(59)
تأليف وتبليغ وشهادة فهداية ! *
كُتب في حاشية كتاب (وسائل الشيعة) للحرّ
العاملي رضوان الله تعالى عليه:
ألّف أحد الشباب كتاباً عن أمير المؤمنين سلام الله عليه... وحيث
كان من أهل الكوفة ذات الطابع الشيعي المطلق، فقد التقى عدداً من
شخصيات المدينة، وعرض عليهم كتابه، فوقع منهم جميعاً موقع القبول،
ثم كشف لهم عن نيّته في نشر هذا الكتاب... ولم تكن في ذلك الزمان
مطابع كما هي الآن لتكون عملية النشر عملية يسيرة، وإنما كان
الاستنساخ باليد أو القراءة على أسماع الناس هو الطريقة لنشر
الكتب.
فاقترح عدد من الشخصيات على المؤلّف الشاب أن لا يخرج به من
العراق، وأن يكتفي بنشره في مدنه، نظراً لوجود النواصب وأعداء
الشيعة خارج العراق.
ولكنه سألهم عن شرّ الأماكن وأخطرها عداءً للشيعة، فقيل له بأن
أسوأ المناطق مدينة أصفهان المعروفة آنذاك بعدائها الكبير لمذهب
أهل البيت صلوات الله عليهم.
...فحزم هذا الشاب عدّة سفره واتّجه إلى مدينة أصفهان، وحينما
دخلها ذهب إلى أحد مساجدها وأقام فيه مدّة، وبدأ منذ يومه الأول
بدعوته الناس إلى أهل البيت سلام الله عليهم... إذ كان يتحيّن
الفرصة بعد انتهاء الصلاة في المسجد ليتوجّه إلى القلّة القليلة
الباقية في المسجد، فيبدأ حديثه معهم، واستمر في هذه المهمة أياماً
وأياماً حتى أقنع مجموعة من المصلّين باعتناق مذهب التشيّع، ولكن
خبره أُبلغ إلى حاكم المدينة، الذي اعتقله وقتله... ومنذ ذاك الحين
انتشر التشيّع في أصفهان وتحوّلت هذه المدينة إلى مركز مهم لأتباع
آل النبي صلوات الله عليهم أجمعين.
نعم؛ لقد كانت همّة هذا الشاب المؤمن المجاهد سبباً مباشراً في
هداية أفواج من الناس، ورغم أن أمره انتهى إلى الشهادة، ولكن
إنجازه ذاك كان إنجازاً مهمّاً جدّاً في تاريخ التشيّع...
|