موقع يازهراء سلام الله عليها                          www.yazahra.org

مصطلحات سياسية: التلفزيون والسياسة

 

مصطلحات سياسية: التلفزيون والسياسة

Television et politique, Television and Politics 

لقد غير اقتحام التلفزيون للحياة الاجتماعية الكثير من قواعد التواصل السياسي وطرح مسألة تأثيره على السلوك، لاسيما لدى الناخبين والأطراف الفاعلة (المسؤولين في مجموعات المصالح، الممثلين والقادة السياسيين).

ولو أنه من الممكن برهنة المبالغة في تقدير هذا التأثير، يبقى من المهم قياس مفعول الاعتقاد بقوة هذه الوسيلة. فالتلفزيون يقاضى من قبل علم السياسة بطرق متنوعة جداً. فبعض الدراسات تفضل بعد المؤسسة، وتركز على توزيع السلطة في قلبها، أو على العلاقات التي يقيمها المدراء أو الصحافيون مع السلطة السياسية، أو على أشكال المنطق الصناعية المنتجة للهيمنة الثقافية على المستوى الدولي. وتركز دراسات أخرى على تشريح الرسائل التي يحملها النص والصورة، فتحرك غالباً موارد التحليل السيميائي لتستقي منها تعدد المعاني، وتبرز الكودات التي تشكل هيكلية إنتاج البرامج، وتفهم بأي طريقة يمكن لأشكال منطق الإغراء المطبقة أن تثبت فعاليتها. وتهتم دراسات أخرى أيضاً بجماهير المشاهدين المستهدفة، فتحقق في الطريقة التي يتفاعل بها المستهلكون مع الرسائل الموجهة إليهم (اختلاف طرق التلقي بين شعب وآخر). وأخيراً، تسعى بعض الأعمال للإحاطة بآثار التلفزيون على المدى البعيد على عمل النظام السياسي، أي تأثيره في بناء تمثيلات الواقع، أو قدرته على إنتاج تاريخ مشترك على المستوى الداخلي أو العالمي. 

متعلقات 

بحث فـي الأدوار والمـواقع(1)

لا شك في ان سياق تعميم صورة المجتمع اللبناني في الخارج وموقع المرأة فيه تحديدا، تأثرا الى حد كبير بـ"المقدمات الجميلات المبتسمات دائما وابدا" في محطاتنا التلفزيونية.

من هنا تثار اسئلة حول البعد الارادوي لهذه الطاقة الرمزية التي شكلتها التلفزيونات اللبنانية في تحديد المواقف المسبقة حيالها وحيال ما تبثه، من جانب المشاهد في لبنان وخارجه.

فأي موقع اعلامي للمرأة الاعلامية، ومن يحدده، وبأي سلطة وشروط؟ وفي الوقت نفسه كيف تتكيف الاعلاميات مع "شروط العمل" هذه والى اي حد يساهمن في تغيير مناخاته وكيف؟

في كتابهما "الاعلاميات والاعلاميون في التلفزيون، بحث في الادوار والمواقع"(*) سعت الباحثتان الدكتورة نهوند القادري والدكتورة سعاد حرب الى وضع دراستين جندريتين للعمل الاعلامي المرئي في لبنان.

وجاءت الدراسة الاستبيانية الاولى التي اعدتها القادري لتبين اشكال التمايز بين الاعلاميين والاعلاميات في الاعلام المرئي في لبنان، بينما اهتمت حرب بتقديم "صورة عن التوزيع الجندري تبعا للاقسام مع محاولة التعرف على التلفزيون من خلال بنيته".

يمكن القول إن مادة الكتاب هي آراء العاملين في المؤسسات التلفزيونية - الذين شملهم الاستبيان على الاقل - اذ يحفل الكتاب بآرائهم التي حملت مدلولات عبروا عنها اما بالجهر او بالتكتم، على ما تشير القادري في ما اعتبرته "مؤشرات ارتفاع نسبة اللاجواب" والتي تعدت الخمسين في المئة حيال بعض الاسئلة (كالدخل، وتقويم خبرات رئيس القسم، واسباب الموافقة على سياسة المؤسسة).

وتخلص القادري الى استنتاجات منها ان الاعلاميات اصغر عمرا واكثر عزوبية واقل انجابا واعلى في المستوى التعليمي من الذكور، كما ان للمهنة مؤثرات سلبية على حياتهن العائلية اكثر من الاعلاميين.

ولئن اولى الاعلاميون اهتماما اكبر لبيئة العمل (العامل الطائفي، العامل السياسي، ظروف الحرب) ركزت الاعلاميات على العوامل الذاتية في الحصول على العمل كالاختصاص ومعرفة اللغات وجمال الشكل.

هذه النظرة الذاتية ردتها القادري الى ان المرأة عموما "لم تتمكن حتى الآن من حبك علاقة موضوعية او واقعية بينها وبين عملها بمعنى الخروج الى العام والتفاوض معه بلغة العام".

