القائمة الرئيسية
الصفحة الرئيسية الصفحة الرئيسية
القران الكريم القران الكريم
أهل البيت ع أهل البيت ع
المجالس    المحاضرات
المجالس   اللطــــميات
المجالس  الموالــــــيد
الفيديو   الفــــــيديو
الشعر القصائد الشعرية
مفاهيم اسلامية
اسال الفقـــيه
المقالات المقـــــالات
القصص الاسلامية قصص وعبر
القصص الاسلامية
الادعية الادعيةوالزيارات
المكتبة العامة المكتبة العامة
مكتبة الصور   مكتبة الصور
مفاتيح الجنان مفاتيح الجنان
نهج البلاغة   نهج البلاغة
الصحيفة السجادية الصحيفة السجادية
اوقات الصلاة   اوقات الصلاة
 من نحــــــن
سجل الزوار  سجل الزوار
اتصل بنا  اتصــــل بنا
  مواقع اسلامية
خدمات لزوار الموقع
ويفات منوعة ويفات منوعة
ويفات ملا باسم الكلابلائي ويفات ملا باسم
ويفات ملا جليل الكربلائي ويفات ملا جليل
فلاشات منوعة فلاشات مواليد
فلاشات منوعة فلاشات منوعة
فلاشات منوعة فلاشات احزان
ثيمات اسلامية ثيمات اسلامية
منسق الشعر
فنون اسلامية
مكارم الاخلاق
كتب قيمة
برامج لكل جهاز


قليل من وقتك رشحنا لافضل المواقع الشيعية ان احببت شكر لكم

 

 

 

الإصلاح والستر أفضل من العقاب*

 

 

 

(95)

