(36)
تنزّه المقدّس الأردبيلي عن حبّ الظهور*
لقد نقلوا أن الشيخ
البهائي رضوان الله تعالى عليه في زمن مرجعيته وزعامته للشيعة ذهب
ذات مرة إلى زيارة العتبات المقدسة في العراق، والتقى بالمقدّس
الأردبيلي رضوان الله تعالى عليه ـ وكان حينها من أكبر الشخصيات
العلمية ـ في مدينة النجف الأشرف. فتباحثا حول مسألة ما في مجلس
كان غاصّاً بالعلماء والشخصيات الدينية. وبعد مناقشات كثيرة وردّ
وإثبات استطاع الشيخ البهائي أن يثبت رأيه ويكسب النقاش.
ثم بعد عدة أيام ذهب هذان العالمان الجليلان إلى مقبرة وادي
السلام. وبعد أن قرءا الفاتحة جلسا في جانب ما وطرح المقدس
الأردبيلي المسألة نفسها وناقشها مع الشيخ البهائي واستطاع أن يقنع
الأخير برأيه بأدلّة محكمة وقويّة. فقال الشيخ البهائي: هل كنت
تعلم بهذه الأدلة في بحثنا ذلك اليوم أم علمت بها بعد ذلك؟ قال
الأردبيلي: نعم كنت عالماً بها ذلك اليوم، لكنني لم أطرحها خشية أن
يقلل من شأنكم العلمي وتصغر شخصيتكم في عيون الحاضرين وأنتم في
مقام الزعامة المطلقة للمذهب.
لقد مرّ على عصر الأردبيلي زهاء أربعمائة سنة وتخرّج الآلاف من
الطلاب من حوزة النجف الأشرف ولكن الكثير منهم لم يبق منه حتى
الاسم. وسبب ذلك هو أن ما كان لله تعالى ينمو وما كان لغيره فهو
فانٍ وزائل. أما المقدس الأردبيلي فقد بقي ذكره وسيبقى اسمه
مخلّداً لأنه كان يعمل لله تعالى فقط. ومن ذلك هو ما ذكرته لكم
أعلاه.
|