ويظهر الاستبيان ان النساء اكثر تواجدا في الاقسام القليلة العدد وفي مجالات الارشيف والسكريتاريا والعلاقات العامة والترويج والتسويق والتقديم، وهن اقل اجراء لعقود العمل، وتاليا اكثر سعيا من الرجال الى تغيير نوعية عملهن او الانتقال، والعمل في مؤسسة اخرى، فهناك نوع من عدم الاحساس بحاجة المؤسسة الى عملهن بسبب ما يشهدنه من عدم انصاف في التعامل معهن.

التدرج واكتساب المهارات

يبين الاستبيان ان النساء اقل تواجدا من الرجال في المواقع الأولى واقل حصولا على الترقية، مما اظهر اختلافا بين النساء والرجال في تفسير اسباب الترقي. اذ اعادت النساء الترقي الى العلاقات الخاصة مع المسؤول ودرجة القرابة منه، وهن اعتقدن ان تخطي السقف المرسوم للترقي يرتبط احيانا بكونه حكرا على الصحافية التي تملك دارا للازياء.

اما الذكور فربطوا الترقي بتوافر المؤهلات والخبرات، وارجعوا عدم امكان تخطي السقف الى الطائفية والسياسة.

وفي شكل عام فقد اوْلى الذكور الاهمية للحصول على الترقي لعوامل موضوعية وسياسية بينما ركزت الاناث على العلاقات الخاصة والشخصية مع المسؤول سواء أكان تملقا من جانب الذكور ام اغراء من جانب الاناث.

ورغم ادراك الاناث للتمييز في الرواتب لمصلحة الذكور الا انهن وجدن اكثر من الذكور انصافا في رواتبهن. والتمييز على هذا المستوى يبدو وكأنه جزء من جملة معايير متبعة في المؤسسات الاعلامية تظهر كذلك في تقويم الاعلاميين والاعلاميات لعملهم. فلقد حصر الذكور عوامل النجاح والاخفاق في الخبرة، بينما رأتها الاناث في الشكل الحسن والهندام الجيد وعمر الشباب. واستتباعا تظهر الاناث اقل جرأة من الذكور في خرق القوالب المعهودة في العمل الاعلامي اقل اندفاعا ايضا للانتساب الى العمل النقابي والحزبي والجمعيات في شكل عام. وحملت اجوبة الذكور تالياً وعياً اكثر من اجوبة الاناث لتشابكات اللعبة الاعلامية مع السياسة ومع المصالح المادية. ويظهر الاستبيان ان الاناث يمارسن نقداً اقل لسياسة المؤسسة من الذكور علماً انهن اقل موافقة عليها، الا انهن اقل رضى عن الاداء الاعلامي المتلفز في لبنان من الذكور الذين اظهروا تآلفاً اكبر مع اللعبة الاعلامية.

اما في شأن العلاقة مع الجمهور فقد فضلت الاناث تسليته بينما فضّل الذكور مساعدته وتقديم الارشاد له. وتبين ايضاً ان الانثى كمسؤولة ما زالت غير مرغوب بها حتى في اوساط النساء كما ان عدد الاعلاميات المرغوب الاستفادة من تجربتهن كان اقل بكثير من عدد الاعلاميين حتى في اوساط النساء.

بين الاعلاميين والاعلاميات

بعد استبيان للنساء والمواقع الرئيسة في هيكلية التلفزيون، وتعامل كل من المرأة والرجل مع عملهما، والنظرة الى العمل الاعلامي والمرأة فيه، تخلص حرب في القسم الثاني من الكتاب الى ان الاحاطة بموضوع المرأة والاعلام تلزمه مقاربات من جوانب عديدة.

فالمؤسسات الاعلامية تلهث في معظمها وراء جمهور خليجي بأفكار وصور نمطية عنه مما دفعها الى الاستعانة بالنساء للايحاء بالاغراء في شكل اختزل الاعلاميات على اختلافهن بأولئك المرئيات منهن. وذلك قبل ان تفرض المنافسة المستجدة مع الفضائيات العربية على الاعلامية مزيداً من الثقافة وسعة الاطلاع.

هذا التحول في مستوى الوعي المهني لم ينسحب على وعي ارتباطات المهنة السياسية والنقابية فغالبية الاعلاميات، تقول حرب، ادرن ظهورهن للسياسة وللمجتمع المدني والنقابة، ووضعن انفسهن في علاقة مباشرة مع المسؤول عنهن.

ويبقى من الضرورة بمكان مقاربة موقع المرأة الاعلامي ضمن السياق الاجتماعي والثقافي والاقتصادي الذي يحدد الى حد ما طبيعة العمل الاعلامي والادوار المرسومة من جانب المحطات لكل من الجنسين.

