(84)
حبّ الزرادشتي للإمامين الحسين والرضا *
حول فضل التمسك بأئمة أهل البيت صلوات
الله عليه وحبّهم وإحياء أمرهم قال سماحته: نقل لي فضيلة
السيد جواد اليزدي ـ أحد فضلاء مدينة يزد الإيرانية ـ أنه
قال: كان يتردد علينا رجل مسن من الزرادشتية وكان يجلس
معنا للحديث حول أمور مختلفة، فقلت له ذات مرة: ألا تسلم؟
قال: لا.
قلت له: لماذا؟
قال: لأني لم أر أمراً سيّئاً في ديني.
يقول السيد اليزدي: في إحدى جلساتي مع هذا الرجل قال لي:
أذكر لك شيئاً وهو أني أحبّ إمامكم الحسين وأحضر مجالسه
وأبكي عليه، وأحبّ إمامكم الرضا أيضاً وكنت أتشوّق كثيراً
إلى زيارة مرقده، خصوصاً عندما كنت أشاهد مواكب السيارات
في شوارع المدينة وهي تقلّ الزوّار في طريقها إلى مدينة
مشهد. وذات مرة شاهدت سيارة فيها اُناس لا أعرفهم ولا
يعرفونني وهم عازمون على الذهاب إلى مشهد، فتقدّمت نحوهم
وقلت لهم:
أريد الذهاب إلى مشهد، فهل لي مكان في سيارتكم؟
قالوا: نعم، تفضل. فذهبت معهم إلى مدينة مشهد، وعندما وقفت
أمام الروضة الرضوية المقدسة أخذتني العبرة وسالت دموعي،
وطرت من الفرح والشوق، وكنت أتحاشى الدخول للصحن لأني برأي
المسلمين نجس. ولكني لم أتحمّل ذلك فقرّرت أن أشتري
جوراباً وألبسه وأدخل الصحن الشريف حتى لا يتنجس، ففعلت
ذلك ودخلت الصحن وبكيت كثيراً هناك، فارتاحت نفسي واستقرّت
وأحسست بخفتها.
ثم شاهدت الناس يطوفون حول الضريح الطاهر ويلمسونه، فقلت
مع نفسي أنه يجب عليّ أن ألمسه. فخرجت من الصحن وذهبت إلى
إحدى الدكاكين واشتريت قفازاً ولبسته ثم رجعت إلى الصحن
الشريف ودخلت إلى المرقد ولمست الضريح، فازددت فرحاً وخفة،
ولم أفرح في عمري كلّه فرحة كهذه.
يقول السيد اليزدي: انقطع عنّا هذا الرجل لفترة، وبعدها
جاء أولاده وقالوا: لقد مات أبونا يوم أمس، وقبل وفاته قال
لنا: إذا مت فلا تعملوا مع جنازتي أي شيء، واذهبوا إلى
السيد جواد اليزدي وقولوا له تصرّف مع الجنازة كما ترى.
إن الدنيا لا تعرف شيئاً عن أهل البيت صلوات الله عليهم،
وحقيقة إن عرفوا أهل البيت فسيتبعونهم. وهذا بحاجة إلى بذل
الهمم من قبل الجميع وبالأخصّ العلماء والمثقفين.
|