورات المهمة عن اثارها ، وفي مدخل المدينة يقع مشروع الثرثار الذي يقي بغداد من الغرق. 

 احياؤها السكنية:  

لقضاء سامراء ثلاث نواح هي: تكريت ، بلد ، الدجيل ( مركز قرية سميكة). 

 أما محلاتها فهي: محلة العابد، ومحلة البوجول، ومحلة البوبدري، ومحلة البونيسان، والمحلة الغربية، ومحلة القاطول، ومحلة القلعة، والمحلة الشرقية. 

 شوارعها: 

 شارع الخليج ، وشارع السريحة ( يعرف بشارع الاعظم ) ، وشارع الحير الاول ، وشارع أبي أحمد بن الرشيد ، وشارع برغمش التركي. 

 مساجدها:  

جامع سامراء الكبير الذي شيده المعتصم عند بداية بناء المدينة سنة ( 221 هـ)، وجامع القلعة، ومسجد حسن باشا ، ومسجد حميد الحسون ، ومسجد سيد درويش، ومسجد البورحمان ، ومسجد علي بن أبي طالب (ع)، ومسجد الحاج صالح الرحماني ، ومسجد الارقم، ومسجد أولاد الحسن (ع)، وجامع الفاروق. ويعتبر جامع أبي دلف وملويته والذي يبعد نحو 15 كم عن شمال المدينة من الآثار العباسية المهمة في المدينة. 

 معالمها الاثرية: 

 المئذنة الملوية ، والنافورة ، وقصر بلكوارا ( شيده المعتز سنة 247 هـ) ، وقصر العاشق والمعشوق ( شيده المعتمد العباسي سنة 264 هـ) ، وقصر المعتصم ( الجوسق الخاقاني) ، وقصر المختار ، والقصر الوزيري ، وقصر العروس ، والقصر الجعفري ، ومدينة المتوكلية ( على بعد 10 كم شمال مدينة سامراء) ، وقصر الجص ، وبركة السباع ، والقبة الصليبية ، ودار العامة ، وتل الصوان ، وسور سامراء. 

 مدارسها:

 

المدرسة العلمية الجعفرية ، والمدرسة العلمية السنية. 

 خزائنها ومكتباتها:  

خزانة محمد بن عبدالملك الزيات ، وخزانة الفتح بن خاقان ، والخزانة الكندية ، وخزانة علي بن يحيى المنجم ، ومكتبة العسكريين العامة ، ومكتبة الامام محمد المهدي ، ومكتبة سامراء العامة ، ومكتبة ابن بطوطة ، ومخطوطات المكتبة العسكرية العامة في مدرسة الامام الشيرازي (قدس سره ).  

من ذاكرة التاريخ: 

 ـ جعل خمسة خلفاء عباسيين مدينة سامراء عاصمة لهم ، هم المنتصر ، والمستعين ، والمعتز ، والمهتدي ، والمعتمد ، بالاضافة إلى المعتصم والمتوكل ، وظلت مقرا للخلافة العباسية فترة تقرب من 58 عاما ، تمتد من سنة(220 هـ ) إلى سنة ( 279 هـ). 

 ـ سنة ( 223 هـ ) وصل الافشين  (القائد العسكري للمعتصم ) مدينة سامراء ومعه بابك واخوه اسيرين. 

 ـ سنة ( 247 هـ ) اغتيل المتوكل وتولى الحكم من بعده المنتصر ، فانتقل إلى سامراء ، وأمر الناس جميعا بالانتقال إلى الماحوزة ، وأن  يهدموا المنازل ويحملوا النقض إلى سامراء ، وخربت قصور الجعفري ومنازله ومساكنه وأسواقه. 

ـ سنة ( 254 هـ ) توفي الامام علي الهادي ( ع ) ودفن في داره. 

 ـ سنة ( 255 هـ ) ولد فيها الامام الحجة المنتظر ( عج). 

 ـ بنى المتوكل لنفسه مدينة المتوكلية ، واتخذها موقعا له ولأتباعه حتى كادت سامراء تخلو من أهلها. 

 ـ سنة ( 260 هـ ) سجن الامام الحسن العسكري ( ع ) وفي السنة نفسها توفي عليه السلام ودفن الى جوار ابيه. 

 ـ سنة ( 279 هـ ) ترك المعتمد المدينة ليتخذ من بغداد مستقرا له ، قبل ستة أشهر من وفاته سنة ( 279 هـ). 