الحفاظ على الصمت(2)

أول سلاح يختاره اللوبي الإسرائيلي عندما ينشر شخص له سمعة وقدر بحثاً علمياً أو كتاباً ينتقد فيه إسرائيل أو اللوبي القوي الذي يساندها هو الصمت. إذا كان كتاباً، فإنه نادراً ما تتم مناقشته وعرضه في الصحافة، ولا تجرى مقابلات مع كاتبه. إذا كان بحثا، فليس هناك أخبار في الصحافة الكبيرة عنه ولا تجرى مقابلات مع كاتبه ولا يظهر على التلفزيون.

بالنسبة للأمريكي العادي الذي يعتمد على الصحافة لمعرفة ما يحدث، فإن الأمر يمر وكأنه لم يكن هناك انتقاد. السلاح الثاني هو، بالطبع، شن هجوم شخصي شرس.

كلتا الطريقتين يتم استخدامها ضد بحث هام بعنوان "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الأمريكية الخارجية". هذا البحث نشره كاتبان أكاديميان مشهوران: جون ميرشيمر من جامعة شيكاجو وستفن والت من جامعة هارفارد.

بحسب معرفتي، وبالرغم من أن البحث مدار نقاش واسع في الإنترنت، فإن الصحافة الهامة لم تقم بنشره حتى تاريخ كتابة هذا المقال. نشر البحث في لندن ريفيو أوف بوكس. كان هناك خبر عنه في صحيفة كريستيان ساينس مونيتور وهجوم عليه شنه دايفيد جيرجن في مجلة يو إس نيوز آند وورلد ريبورت. جيرجن هو رئيس تحرير المجلة التي يملكها الصهيوني مورتيمر زوكرمان، ومعروف بخدمة من يدفع له راتبه.

جوهر البحث هو أن اللوبي الإسرائيلي استطاع أن يحرف السياسة الأمريكية الخارجية في الشرق الأوسط لدرجة أن الولايات المتحدة تضع أمن إسرائيل في موقع أهم من أمن الولايات المتحدة. ويقول الكاتبان: هذا الوضع ليس له مثيل في التاريخ الأمريكي.

وقد صرحت جماعة "انتي ديفاميشن ليج" اليهودية بأنه إذا استطاع البحث أن يجتذب انتباه الصحافة المشهورة فإن "هجوماً أشد" سوق يتم شنه، حتى الآن، لم يتحقق ذلك مع أنه في الخبر الذي نشرته كريستيان ساينس مونيتور، وصف أحد عناصر الهجوم في اللوبي الإسرائيلي هذين الأكاديميين الشهيرين من جامعات شهيرة بأنهما "غير مؤهلين".

هذا البحث ليس الأول الذي ينتقد اللوبي الإسرائيلي. كان هناك الكثير من الأبحاث والكتب التي كتبها باحثون مميزون، ولكن معظم هذه المنشورات لم تجد طريقها إلى الشهرة. من هذه الكتب "يجرؤون على الكلام" لعضو الكونجرس السابق بول فيندلي، و"الملحق الانفعالي" لجورج بول، أحد أبرز الدبلوماسيين الأمريكيين. وكان السناتور ويليام فولبرايت ـ الذي توفي ـ أول من أطلق على الكونجرس "الأراضي المحتلة من قبل إسرائيل". ما يأمل كاتبا البحث الحالي أن يفعلاه هو بدء نقاش عام منطقي وعلني حول اللوبي الإسرائيلي والسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. بالطبع، إن تفادي نقاش صادق هو أحد الأهداف الرئيسية للوبي. لذلك يستخدم الصمت، وإذا لم ينفع ذلك، الهجوم الشخصي اللاذع. وقد استطاع هذا اللوبي بالتأكيد إرهاب الكونجرس ومعظم أجهزة الإعلام الأمريكية.

كاتب آخر تعرض للمعاملة الصامتة بالإضافة إلى الهجوم الشخصي الشرس هو نورمان فينكلستين، وهو أستاذ في جامعة دي بول. نشر فينكلستين ثلاثة كتب رائعة ربما لم يسمع بها أحد. "صناعة الهولوكوست" و "صورة وحقيقة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني" وآخر كتبه الذي تعرض للإهمال التام "حول إساءة استخدام معاداة السامية والتاريخ" وفينكلستين بالمناسبة يهودي وابن أحد الناجين من الهولوكوست.

هذه قضية خطيرة للغاية وتستحق نقاشاً علنيا صادقاً. سواء كان المرء يتفق مع أي من الكتاب المذكورين أعلاه أم لا، فإن عليه أن يقرأ ما لديهم وألا يردعه عن ذلك الهجوم الرخيص الذي يتعرضون إليه.

