(38)
هذه أخلاق مراجعنا الأعلام*
هذه قصة تعكس أخلاق علماء الدين وحلمهم:
روي عن أحد تلامذة الآخوند الخراساني قدّس سرّه أنه قال: كنا نحضر
درس الشيخ الآخوند وكان يحضر درسه أكثر من ألف شخص، ولم يكن من دأب
الآخوند أن يجيب على إشكالات الطلبة خلال الدرس لأنه كان يعتقد
بأنه ربما لا يستفيد سائر الطلبة من هذا الإشكال وجوابه، فكان لا
يجيب إلاّ بعد الدرس.
وكان يحضر درس الشيخ طالب شاب يمارس مهنة أخرى غير طلب العلم إذ
كان يبيع السبح والخواتم بعد الدرس، وفي إحدى الجلسات أشكل هذا
الطالب إشكالاً على الشيخ ولكن الأخير لم يجب عليه ـ على عادته ـ
فتألمّ الطالب ورفع صوته قائلاً: ألم تسمع إشكالي فلماذا لم تجب
عليه؟ فاعتذر له الشيخ بمَثل فحواه أنه (لا يمكن مسك بطيختين بيد
واحدة). فرفع الطالب صوته وقال للشيخ: لقد أصبحت شيخاً ولكنك لم
تصبح آدمياً. فأطرق الشيخ برأسه ولم يقل شيئاً. وسكت الطلاب أيضاً
وبهتوا وكأنّ على رؤوسهم الطير. وبعد لحظات رفع الشيخ رأسه وأخذ
بلحيته وقال: أجل لقد أصبحت شيخاً.
إن هذا الأسلوب من التعامل يحتاج إلى أرضيّة يبني الإنسان نفسه
فيها منذ شبابه حتى يصل إلى هذا المستوى من الأخلاق الرفيعة ويكون
مصداقاً لما في الحديث الشريف عن مولانا الإمام الصادق صلوات الله
عليه: «إن قال لك قائل إن قلت واحدة سمعتَ عشراً، فقل له: إن قلت
عشراً لم تسمع واحدة»(1).
|