 ـ بعد أن اتخذ الخلفاء العباسيون بغداد عاصمة لهم، هجرت مدينة سامراء وأذن ذلك بخرابها. 

 ـ سنة ( 445 هـ ) وقعت حرب البساسيري والسلجوقيين في المدينة. 

 ـ سنة ( 1286 هـ / 1869 م ) أصدر الوالي مدحت باشا أمرا بجعل سامراء قضاء تابعا إلى بغداد ، وكان أول قائم مقام لها هو (علي بك). 

 ـ سنة ( 1292 هـ ) هاجر الميرزا محمد حسن الشيرازي من النجف إلى سامراء وعاش فيها 20 عاماً وتوفي فيها سنة 1312 هـ. 

 ـ سنة ( 1296 هـ / 1879 م ) هاجم الهماوند ( جماعة من الاكراد ) مدينة سامراء ونهبوها. 

 ـ سنة (1309 هـ /1891م )حاولت الشركات البريطانية احتكار زراعة وبيع التنباك في إيران ، فتصدى الميرزا محمد حسن الشيرازي الذي كان في سامراء لهذه المحاولة واصدر فتواه الشهيرة بتحريم بيع التنباك ، مما اضطر الشاه إلى إلغاء الامتيازات. 

 ـ سنة ( 1335 هـ / 1917 م ) احتل الانكليز مدينة سامراء إبان الحرب العالمية الاولى. 

 ـ سنة ( 1335 هـ ) صعد بعض السراق إلى مشهد الامامين علي الهادي والحسن العسكري عليهما السلام ، وقلعوا 25 طابوقة مغلفة بالذهب من قبة المشهد. 

 ـ سنة ( 1343 هـ / 1924 م ) حدث وباء الكوليرا في المدينة ، وكثرت الاصابات وارتفعت الوفيات ، وهرب أغلب الاهالي منها. 

 ـ سنة ( 1920 م ) امتدت ثورة العشرين إلى سامراء وشارك أهلها فيها بجهود السيد محمد الصدر. 

 ـ سنة 1976 م الحقت المدينة كمركز قضاء تابع لمحافظة صلاح الدين بعد ان كانت تابعة الى بغداد. 

 الشخصيات المهمة:

 

عاش وتوفي فيها الامامان علي الهادي والحسن العسكري ( ع ) ، وأقام فيها الامام السيد محمد حسن الشيرازي ( توفي سنة 1312 هـ ) ، ومن أعلام المدينة ابراهيم بن محمد بن منصور بن موسى السامري ، وابراهيم بن ابي العباس ابو المياس الراوية السامري ، وأحمد بن الحسن بن حسان السامري ، وأحمد بن السري بن سنان ابو بكر الاطــروش ، ومحمد بن ادريـس الســامري ، ومحمد بن الحسن بن زيد الســامري ، ومن علـــمائها أحمد محـمد أمــين الراوي ، وأيـوب توفيق الخطيب.  

وبعد البيان التاريخي لهذه المدينة التي ارتبط عنوانها في الوقت الحاضر باسم شبح الحرب الاهلية والانفلات الدموي في الشارع العراقي, فان الاعلام لم يكن بالصوت الغائب او الخافت والقليل في تجيش الحدث الجلل وتسيره باتجاه الاهواء المتصارعة والمتصادمه وكلا لديه ادلة واستنتاجات في كيفية ربط اسباب الحدث بأهدافه .   

(الشرق الاوسط27/2/ 2006 ) اعتقال 10 في  تفجيرات سامراء بينهم 4 من حراس المرقد، والصدر يعين لجنة لضبط جيش المهدي 

 حيث  اعطت الشرق الاوسط في مساحتها الرئيسيه تغطيه خاصة للحدث مركزة في تحليلها على اهم ما تناقلتة الانباء عن المسؤوليين العراقيين حيث قالت(أعلن موفق الربيعي مستشار الأمن القومي العراقي لشبكة «سي. إن. إن» الاميركية أمس انه تم توقيف عشرة أشخاص مشتبه فيهم في اطار التحقيق في تفجير المقام الشيعي في سامراء الاربعاء، بينهم أربعة حراس للمسجد المذهب. 

