موقع يازهراء سلام الله عليها                          www.yazahra.org

 القضاء والقدر

- هل كل ما في الكون وكل ما يعود إلى الإنسان وكل تصرف يصدر من الإنسان من قول أو فعل فيه قضاء وقدر؟

- نعم ما من صغيرة ولا كبيرة في هذا الكون وما من شيء يعود إلى الإنسان، وما من قول أو فعل يصدر من الإنسان إلا وفيه قضاء وقدر.

فقد روى الأصبغ بن نباته: إن أمير المؤمنين(عليه السلام) عدل من حائط مائل إلى حائط آخر فقيل له يا أمير المؤمنين أتفر من قضاء الله؟ قال(عليه السلام):(أفر من قضاء الله إلى قدر الله عز وجل) توحيد الصدوق ص369.

فإن مما قدّره الله في هذا الكون إن الحائط لو سقط على الإنسان يضره ويؤذيه، وأيضاً قد قدّر الله تبارك وتعالى في هذا الكون إن الابتعاد عن الحائط المائل سبب للخلاص من ضرر الحائط، فلو كان أمير المؤمنين(عليه السلام) بقي واقفاً في مكانه وانهدم الحائط عليه معناه قد انطبق هذا القانون الكوني عليه فهو القضاء. ومن هنا نعلم ان الإنسان بإرادة منه يختار ما قدّره الله تبارك وتعالى في هذا الكون من سنن وقوانين، فلقد ورد في الرواية أنه قيل لرسول الله(صلى الله عليه وآله):(رُقىً يُستشفى بها هل تردُّ من قدر الله؟)، فقال(صلى الله عليه وآله):( إنها من قدر الله) بحار الأنوار ج5 ص87.

والرقى جمع الرقية بمعنى العُوذة، فقد جعل رسول الله(صلى الله عليه وآله) التمسك بالأسباب جزءاً من تقديره سبحانه فأعلم بذلك أن ليس التقدير سلباً للاختيار بل خيرةُ الإنسان وحريته في مجال الحياة من تقديره سبحانه وتعالى.

نعم إن الظلمة والجبابرة وأصحاب الدواهي والمعاصي والذنوب سعوا أن يقنعوا أنفسهم وان يضللوا على الناس بأن القضاء والقدر يستلزم الجبر لكي يبرروا بذلك ما صدر منهم من دواهي ومعاصي وموبقات.

فلقد سعى معاوية _ بعد ما سمّ الإمام الحسن(عليه السلام) ورأى الجو السياسي مناسباً_ إلى نصب ولده يزيد خليفة من بعده، فلما اعترض عليه عبد الله بن عمر، ردّ عليه معاوية قائلاً(إني أحذرك أن تشق عصى المسلمين وتسعى في تفريق ملتهم وأن تسفك دماءهم وإن أمر يزيد قد كان قضاءً من القضاء وليس للعباد خيرة من أمرهم) الإمام والسياسة لابن قتيبة ج1 ص170.

وهكذا قال ابن سعد قاتل الإمام الحسين(عليه السلام)_ مبرراً جنايته_ بأنها تقدير إلهي، فلقد قال في ردّه على اعتراض عبد الله بن مطيع العدوي عندما قال له: (اخترت همدان والري على قتل ابن عمك)؟!

فقال ابن سعد: (كانت أموراً قضيت من السماء وقد أعذرت إلى ابن عمي قبل الواقعة فأبى إلا ما أبى) طبقات بن سعد ج5 ص148.

فمن هذا نفهم ان الذي حاول ان يساوي بين فكرة القضاء والقدر وبين فكرة الجبر، هم أصحاب الموبقات والدواهي العظمى، وإلاّ فإن حقيقة القضاء والقدر لا يناقض حرية الإنسان واختياره وإرادته، بل إن حرية الإنسان وإرادته واختياره هي في ظل القضاء والقدر الإلهي.

- ما معنى القضاء والقدر في المصطلح العقائدي؟

- القدر: بمعنى التخطيط والهندسة والتقدير قال تعالى:(فقدرنا فنعم القادرون)المرسلات/11، والقضاء بمعنى الإجراء والتطبيق والتنفيذ قال تعالى:(ولكن ليقضي الله أمراً كان مفعولا) الأنفال/42، ومثال ذلك كالمهندس يهندس البناء ثم يطبق وينفذ ويجري ما هندسه على أرض الواقع، فهندسته تقدير وبناءه قضاء لتلك الهندسة.

- ما هي موارد القضاء والقدر؟

- لكل منهما موارد ثلاثة في التكوين والتشريع وأعمال الناس.

- ما المقصود من القضاء والقدر في التكوين؟

- المقصود من القضاء والقدر في التكوين هو أن الله قد قدر قوانين الكون، فلقد قدراً سماءاً وأرضاً وقدر لكل منهما قوانيناً وسنناً، وهكذا بقية الأمور التكوينية فان الله تبارك وتعالى قد قدرها وهندسها وخططها ثم قضاها في الكون، أي طبقها ونفذها وأجراها، فلقد قدّر ان تكون النار حارة ثم جعل ناراً حارة.

- ما المقصود من القضاء والقدر في التشريع؟

- المقصود من القضاء والقدر في التشريع هو أن الله تبارك وتعالى قد قدر الأحكام من الحلال والحرام والوجوب والكراهة والاستحباب، وطبق ذلك وأجراه عبر الأنبياء والمرسلين(عليهم السلام) فلقد قدر الله تعالى أن يكون الخمر حراماً والصلاة واجبة ثم قضى ذلك عبر النبي(صلى الله عليه وآله) بأن أمر الناس بالصلاة ونهاهم عن الخمر وهكذا إن الله قدّر الإحسان إلى الوالدين ثم أجرى ذلك التقدير وطبقه عبر رسوله الكريم في القرآن الحكيم قال تبارك وتعالى:( وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً) الإسراء/23.

- ما هو المقصود من القضاء والقدر في أفعال العباد؟

- المقصود من القضاء والقدر في أفعال العباد هو أن الله تبارك وتعالى قد قدّر حياة الإنسان من أولها إلى آخرها، فلقد قدّر ممن ستنعقد نطفته ومتى ستنعقد نطفته ومتى ستكون ولادته وكيف ستكون حياته من سعادة وشقاوة وغير ذلك ومتى ستكون وفاته وماذا سيكون سبب وفاته، قال تبارك وتعالى:(وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمرّ مع معمّر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير ) فاطر/11.

فإذا انعقدت نطفة الإنسان وحملت به أمه ثم وضعته وصار يتدرج في الحياة ففي كل حركة من هذه الحركات هي قضاء وتطبيق وإجراء لما قدّره الله تبارك وتعالى لذلك الإنسان.

 

 

موقع يا زهراء سلام الله عليها لكل محبي الزهراء سلام الله عليها فلا تبخلوا علينا بآرائكم ومساهماتكم وترشيحكم كي يعلو اسمها سلام الله عليها ونعلو معه