كان السيد أحمد الروحاني القمّي رحمه الله عالماً مجتهداً وخطيباً بارعاً يرتقي المنبر، سمعت منه بعض القصص الغنية بالمواعظ والعبر، وقد حكى مرة فقال:
اتصل بي في أحد الأيام شخص وطلب مني أن أحضر لتشييع جنازة أحد المؤمنين، فاعتذرت منه وقلت له: إنني لا أعرف المتوفى
وربما كانت لدى السيد الروحاني التزامات أخرى كان يراها أهمّ، وإلا فإن تشييع المؤمن أمر قد حثّت عليه الروايات كثيراً، ولا يشترط فيه معرفة المتوفى – فقال لي: ولكنه إنسان مؤمن، فأرجو أن تحاول حضور تشييعه وإن لم تعرفه.
يقول السيد الروحاني: فوافقت بعد ذلك، ولما حضرت التشييع لفت انتباهي شخص من المشيّعين يبكي بكاءً مرّاً، مع أنه لم يكن من ذوي أقرباء الميت، لأرى أحداً يقدّم له التعازي، وعندما اقتربت منه سألته: هل أنت ابن المرحوم؟ فقال: لا. قلت: فمن أقربائه؟ قال: لا. قلت: فكيف هذا البكاء عليه، وما هو السبب؟ قال: لذلك قصّة سأحدثك عنها بعد انتهاء التشييع.
وبعد انتهاء مراسم التشييع جلست أستمع الى قصّته، فقال: كنت رجلاً فقيراً ومعيلاً وأخجل أن أمدّ يدي إلى أحد، ولم يكن المال الذي أكسبه يكفي لمعيشتي وعائلتي، فقد كنت استأجرت لهم غرفة في مكان متواضع وبأجرة زهيدةٍ، وعندما طالبني المؤجّر بالزيادة، اضطررت لنقل عائلتي إلى مكان آخر أزهد منه، وكنت أغيّر مكاني كل سنة للسبب ذاته، فمكثت على هذه الحال أعاني من شظف العيش وصعوبة الحياة، حتى اتفق في أحد الأيام أن التقيت بهذا الرجل، ولكن أيّ لقاء؟!
كنت قد دخلت المسجد لأداء الصلاة، وكانت الجماعة منعقدة والصفوف متراصّة، ولم أجد مكاناً بين الصفوف فوقفت بمفردي خلف الصفوف، وإذا بهذا الرجل الذي شيّعنا جنازته قد جاء ـ ولم أكن أعرفه قبل ذلك ـ فوقف بجانبي، وقبل أن يكبّر تكبيرة الإحرام أفرغ ما في جيبه ووضعه أمامه ـ لعلّه كان يلتزم بالآداب الإسلامية في هذا المجال، فثمة أشياء يكره للمصلي حملها أثناء الصلاة ـ ثم التحق بالمأمومين لأداء صلاة الجماعة وكانوا في حالة الركوع، فلفت انتباهي أن من بين الأشياء التي وضعها أمامه خاتماً من ذهب، وفجأة قفزت إلى ذهني فكرة سرقته، مع أني لم أكن قد تجرأت يوماً للسرقة قبل ذلك - وكنت في ذلك اليوم أمرّ في أسوأ حالاتي الماديّة، حتى أنه لم يكن عندي ما أبتاع به طعاماً لعائلتي ـ فبقيت متردداً لحظات أحدّث نفسي وتحدّثني، وأجذبها وتجذبني، أأسرقه أم لا؟ وأخيراً جذبتني فطاوعتها على سرقته وبدأت أخطّط لذلك وأراقب الرجل هل هو منتبه للأشياء التي وضعها أمامه، أم هو غارق في الصلاة ليس ملتفتاً لشيء سواها؟ فرأيته غارقاً في صلاته، فقرّرت أن أشرع بسرقة الخاتم حالما نهوي الى السجود ـ لأن المسافة بين موضعي سجودنا لم يكن كثيراً، وهذا لا يتطلّب مني سوى أن أسبقه في رفع رأسي من السجود لكي أضع يدي على الخاتم قبل أن يرفع هو رأسه ثم أسحبه في خفّة وأضعه في جيبي وأواصل صلاتي لئلا ألفت انتباهه فضلاً عن غيره، ثم أغادر بمجرد أن تنتهي الصلاة ـ ولكني لم أجرؤ على القيام بذلك في سجود الركعة الأولى ولا الثانية ولا الثالثة، حتى بلغنا السجدة الثانية من الركعة الرابعة والأخيرة، وفي تلك اللحظة قرّرت أن أقوم بالمجازفة مهما كلّف الأمر، وفعلاً أنجزت الأمر أخيراً، ووضعت يدي على الخاتم وسحبتُهُ، ووضعتُ يدي على رجلي، إلا أنني كنت متوجّساً خيفة علّه قد رآني، فصرت أرقبه باختلاس فرأيته كأنّه غير منتبه ولم يبد أيّ رد فعل، ولكن مع ذلك بدأت دقّات قلبي تتسارع وبدأت أفكّر كيف أفرّ بالخاتم إذا انتهت الصلاة، وبينما الأفكار كانت تمزّقني نفذ الى سمعي صوت الإمام قائلاً: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ولما هممت بالقيام وضع الرجل يده على يدي وقال لي: الخاتم لك!! ولكن قل لي: لماذا فعلت فعلتك هذهِ؟ وعندما سمعته يقول لي: "الخاتم لك" اطمأننت قليلاً وهدأ قلبي وقلت له: صدّقني إنها المرة الأولى وإني لم أسرق قبلها في حياتي قطّ. فقال: هذا بادٍ عليك لأن وجهك مصفرّ ويديك ترتعشان وبدنك يرتجف، فأخبرني عن شأنك؟ يقول: فقلت له: أنا رجل معيل وقد أضرّ بي الفقر، حتى بلغ بي الحال أن لا أقدر على تأمين قوت أهلي. فقال لي: الخاتم لك ولكن إياك أن تبيعه بثمن بخس، وأضاف: أنا رجل غني وجديد عهد بالزواج، وقد اشتريت هذا الخاتم لأقدّمه هدية لزوجتي، ولكن لا بأس سأشتري لها غيره، ولكني أنصحك أولاً أن لا تفرّط به وتعرف قدره لئلا يغشّوك. وثانياً أن لا تتفاجأ ـ فيما إذا أصررت على بيعه ـ حين تذهب إلى بائع الذهب لأنه ربما ينكر أن يكون هذا الخاتم لك، واذا ما حصل هذا ولكي تتخلّص من مساءلته قل له: إن فلاناً ـ وذكر لي اسمه ـ يعرفني وكان الأمر كما أخبرني بالفعل، فعندما أعطيته بائع الذهب أخذ ينظر إليه وينظر إليّ ثم قال: من أين أتيت بهذا الخاتم؟! قلت: هو خاتمي. قال: ليس خاتمك!! قلت: إن كنت تشتريه فادفع لي ثمنه وإلا فادفعه لي لكي أنصرف. قال: لا أدفع ثمنه ولا أسلّمه لك إلا في مركز الشرطة. فقلت له: إن فلاناً يعرفني ويعرف أن هذا الخاتم لي. ولكنه لم يقتنع وطلب مني أن أحضره لكي يشهد لي عنده. وبالفعل حضر الرجل وشهد عند بائع الذهب أنه يعرفني وأن الخاتم خاتمي، فأعطاني بائع الذهب حينها ثمنه وخلّى سبيلي.
ولكن هذا الرجل ـ صاحب الخاتم ـ لم يتركني بل لحقني وقال لي: ولكن قل لي ماذا ستصنع إذا نفد ثمن الخاتم؟ فلم أحر جواباً حينها. ولما عرف حيرتي سلّمني مبلغاً مناسباً من المال واقترح عليّ أن أشتري به بيتاً صغيراً في منطقة مناسبة، وعندما وافقت على اقتراحه لم يتركني أيضاً بل ظل يبحث معي حتى وجد لي بنفسه منزلاً يتكون من طابقين وقال لي: اسكن في أحدهما واعمل على تأجير الطابق الثاني لكي تستفيد من عائد إجارته في تمشية أمورك المعاشية حالما تجد عملاً يسدّ الحاجة.
ومرّت عليّ السنوات بعد ذلك وقد خفّ ثقل الماضي عني ولم يعد يقلقني شئ من ضنك العيش الذي كنت اعاني. أفلا ترى أن من حقّه علي أن أبكيه من كلّ قلبي، إزاء احسانه لي، كيف لا وهو الذي ستر عليّ العائبة ولم يحدّث أحداً بصنيعه هذا وكرمه إليّ؟!
اُنظروا كيف أن ستر العائبة من قبل هذا الرجل التاجر أخذت بيد إنسان كان على شفير السقوط في الهاوية، فربما لو كان هذا الرجل قد صاح به ونهره وأذاع به أثناء سرقته الخاتم لسقطت شخصية وانهارت كرامته ولم يبال بعدها بما سيؤول إليه أمره؛ لسقوطه عن أعين الناس، ولتحوّل من إنسان بسيط إلى سارق محترف يضرّ نفسه والمجتمع.
إن ذلك الرجل صاحب الخاتم يمكنه أن يفتخر بنفسه بين يدي مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله يوم القيامة ويقول بأني قد غيّرت ذلك الرجل من سارق إلى إنسان صالح. فحريّ بالمؤمنين أن يقوموا بمثل هذه الأعمال وأن يهيّئوا مقدمات التوبة لجيل الشباب ولأقاربهم وأرحامهم حتى يمكنهم أيضاً أن يشكروا الله تعالى على هذا التوفيق بين يدي مولاتنا فاطمة المعصومة سلام الله عليها وأن يفتخروا بمثل هذه الأعمال.


*  من محاضرة (إفشاء العارفة وستر العائبة)/ ألقيت المحاضرة بتاريخ 22 صفر عام 1422 للهجرة.

موقع يا زهراء سلام الله عليها لكل محبي الزهراء سلام الله عليها فلا تبخلوا علينا بآرائكم ومساهماتكم وترشيحكم كي يعلو اسمها سلام الله عليها ونعلو معه