لقد سمعتم نفس الرسالة مني بالطبع، لكني مجرد قروي تحول إلى صحافي لا يحمل شهادات كبيرة. إذا كانت تهمك المؤهلات فإن فينكلستين وفيندلي ووولت وميرشيمو وبول لديهم الكثير منها.

الفضائيات ودورها في الثقافة العربية(3)

دخل الإعلام العربي عصر القنوات التلفزيونية الفضائية العربية منذ أكثر من عشر سنوات. وكان لبعض القنوات الأمريكية - خاصة في حرب الخليج - الفضل في هذا التدفق التلفزيوني الفضائي العربي. وكعادتنا –نحن العرب- في حب التقليد الأعمى والأخذ بالمظهر دون الجوهر، تدافعنا بقنواتنا التلفزيونية إلى الفضاء دون تخطيط، ودون دراية، ودون علم، ودون دربة. فكنا كـ (الهجين الذي وقع في سلة التين) كما يقول المثل الشعبي.

فالانتقال بالإعلام التلفزيوني من الدائرة القطرية إلى الدائرة القومية ثم إلى الدائرة العالمية ومن الأرض الى الفضاء، كان يلزمه الكثير من تبديل السياسات الإعلامية، وتبديل اللغة الإعلامية، والعقل الاعلامي، والاعتبارات الثقافية للمتلقي الجديد، هذا إذا كنا نريد أن يكون لنا إعلام حر. بمعنى أن المتلقي التونسي أو الأردني أو اللبناني لا يخاطب بنفس اللغة الإعلامية التي يخاطب بها المتلقي المصري لاعتبارت كثيرة منها المستوى الثقافي ونسبة الأمية ودرجة الاتصال بالآخر. والمتلقي العربي في أوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية واستراليا وكندا لا يخاطب بنفس اللغة الاعلامية التي يخاطب بها المتلقي الليبي داخل ليبيا. ولكن الإعلام العربي لم يلتفت إلى كل هذه الاعتبارات المهمة . وكل ما فعله الإعلام العربي أنه نقل أطناناً من (الغثاثة) الإعلامية من الأرض إلى الفضاء. وهو بذلك وسّع من دائرة انتشار (الغثاثة) التي كانت تزيد من الإضرار والتجهيل والإظلام الثقافي الذي كان يشمل القطر المُرسِل فقط. وكل ما فعله الإعلام العربي (العتيد) أيضاً أنه طوّر "الوسائل التقنية" للإعلام، ولم يطوّر "الرسالة الإعلامية" ذاتها بما يتلاءم وعقل المتلقي الجديد الذي أصبح يملك مفاتيح الإعلام العالمي كله، وقد زالت الحدود، وتكسرت القيود، وهُدمت السدود. وأصبح مالكاً للحقيقة بعد أن كان مملوكاً للظلام. وأصبح المتلقي هو الذي يفرض ذوقه على الإعلام بعد أن كان الإعلام هو الذي يفرض رسالته على المتلقي. وأصبح العالم بين يدي المتلقي من خلال جهاز نقال لا يتجاوز حجمه حجم (خُرْج المكاري) والدنيا كلها بين يديه وهو جالس في حديقته يشرب شاي الساعة الخامسة مساءً، أو على كرسيه الهزاز في الشرفة المطلة على حمام السباحة، أو وهو قابع في جبال اليمن وجبال أوراس، أو تائه في صحراء الجزيرة العربية، أو مستلقٍ على شواطيء لبنان، أو منفي في صعيد مصر.

مصرع الثقافة ..

لا يهمنا في هذا الكلام الرسالة السياسية المتخلفة التي ينقلها الإعلام العربي عبر الفضائيات وكأنه يخاطب بها أطفالاً متخلفين عقلياً، هذا إذا كانت هناك رسالة حقاً. ولا يهمنا في هذا المقام الرسالة الاقتصادية التي لا يوجد فيها أي مرجع موثوق – غير صرح مصدر مسؤول - لكي يتأكد المرء من صحة ما يُقال وما يُذاع من أرقام مزورة لا تمت إلى الواقع بصلة. والدليل على ذلك هو ما نحن فيه الآن من جوع وفاقة وحرمان وعري. فالإعلام العربي لم يحذرنا في يوم من الأيام من الخطر الاقتصادي الماحق والضائقة الاقتصادية التي نعيشها الآن في طول العالم العربي وعرضه. ولم يحذرنا من الفقر والجوع والبطالة والشحاذة على أبواب الجوامع كما نفعل الآن، بل هو صوّر لنا أن العالم العربي مستقبلاً سيكون بخير وفير ونعمة دائمة يجب أن نشكر القيادات عليها، ونمنحها دائماً صكوك الولاء والطاعة والدعاء باستمرار الحال ودوام الاستقرار. ولكن ما يهمنا في هذا المقام هو مصرع الثقافة في هذه الفضائيات (الفاضيات).

