و فضلها أعظم من اللّيلة التّاسعة عشرة ، و ينبغي
أن يؤدّى فيها الاعمال العامّة لليالي القدر من الغسل و الاحياء و الزّيارة
و الصّلاة ذات التّوحيد سبع مرّات ، و وضع المصحف على الرّأس و دعاء الجوشن
الكبير ، و غير ذلك ، و قد أكّدت الاحاديث استحباب الغُسل و الاحياء و
الجدّ في العبادة في هذه اللّيلة و اللّيلة الثّالثة و العشرين ، و انّ
ليلة القدر هي احدهما ، وقد سُئل المعصوم (عليه السلام) في عدّة أحاديث عن
ليلة القدر أي اللّيلتين هي ؟ فلم يعيّن ،
بل قال: " ما أيسَر ليلتين فيما تطلبُ "
،
أو قال: " ما عَليْكَ اَنْ تَفعَلَ خيراً في
لَيلَتَيْنِ " ، و نحو ذلك ،
و قال شيخنا الصّدوق فيما أملى على المشايخ في مجلس
واحد من مذهب الاماميّة : " و من أحيى هاتين اللّيلتين بمذاكرة العلم فهو
أفضل " ،
ومنها ما رواه في الكافي مسنداً و في المقنعة و
المصباح مرسلاً ، تقول أوّل ليلة منه أي في اللّيلة الحادية و العشرين:
" يا مُولِجَ اللَّيْلِ فِي النَّهارِ، وَ مُولِجَ
النَّهارِ فِي اللَّيْلِ ، وَ مُخْرِجَ الْحَيِّ مِنَ الْمَيِّتِ ، وَ
مُخْرِجَ الْمَيِّتِ مِنْ الْحَيِّ ، يا رازِقَ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِساب
، يا اَللهُ يا رَحْمـنُ ، يا اَللهُ يا رَحيمُ ، يا اَللهُ يا اَللهُ يا
اَللهُ لَكَ الاَسْماءُ الْحُسْنى ، وَ الاَمْثالُ الْعُلْيا ، وَ
الْكِبْرِياءُ وَ الالاءُ ، اَسْاَلُكَ اَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد وَ
آلِ مُحَمَّد ، وَ اَنْ تَجْعَلَ اسْمي في هذِهِ اللَّيْلَةِ فِي
السُّعَداءِ ، وَ رُوحي مَعَ الشُّهَداءِ ، وَ اِحْساني في عِلِّيّينَ ، وَ
اِساءَتي مَغْفُورَةً ، وَ اَنْ تَهَبَ لي يَقينَاً تُباشِرُ بِهِ قَلْبي ،
وَ اِيماناً يُذْهِبُ الشَّكَّ عَنّي ، وَ تُرْضِيَني بِما قَسَمْتَ لي ،
وَ آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الاخِرَةِ حَسَنَةً ، وَ قِنا
عَذابَ النّارِ الْحَريقِ ، وَ ارْزُقْني فيها ذِكْرَكَ وَ شُكْرَكَ ، وَ
الرَّغْبَةَ اِلَيْكَ وَ الاِنابَهَ وَ التَّوْفيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ
مُحَمَّداً و آلَ مُحَمَّداً عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمُ السَّلامُ " .