وقال الربيعي ان العراقيين «اثبتوا انهم تجاوزوا هذا الاختبار، وأظهروا مجددا للقاعدة والعالم انهم لن ينجروا أبدا الى حرب أهلية». وتابع ان تنظيم القاعدة يسعى الى «إحداث انقسام بين السنة والشيعة في العراق، ويحاول ذلك منذ عامين ونصف العام لكنه أخفق». 

الى ذلك, اسفر اجتماع عقده الليلة قبل الماضية زعماء الكتل البرلمانية والاحزاب الرئيسية في العراق لمواجهة تدهور الوضع الأمني خلال الايام الماضية عن اتفاق على تسريع العملية السياسية، بما فيها تشكيل حكومة وحدة وطنية، فيما افيد عن مسعى لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر للسيطرة على ميليشيا «جيش المهدي» التي اتهمها السنة بالهجوم على مساجدهم. من ناحيته دعا الصدر في البصرة التي وصل اليها امس عائدا من جولة اقليمية عبر ايران الى تنظيم تظاهرة سلمية مشتركة شيعية سنية للمطالبة بخروج القوات المتعددة الجنسيات والى التآخي بين الشيعة والسنة. 

 (الصباح 27/2/2006) جريمة نكراء قد تقلب الطاولة على الجميع إذا لم يسارعوا إلى احتوائها  

اما الصحف العراقية التي توقفت عن الصدور لمدة الاسبوع تقريبا بسبب حظر التجوال المفروض في بغداد من قبل الحكومة فقد حاولت الاخرى تجيش العواطف وتسيرها باتجاه الوحدة الوطنية والعمل الجاد والسريع لاكمال ملفات الحكومة الجديدة ،حيث قالت الصباح. 

(التفجير الاجرامي الغادر لقبة مرقد الامامين الهادي والعسكري في سامراء يوم امس مرشح ان يقلب الطاولة العراقية على اهلها جميعاً، ما لم تتم ادانته من جميع القادة السياسيين والدينيين من جهة، وما لم يتم التحرك السريع من اجل تهدئة النفوس وضبط الاعصاب وتطويق مضاعفاته المحتملة،فالحادث يمثل انتهاكاً صارخاً لقدسية موقع يحظى باهمية دينية بالغة في نفوس عامة المسلمين في العراق، والمسلمين الشيعة بالخصوص، وليس من السهل احتواء مثل هذا الحادث الذي يرقى في خطورته الى مستوى حرق القدس من قبل اليهود قبل عقود من السنين.الحادث يخلط الادارات السياسية والمذهبية والاجتماعية في العراق، في وقت تتلكأ فيه الجهود من اجل لملمة هذه الاوراق، والخروج من المأزق السياسي الذي حل في البلد بعد اجراء الانتخابات البرلمانية في شهر كانون الاول الماضي. ليس سراً ان البلد ليس في احسن اوضاعه، وهو بالكاد يستطيع التقاط انفاسه وسط الاجواء المتلاطمة التي تعصف بالمشهد السياسي، خاصة وان الخلافات العقدية بين اطراف (الطبقة السياسية) باتت تؤخر وتعرقل اجتماع مجلس النواب وتعرقل تشكيل الحكومة وتحريك العجلة السياسية، ما يزيد في عمق الازمة العامة التي تعصف بالبلد، وهي ازمة لا تمثل رداءة الخدمات سوى احد اوجهها.)

 

   لماذا  سامراء؟!

 

قسم الرصد والتحليل/ مركز الدراسات والتطوير/ حركة الرفاه والحرية

 

لعل اغلب المتابعيين للمشهد العراقي ان لم يكن كلهم يجمعون على ان من اقدم على هذا التفجير لم يكن يبغي الزعزعه الامنيه فقط بل كان مخطط له منذ فتره ليست بالقصيره وضمن استراتيجيه كبيره ، ولم يكن يحتاج الا الى الوقت المناسب لذلك. 

 وعند العودة الى الوراء نلاحظ ان تفجيرات المراقد المقدسه كانت في وقت قد اتسمت فيه الساحه العراقيه بسخونة المشهد السياسي نتيجة المفاوضات المارثونيه بين الكتل السياسيه المشاركة في الانتخابات لتشكيل حكومة وحدة وطنيه. 

 فهي اذن كانت بمثابة رسائل بعثت الى اكثر من طرف في الساحة العراقيه. 