فكيف أصبح حال الثقافة في هذه (الفاضيات)؟

من الواضح أن النظام العربي السياسي أدرك منذ البداية أهمية التلفزيون، وأهمية السيطرة التامة على هذه الوسيلة ومن هنا كانت كافة محطات التلفزيون العربي التي تبث من داخل الوطن العربي ومن خارجه ملكاً للدولة العربية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. واعتُمدت الاموال الطائلة للانفاق على هذه المحطات. فقد تجاوزت ميزانيات وزارات الاعلام في بعض الدول العربية ميزانيات وزارات التربية والتعليم أو الصحة أو أي مرفق من مرافق الخدمات العامة الأخرى. وكان الهدف من ذلك ليس نشر الوعي السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي من وراء هذه الميزانيات المرصودة الضخمة لكي يرقى المجتمع الى درجات أفضل ويتقدم خطوات الى الأمام، ولكن الهدف كان وصول عقل النظام وأفكار النظام وسياسة النظام ويوميات النظام وحركاته وسكناته الى المتلقي، ليكن النظام أقرب الى المتلقي من حبل الوريد، وليكن خطاب النظام واضحاً وضوح الشمس، مضيئاً لامعاً كعين الديك.

وفي ظل هذه السياسة الاعلامية التي اتبعها النظام العربي السياسي، ضاعت الثقافة بين الأرجل وتزاحم أقدام (المطبلين والمزمرين) و(الزفّات) الاعلامية للأنظمة التي تقيمها محطات التلفزيون العربية. فكما حوصرت الثقافة العربية من قبل الأنظمة في الأرض فقد حوصرت كذلك في الفضاء. وكما وقفت الأنظمة العربية متفرجة فرحة على النسبة المئوية المخزية والفاضحة للأميّة العربية فقد سُعدت بزيادة هذه النسبة بواسطة الفضائيات التي تقوم بتربية المتلقي على أن تشييئه وجعله (حصّالة) متلقنة بدون عقل يفكر ويحاور ويحلل ويفسر ويستنتج. وهو ما تريده الأنظمة العربية من المواطن العربي.

الفضائيات ساهمت في زيادة نسبة الأميّة..

يقول بعض خبراء التربية والتعليم في العالم العربي أن زيادة نسبة الأمية الأبجدية والأمية الثقافية في العالم العربي في السنوات العشر الأخيرة كان من أسبابها الرسالة التلفزيونية الفضائية التي تشجع المتلقي على المشاهدة لا على القراءة، وعلى التبلد العقلي لا على النشاط الذهني، كما تقدم له ما يُسلّيه لا ما يُثقفه، وما يُخدّره لا ما يُطوره ويرقى به. كما يُعلّم التلفزيون المتلقي العربي أساليب جديدة في التهريج والتجهيل والكسل العقلي وصناعة وفن التفاهة والفهلوة. وأنه في ظل حصار الكتاب العربي حصاراً حديدياً، من قبل أجهزة الرقابة ومن قبل الناشرين الذين يسعون وراء الكتاب السريع الربح القصير الأجل دون الكتاب البطيء الربح الطويل الأجل، ومنع وصول الكتاب الجيد الى القاريء العربي بفعل تخلّي الدولة عن دعم الكتاب وارتفاع ثمن الكتاب الذي أصبح يساوي في المتوسط ثمن عشر (ربطات) من الخبز تكفي العائلة مدة اسبوع كامل، وفي ظل انتشار كتب السحر والتراث والكتب الدينية التي لا تقدم جديداً بقدر ما (تعلك) قديماً مستهلكاً، وفي ظل تواري أو انحسار الفن المسرحي الجيد وكلفته العالية الذي يُربي الذوق العام.. في ظل كل هذا أصبحت الفضائيات العربية هي المصدر الوحيد والرخيص والسهل والممتع للتسلية المجانية والمعرفة المبرمجة الموجهة السطحية التي تُشبع ولا تُغذّي، وتُتخم ولا تُفيد، وتنفخ ولا تقوّي، وهي بمثابة (تبن المركوبات).

ومن خلال هذه (الموالد) و(الزفات) و (الكرنفالات) السياسية والاجتماعية والفنية التي تقدمها الفضائيات ليلاً نهاراً وعلى مدار الأربع والعشرين ساعة، أصبحت الثقافة في (خبر كان)، حيث تم تطبيق القواعد الفضائية التهريجية والسطحية المطبقة على البرامج السياسية والاجتماعية والفنية على البرامج الثقافية كذلك. واتسمت البرامج الثقافية بالضحالة والسلبية والجهل والاستهتار بدور الثقافة في بناء حضارة الشعوب.

الفضائيات في عيون الأكاديميا..

ولكي نضع أصابعنا على حقائق واقع الفضائيات الثقافي دعونا نقرأ هذه الحقائق من خلال دراسة علمية أكاديمية .

