(37)
لنقُل (لا حول ولا قوة إلاّ بالله) بدل الآه*
من القصص التي تنقل عن الشيخ علي القمّي
رحمه الله أنّه أُصيب في أخريات عمره بمرض حصر البول، وهو مرض مؤلم
جدّاً وقد لازمه هذا المرض ـ كما ذكر لي بعض أبنائه ـ زهاء عشر
سنوات حتى توفّي رحمه الله.
يقول ولده: طيلة المدّة التي كنت معه لم أسمع منه كلمة آه أبداً،
وكان إذا اشتدّ به الألم قال: لا «حول ولا قوة إلاّ بالله العلي
العظيم»، أي أنّه كان ينفّس عن نفسه بذكر الله، وكان يأسى أن يصرف
هذه الثواني من عمره في قول كلمة تنمّ عن ضجر أو جزع ولا يستثمرها
في ذكر الله عزّ وجلّ، بل كان بدلاً من ذلك يُعقّب تألّمه بالذكر.
إنّ الإنسان إذا تألّم لا يمكنه إلاّ أن يقول عبائر تكشف عن مدى
تألّمه، ولكن إذا ربّى نفسه تمكّن أن لا يقولها بل يقول بدلاً
منها: لا حول ولا قوة إلاّ بالله.
لا شكّ أنّ التأوّه بنفسه ليس مذموماً بل ورد في الأحاديث أنّ
المريض إذا تأوّه كتب له فيه ثواب، ولكن لا شكّ أيضاً أنّ قول: «لا
إله إلاّ الله» أكثر ثواباً، إذاً لا ينبغي أن ننهى مريضاً من
التأوّه، ولكن حبّذا أن يربّي نفسه بحيث يُهلّل الله ويَحمده
ويُسبّحه ويُكبّره إذا نزل به مرض أو بلاء.
|