فالاغلبيه الشيعية( الطرف الاول) التي تعتبر ان الوقت حان لها كي تاخذ دورها المغيبه عنه قرون طوال قد حان وهي غير مستعدة للتنازل او التفاوض على حقوق يصعب الحصول عليها ان فرطت فيها مرة اخرى, والتفجيرات التي حدثت في سامراء كانت اقوى دليل استخدمه هذا الطرف على مظلوميته واستهدافه بدون رحمة من اطراف تراها الحركات الشيعيه لاتجد خط احمر قبالهم ولا مجال للاعتراف بها على الاطلاق . 

اما المكون العقائدي الثاني في الطرف المقابل وهم ابناء الطائفه السنيه فهم يرون ان الحدث كان بمثابة قميص الخليفه الثاني لتصفيتهم وجعل الحادث بمثابة العين العوراء في مناطقهم التي لم تبارحها تهمة الصداميين والتكفيريين  فضلا عن جرائم النظام السابق التي  تلصق بهم ، وهم بذلك يرون ان هنالك ايدي خفيه اقليمية تتربص الدوائر بهم لتضرب باسمهم جميع المكونات الاخرى وترفع شعارهم  ويتحملون هم نتائجها الكارثيه. 

اما الطرف الثالث وهم المستقلون و الطوائف الاخرى فهي ترى ان الرساله التي ارسلت الى اقوى طائفتين في العراق هي رساله قاسيه جدا لا تبشر بخير اطلاقا وهي ان مورست بحق تلك الاقليات فان مصيرهم سيكون غير محمود، لذلك فهي تلقتها برعب كبير لان اقدس المقدسات ضرب فما قولك في دون ذلك. 

ولنعد الان الى المخطط لهذا العمل.  

ان جميع العمليات التي حدثت وتحدث في العراق بعد الاحتلال اخذت انماط وصبغة الحركات الاسلاميه  المتصديه للاحتلال ، وهي تصاعدت في لهجة الحركات السنيه في اغلب المواضع. 

ورغم ان الحركات متعدة والفصائل المسلحه كانت من الكثرة بحيث تتشابك اسماؤها، الا ان تنظيم القاعدة في العراق ظل هو الابرز في عملياته والاكثر دمويه ضد من يراهم محتلين ومتواطئن مع الاحتلال. 

فهل كان تنظيم القاعدة وراء عملية سامراء؟ 

لعل المتابع لتاريخ هذا التنظيم يراه ذو فصل كبير من التخطيط والتنظيم  يمكّنه من اختراق منظومات كبيره من الاحتياطات الامنيه، وبنفس الوقت يملك نفس تكفيري غير مسبوق في ابتعاده عن جميع الطوائف الاسلاميه. 

وهولايتردد في اعلان الحرب على اي جهه يراها ضمن قانونه الفقهي واستراتيجيته تقع في خانة العملاء او المتواطئيين او ضمن نظرية الغرب الكافر،ولحين تفجيرات سامراء لم يكن هذا التنظيم يصرح بحرب غير الامريكان وكان يعتبر بعض الخطوط في الجهات الاخرى المتخذه موقف المقاومة ضدالاحتلال خطوط قريبه عليه ويعتبرها شرعيه في المقاومة الى جنبه والمتمثله في اغلب الاحيان بالتيار الصدري والخالصي. 

ولايخفى على  احد ان هذا التنظيم يرى من ضمن عقائده عدم الاعتراف باي قدسيه للآبنيه التي تضم قبور الائمه والصالحين، ويراها بدعه اوجدت في العصور المتاخرة. 

 وللعودة الى تفجير المراقد المقدسة نرى ان هذا التنظيم الذي دارت حوله الشبهات في تنفيذ العمل ، الا انه لم يتبنى العمل   بل وعمد بعد ذلك الى نشر بيان نفى مسؤوليته عنه وان كان لم يستنكره لعلمنا المسبق براي هذا التنظيم في هذ ه المراقد. 

 ان خط القاعده و تنظيماته في الاماكن التي ينشط فيها لايتردد في اعلان اي عمل يقوم به، وهذا ماحدث في تفجيرات عاشوراء الداميه في كربلاء في السنوات السابقه ، واغتيال شخصيات كبيره امثال عز الدين سليم وغيرها، وهذا قد يكون الشيء الايجابي الوحيد في هذا الخط ،لذا نرى ان نفي هذا التنظيم لهذا التفجير لايخلوا من الصحة وهو ان كان قد خطط للحادث فلا نعتقد انه يتخفى  من اعلانه ان لم يفتخر به. 