روى الكفعمي عن السّيّد ابن باقي ، يقول في
اللّيلةِ الحادية و العشرين :
" اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد ، وَ آلِ
مُحَمَّد وَ اقْسِمْ لي حِلْماً يَسُدُّ عَنّي بابَ الْجَهْلِ ، وَ هُدىً
تَمُنُّ بِهِ عَلَيَّ مِنْ كُلِّ ضَلالَة ، وَ غِنىً تَسُدُّ بِهِ عَنّي
بابَ كُلِّ فَقْر ، وَ قُوَّةً تَرُدُّ بِها عَنّي كُلَّ ضَعْف ، وَ عِزّاً
تُكْرِمُني بِهِ عَنْ كُلِّ ذُلٍّ ، وَ رِفْعَةً تَرْفَعُني بِها عَنْ
كُلِّ ضَعَة ، وَ اَمْناً تَرُدُّ بِهِ عَنّي كُلَّ خَوْف ، وَ عافِيَةً
تَسْتُرُني بِها عَنْ كُلِّ بَلاء ، وَ عِلْماً تَفْتَحُ لي بِهِ كُلَّ
يَقين ، وَ يَقيناً تُذْهِبُ بِهِ عَنّي كُلَّ شَكٍّ ، وَ دُعاءً تَبْسُطُ
لي بِهِ الاِجابَةَ في هذِهِ اللَّيْلَةِ ، وَ في هذِهِ السّاعَةِ ،
السّاعَةَ السّاعَةَ السّاعَةَ يا كَريمُ ، وَ خَوْفاً تَنْشُرُ لي بِهِ
كُلَّ رَحْمَة ، و َعِصْمَةً تَحُولُ بِها بَيْني وَ بَيْنَ الذُّنُوبِ ،
حَتّى اُفْلِحَ بِها عِنْدَ الْمَعْصُومُينَ عِنْدَكَ ، بِرَحْمَتِكَ يا
اَرْحَمَ الرّاحِمينَ " .
و روي عن حماد بن عثمان
قال : " دخلت على الصّادق (عليه السلام) ليلة احدى و عشرين من شهر رمضان
فقال لي : يا حماد اغتسلت ، فقلت : نعم جعلت فداك، فدعا بحصير ثمّ قال :
اليّ لزقي فصلّ فلم يزل يصلّي و أنا اُصلّي الى لزقه حتّى فرغنا من جميع
صلواتنا ، ثمّ أخذ يدعو وأنا اُءَمِّن على دعائه الى أن اعترض الفجر ،
فأذّن وأقام ودعا بعض غلمانه فقمنا خلفه ، فتقدّم فصلّى بنا الغداة، فقرأ
بفاتحة الكتابِ وَ اِنّا اَنْزَلناهُ في لَيلَةِ الْقَدْرِ في الاُولى ، و
في الرّكعة الثّانية بفاتحة الكتاب و قُل هُوَ اللهُ اَحَدٌ ، فلمّا فرغنا
من التّسبيح و التّحميد و التّقديس و الثّناء على الله تعالى و الصّلاة على
رسول الله (صلى الله عليه و آله وسلم) و الدّعاء لجميع المؤمنين و المؤمنات
و المسلمين و المسلمات خرّ ساجداً لا أسمع منه الّا النّفس ساعة طويلة ،
ثمّ سمعته يقول لا اِلـهَ إلاّ اَنْتَ مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ وَ الاَبْصارِ
، الى آخر الدّعاء المروي في الاقبال " .
و روى الكليني انّه كان
الباقر (عليه السلام) ، اذا كانت ليلة احدى و عشرين و ثلاث وعشرين أخذ في
الدّعاء حتّى يزول اللّيل (ينتصف) فاذا زال اللّيل صلّى . و روى انّ النّبي
(صلى الله عليه وآله وسلم) كان يغتسل في كلّ ليلة من هذا العشر ، و يستحبّ
الاعتكاف في هذا العشر و له فضل كثير ، و هو أفضل الاوقات للاعتكاف ، و روي
انّه يعدل حجّتين و عمرتين ، و كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
اذا كان العشر الاواخر اعتكف في المسجد و ضُرِبت له قُبّة من شعر و شمّر
المئزَر و طَوى فِراشه و اعلم انّ هذه ليلة تتجدّد فيها أحزان آل محمّد و
أشياعهم ففيها في سنة أربعين من الهجرة ، كانت شهادة مولانا أمير المؤمنين
صلوات الله عليه .
و روى انّه ما رفع حجر
عن حجر في تلك اللّيلة الّا ، و كان تحته دماً عبيطاً كما كان ليلة شهادة
الحسين (عليه السلام) ، و قال المفيد (رحمه الله) : " ينبغي الاكثار في هذه
اللّيلة من الصّلاة على محمّد وآل محمّد والجدّ في اللّعن على ظالمي آل
محمّد (عليهم السلام)واللّعن على قاتل امير المؤمنين (عليه السلام) " .
|