لقد قام حديثاً قسم الصحافة في احدى الجامعات الأمريكية بالاشتراك مع جهة استطلاعية عربية في الشرق الأوسط وبمساعدة مجموعة من الطلبة العرب الذي يدرسون في هذه الجامعة باجراء مسح ميداني ودراسة أكاديمية لدور الفضائيات العربية في نشر وتطوير الثقافة العربية المعاصرة من خلال الإعلام المرئي كجزء من النشاط الأكاديمي لهذه الكلية.

فماذا كانت النتيجة؟ انها الفضيحة الكبرى.

واليكم الحقائق التالية بالأرقام:

- لغة الإعلام الفضائي: تتميز لغة الإعلام الفضائي بالركاكة والاخطاء اللغوية الشنيعة التي بلغت نسبتها أكثر من 45% من جملة ما يُذاع. كما تتميز لغة الإعلام الفضائي بأنها لغة مثيرة مُحفِّزة أكثر منها مُقنعة ومحاورة. وهي لغة تصادر الرأي الآخر، وتستعمل في البرامج الحوارية Talk Shows لغة التهييج والاستنفار والشعارات البراقة والعبارات الانشائية الخالية من الموضوعية. وهي اللغة التي كانت وما زالت سائدة في الشعر السياسي القديم والحديث كذلك.

- البرامج الثقافية: نسبة البرامج الثقافية إلى مجموع الارسال العام لا تتعدى نصف بالمائة من مجموع الارسال العام. وفي 34% من المحطات الفضائية لا توجد برامج ثقافية اطلاقاً ، فيما لو علمنا أن نسبة الأمية في العالم العربي أكثر من ستين بالمائة. وأن هناك ستين مليون في العالم العربي حسب تقرير التنمية البشرية في العالم العربي الصادر عن الأمم المتحدة في العامة 2002 . وأن الإعلام المرئي هو الوسيلة المؤثرة لتعميق ونشر الثقافة بين الجمهور العربي المتلقي وخاصة الأميين منهم.

- مواضيع البرامج الثقافية: لا تُقدم الفضائيات أي برنامج ثقافي تتعارض فكرته مع الأيديولوجية السياسية أو الدينية للدولة صاحبة القناة، علماً بأن كافة القنوات الفضائية تملكها السلطات أو رجال أعمال من عظام رقبة هذه السلطات.

- ضيوف البرامج: نسبة ضيوف البرامج من الممثلين والممثلات والمغنيين والمغنيات والراقصين والراقصات إلى نسبة الكتاب والشعراء والنقاد والمفكرين هي 99% لصالح الأولين، و 1% فقط لصالح الآخرين. ومن هنا يتبين لنا بأن الثقافة العربية اختُصرت بأهل السينما العربية (سينما الشُقق والزارات) وبأهل الغناء من الجيل الجديد (غناء القردة المقلّدة بغباء وتفاهة مخجلة). وهناك احصائية تقول بأن عدد المغنين والمغنيات من الشباب في العالم العربي الآن حوالي 250 مغنٍ ومغنية، وهو أكبر رقم شهده الغناء العربي طوال تاريخه.

- الغناء والثقافة: نسبة الغناء وخاصة (الغناء الشبابي في هذه الأيام) الذي وُصف بأنه غناء يُسمع لمرة واحدة فقط – هذا إذا سُمع - ثم يُلقى في (صفائح الزبالة) (Disposable) إلى نسبة البرامج الثقافية (عرض كتاب، مقابلة مع شاعر أو أديب أو ناقد أو مفكر أو رسام أو نحات) لا يتجاوز نصف بالمائة لصالح البرامج الثقافية!

- رجال الثقافة: تكاد الطليعة (العلمانيون، والتقدميون، والشعراء الحداثيون، والمناوءون للمؤسسة السياسية والدينية) من رجال الثقافة في الأدب والنقد والفكر أن تكون مستبعدة من البرامج الثقافية - إلا ما ندر - فيما لو علمنا أن هذه الطليعة مستبعدة أيضاً من جوائز الدولة والهيئات الثقافية التابعة للدولة أيضاً. وأن رجال الثقافة الذين يُستضافون في البرامج الثقافية أغلبهم موظفون رسميون في أجهزة إعلام السلطات.

- زمن الثقافة: المحطات الفضائية التي تقدم برامج ثقافية اسبوعية، لا يتجاوز فيها زمن هذه البرامج عن نصف ساعة اسبوعياً فقط. وعادة ما يقدم في هذه البرامج عرض لكتاب ما، لا يقول شيئاً جديداً وتكون السلطة السياسية راضية عنه، ولا يتعارض مع أيديولوجيتها، وشرط أن لا يمس مُحرّمين رئيسيين: الجنس والدين.