وعلى هذا الاساس وطبيعة ونوع الانفجار يمكن القول ان تفجيرات سامراء لاتخلوا من اليد الخارجية بغض النظر عن بعدها الجغرافي عن العراق ، وهذه اليد لاتترك صغيره ولاكبيره الا ودست انفها فيها لارباك الوضع،ويبدو انها مهيئه للعمل في تلك الظروف الخاصه وهي لاتخلوا من مصالح الدول الاقليميه او ان ترى العراق مقسم على اساس طائفي او مجزء عل شكل دويلات بعد ان تاخذ الحرب الاهليه منه ماخذها. 

ان لهذا التفجير مدلولات كثرة يمكن اجمالها بما يلي: 

1-  ان التفجير حدث في وقت كانت عقارب الساعة تشير الى تقدم نحو تشكيل حكومة وحدة وطنيه قد تساهم بشكل كبير في رص الصفوف ودفع الاطراف المتلاعبه بالمسرح السياسي العراقي ولاسيما الاحتلال الى جهة باب الخروج من العراق . 

2-  ان الاعبين على مسرح  العنف في العراق  كثر ومن بينهم من لايستطيع الاستمرار على طول الطريق ، وعليه فلابد من بديل لاستمرار العنف في الوقت الذي قد يغادر فيه هذا الطرف  الاراضي العراقية قسرا او رغبةُ ، ولابد من حرب تنوب عنه يكون ابطالها من الشعب العراقي من اي طائفة وعليه لابد من حرب طائفية تبدا بضربه قويه موجهه الى طائفة تحملت الكثير من القتل وتكون اليد الضاربه ذات لونا طائفيا مغايرا. 

3-  تحويل مسار العنف الجاري في العراق من مواجهة قوات الاحتلال ال مواجهات شيعيه سنيه  ومنها الى مواجهات سنيه- سنيه وشيعيه- شيعيه وهذا مابدى في الاونة الاخيرة في  نظرية المتطرفون والمعتدلون بغض النظر عن طائفتهم . 

4-  انشاء فجوة كبيرة وضرب الثقة المتواجدة بين الطوائف الشيعية والسنيه في البلد تمهيدا لتطبيق نظريات التهجير القسري المتبادل وانشاء الخطوط الفاصلة التي يسهل اختراقها بين الاطراف كافه. 

5-  وضع الحكومة السابقه في وضع حرج تمهيدا لسحب الثقة منها واسقاطها فضلا للدفع والاسراع بتشكيل حكومه هزيلة لا تاخذ الوقت الكافي في اختيار اعضاءها بجديه. 

والان وبعد مرورالعام على التفجير الكارثي ، تتفق اكثر الاراء على ان الحدث كان بالمستوى التخطيط والاختراق الاستخبارتي الذي يهدد بتكرار الحادث في اي بقعه مشرفه في العراق وهذا مايعيد لنا الصور المؤلمه في ردود الافعال غير المنضبطة والتي سيرت البلاد في دوامة العنف التي طالت الكثير من الابرياء,وهي كارثة من الوزن الثقيل بكل المعايير الدينية والسياسية والاجتماعية وهي تهدد بانفلات أزمّة البلد من عقالها، وخروج الفتنة الطائفية من قمقمها،وهنا بالضبط تكمن مسؤولية قادة البلد وصناع الرأي: رسميين وشعبيين، سياسيين ودينيين، في اقامة (دروع بشرية) تحيط بهذا البلد وتحميه من اعتداءات القوى الظلاميه. 

وعليه يمكننا ان نجعل من الذكرى السنويه الاولى للحادث الاليم ، مشروع لجمع الاراء المختلفه واعلان براءة الجميع من هذا الحادث تمهيدا لتصفية الاجواء واعادة الثقة المتزعزة بين مكونا ت الشعب ، وتنفيذ مشروع وطني لاعادة الاعمار يشترك فيه جميع العراقيون  وفي مقدمتهم اهالي سامراء الذين تحملوا شدة المصاب واقعيا  لان قدرهم ان يكون موقع تنفيذ  الجريمه في مدينتهم وهذا بلاشك سيبعث برسائل معاكسة للتي اراد المخططون زرعها على ارض الرافدين.  

 

 

 

موقع يا زهراء سلام الله عليها لكل محبي الزهراء سلام الله عليها فلا تبخلوا علينا بآرائكم ومساهماتكم وترشيحكم كي يعلو اسمها سلام الله عليها ونعلو معه