- الدين والثقافة: نسبة البرامج الثقافية إلى البرامج الدينية - ومعظمها هذه الأيام ينصب على مهاجمة الغرب الكافر، وعلى المستعمر الجديد، والحملات الصليبية، وعلى مبشري العولمة والعلمانية، وعلى محاولة تبرئة العرب من كراهية الغرب وعمليات الارهاب - لا يتجاوز عشرين بالمائة. ولاحظ المسح الميداني الأكاديمي أن رجال المؤسسات الدينية من مسيحيين ومسلمين قد اقتحموا المجال السياسي اقتحاماً كبيراً مما جعلهم نجوم السياسة اللامعين (الشيخ يوسف القرضاوي والكاردينال صفير مثالاً لا حصراً) على شاشات الفضائيات. وهو ما يعيد جدلية ربط الدين بالسياسة مئات السنين إلى الوراء.

هذا هو جانب من الإعلام العربي (العتيد) الذي ينادي بعضهم بالتوجه به إلى الغرب وبرصد ملايين الدولارات من أجل ايصاله إلى (الحي الغربي) لتجميل الوجه القبيح، لتكون الفضيحة مضاعفة وبـ (جلاجل) أيضاً. فلا يكفي أن نلقي بأطنان (الغثاثة) في حينا الشرقي، ولكن علينا - تعميماً للفائدة - أن ننشرها في (الحي الغربي) أيضاً.

فضائيات عربية كثيرة... لكنها لا تحقق التنوع! (4)

إن نظرة سريعة أو مباشرة إلى المدن العربية التي نرى اليوم أنها تحولت إلى غابات كثيفة من الصحون اللاقطة وهوائيات أجهزة استقبال البث الرقمي، تُظهر ذلك المدى الذي وصلت إليه أهمية الإعلام التلفزيوني  الفضائي في حياة المتلقي العربي. أما على الطرف  الآخر فيشير ذلك إلى ظاهرة المحطات التلفزيونية الفضائية العربية التي انتشرت وأخذت أبعادا سياسية لافتة خلال السنوات القليلة الماضية، لتدفع بالمشهد الإعلامي العربي نحو مرحلة جديدة مغايرة للصورة التقليدية القائمة منذ أمد بعيد، والمتمثلة في محطات التلفزة الخاضعة لسيطرة الدولة.

لكن في كتابه "الفضائيات العربية والسياسة في الشرق الأوسط"، يذهب محمد زياني- آخذا في الحسبان طبيعة الحياة السياسية في المنطقة- إلى أن مجال الاتصال في العالم العربي ما يزال بعيدا عن الانفتاح، بل ما يزال الإعلام العربي مجالا مغلقا، وما يزال بث المعلومات يخضع للسيطرة. ويستشهد المؤلف بما  أورده فياض كازان قائلا: "هناك تخوف من وسائل الإعلام، وهي تخضع للسيطرة بقدر الإمكان. وقد فرضت حكومات عربية عديدة قيودا صارمة على وسائل الإعلام، وما يزال تركيز معظم الدول العربية مقتصرا على التأثير المحلي لوسائل الإعلام، رغم أن الأخيرة خاضعة لاستقطاب متعمد بهدف السيطرة على الرأي العام في الكيانات المختلفة في العالم العربي.

وقد ازداد الاهتمام بالأخبار المتعلقة بالمنطقة لأسباب منها العداءات القائمة منذ أمد طويل بين بعض الأنظمة، وقدرة وسائل الإعلام في تغطيتها لتلك الأخبار على تجاوز رقابة الدولة". وتعد قناة الجزيرة الفضائية نموذجا لهذه الحالة؛ إذ يعتبرها البعض منبرا للأصوات المنشقة ولشخصيات المعارضة العربية.

ويسجل المؤلف غيابا واضحا للخطاب الإعلامي العربي الحقيقي؛ فيلاحظ افتقار القنوات الفضائية إلى سياسة واضحة، إذ تمثل الممارسات الإعلامية العربية، في جزئها الأعظم، رد فعل تجاه الأحداث والتطورات والأوضاع الطارئة، وليست عملا ممنهجا بمعنى الكلمة.

يتبدى الوجه الآخر لذلك الوضع في أن القنوات التلفزيونية الفضائية العربية تخصص قدرا كبيرا من اهتمامها للأخبار السياسية، وتخدم جمهورا لديه وعي سياسي ويقدر الأخبار السياسية ذات المصداقية، ويرغب في الحصول على حوارات سياسية ذكية ومتناغمة مع الأحداث. وبالطبع، فالوضع الجيوسياسي في الشرق الأوسط جعل السياسية مكونا مهما من مكونات البرامج التلفزيونية، وعملت التطورات والتوترات والأزمات والحروب التي شهدتها المنطقة خلال العقود القليلة الماضية على تعزيز ذلك الاهتمام.

بيد أن هناك نمطا جديدا من العمل الصحفي أخذ ينتشر بالتدريج، عبر ظاهرة البث التلفزيوني الفضائي، ويعكس تغيرا في محتوى مادة الصحافة السياسية.

وقد تبنى عدد محدود من القنوات الفضائية أنماطا وممارسات جديدة في مجال الاتصال السياسي. وأدى ظهور القنوات الإخبارية الفضائية؛ مثل قناة"الجزيرة" وقناة "العربية" وقناة "أبوظبي"، والتي يمكن أن نسميها قنوات بديلة، إلى تغيير الممارسات الإعلامية في المنطقة بدرجات متفاوتة، وبخاصة عبر بث الأخبار الساخنة، وتنظيم الحوارات الحية حول القضايا  السياسية والشؤون الراهنة، وعبر إجراء المقابلات الجريئة مع صانعي القرار والشخصيات السياسية.

يدرس المؤلف أربع قوى بارزة في الوسط الإعلامي في الشرق الأوسط، ويتناول التغيرات التي طرأت على  وضعها لاحقا، وهذه القوى هي: إرث الزعامة المصرية للعالم العربي في المجال الإعلامي، وتركيز ملكية وسائل الإعلام الفضائية في أيدي المملكة العربية السعودية، واستعادة لبنان مكانته كقوة إعلامية مهمة وإن كانت مجزأة بعض الشيء، وظهور مشروعات إعلامية جديدة. غير أن الريادة الإعلامية التي حققتها هذه الدول لا تضاهي دائما وزنها السياسي الإقليمي، أو قدرتها على التأثير في مجريات الحياة السياسية في المنطقة. ورغم أن العديد من القنوات الناشئة مملوكة لجهات خاصة، فذلك لم يحقق بالضرورة تنوع المحتوى المطروح للمشاهد، إذ تحول البث التلفزيوني من الاحتكار الحكومي العام إلى الاحتكار الخاص، ولكن بهامش ضيق نسبيا من الحرية؛ بمعنى أن انتشار القنوات التلفزيونية الفضائية وتحرير البث التلفزيوني الفضائي لا يعنيان أكثر من أن التلفزيون لم يعد جهازا تموله الحكومة لكي بعمل بوقا لها!.

من هنا يرى المؤلف أن خصخصة وسائل الإعلام لم تؤد بالضرورة إلى التعددية السياسية أو إلى توسيع هامش الحرية، بل إن التغيرات التي طرأت على الإعلام العربي هي تغييرات تجميلية أكثر من كونها تغييرات حقيقية.

وفي مناقشته لإفرازات المشهد الإعلامي الجديد، يضفي  المؤلف على الأخبار السياسية، التي تشكل جزءا كبيرا من مكونات البرامج التلفزيونية، أهمية خاصة في تطوير الحس السياسي للمشاهد العربي؛ ذلك أن التغطية الإعلامية للتطورات السياسية ساهمت إلى حد كبير في تسييس المشاهد العربي الذي يعتبر التوعية والمشاركة السياسية عناصر ضرورية في حياته، وذلك خلافا لنظيره في الدول الغربية. بل إن من الافتراضات الأساسية التي يطرحها هذا الكتاب أن انتشار البث التلفزيوني الفضائي أدى إلى تغيير معنى كلمة"عام"، وحدود ما جرت العادة على تصويره بوصفه شأنا"عاما" في العالم العربي.

ويخلص المؤلف في نهاية كتابه إلى أننا نشهد مجالا عاما متسعا يتجسد  في انتشار القنوات التلفزيونية العديدة ذات الأجندات المتنوعة والتوجهات المختلفة؛ قنوات مدفوعة أو مبنية على اعتبارات التجارة أو السياسة أو خدمة المجتمع، بالإضافة إلى القنوات ذات الصبغة العامة أو المتخصصة. وغالبا ما يأتي انتشار هذه القنوات المتنوعة على حساب الجودة، إذ أن العديد منها يعد حشوا لا حاجة إليه، ويفتقر إلى الشخصية المميزة.

..........................................................................

معجم علم السياسة والمؤسسات السياسية/ بيار بيرنبوم واخرون

* "الاعلاميات والاعلاميون في التلفزيون، بحث في الادوار والمواقع" - نهوند القادري وسعاد حرب ، صادر عن "تجمع الباحثات اللبنانيات" و"المركز الثقافي العربي"، ،2002 319 صفحة.

*كاتب أمريكي، خدمة كينج فيتشر (خاص "الوطن").

1- مراجعة نبيل ابي صعب/ موقع الصحافة

 2- تشارلي ريس /  جريدة الوطن السعودية

 2- د. شاكر النابلسي/ موقع امين

 4- جريدة الاتحاد 

 

 

 

موقع يا زهراء سلام الله عليها لكل محبي الزهراء سلام الله عليها فلا تبخلوا علينا بآرائكم ومساهماتكم وترشيحكم كي يعلو اسمها سلام الله عليها ونعلو معه