الصفحة الرئيسية الصفحة الرئيسية
القران الكريم القران الكريم
أهل البيت ع أهل البيت ع
المجالس    المحاضرات
المجالس   اللطــــميات
المجالس  الموالــــــيد
الفيديو   الفــــــيديو
الشعر القصائد الشعرية
مفاهيم اسلامية
اسال الفقـــيه
المقالات المقـــــالات
القصص الاسلامية قصص وعبر
القصص الاسلامية
الادعية الادعيةوالزيارات
المكتبة العامة المكتبة العامة
مكتبة الصور   مكتبة الصور
مفاتيح الجنان مفاتيح الجنان
نهج البلاغة   نهج البلاغة
الصحيفة السجادية الصحيفة السجادية
اوقات الصلاة   اوقات الصلاة
 من نحــــــن
سجل الزوار  سجل الزوار
اتصل بنا  اتصــــل بنا
مواقع اسلامية
ويفات منوعة ويفات منوعة
ويفات ملا باسم الكلابلائي ويفات ملا باسم
ويفات ملا جليل الكربلائي ويفات ملا جليل
فلاشات منوعة فلاشات مواليد
فلاشات منوعة فلاشات منوعة
فلاشات منوعة فلاشات احزان
ثيمات اسلامية ثيمات اسلامية
منسق الشعر
فنون اسلامية
مكارم الاخلاق
كتب قيمة
برامج لكل جهاز

 

الأربعون حديثاً السجاديّة , ورسالة الحقوق للإمام علي بن الحسين زين العابدين –عليه السلام-


قليل من وقتك رشحنا لافضل المواقع الشيعية ان احببت شكر لكم

أيمن السيهاتي

 

أربعون حديثاً من أحاديث مولانا زين العابدين علي ابن الحسين السجاد عليه السلام

1-    قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: ( حق نفسك عليك أن تستعملها في طاعة الله. يا ابن  آدم إنّك لا تزال بخير مادام لك واعظ من نفسك، وما كانت المحاسبة من همّك، وما كان الخوف لك شعاراً، والحزن دثاراً. يا ابن آدم إنّك ميّت ومبعوث وموقوف بين يدي الله عزّ وجلّ ومسؤول فأعدّ له جواباً). وقال -عليه السلام-: (لا يقلّ عمل مع تقوى، وكيف يقلّ ما يُتقبل؟). وقال -عليه السلام- لبعض بنيه: (يا بُنيّ, انظر خمسة فلا تُصاحبهم ولا تُحادثهم ولا تُرافقهم في طريق، فقال: يا أبة, من هم؟ قال -عليه السلام-: إيّاك ومصاحبة الكذّاب، فإنّه بمنزلة السراب يُقرّب لك البعيد ويُبعد لك القريب. وإيّاك ومصاحبة الفاسق فإنّه بايعك بأكلة  أو أقلّ من ذلك، وإيّاك ومصاحبة البخيل فإنّه يخذلك في ماله أحوج ما تكون إليه. وإيّاك ومصاحبة الأحمق، فإنّه يريد أن ينفعك فيضُرّك. وإيّاك ومصاحبة القاطع لرحمه، فإنّي وجدته ملعوناً في كتاب الله).

2-    قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: ( إتّقوا الكذب، الصغير منه والكبير في كلّ جدّ وهَزْل، فإنّ الرجل إذا كذب في الصغير إجترأ على الكبير. أما عَلمتم أنّ رسول الله   –صلى الله عليه وآله-، قال: (مايزال العبد يصدق حتى يكتبه الله صدّيقاً، ومايزال العبد يكذب حتى يكتبه الله كذّابا).

3-    قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: (إذا رأيتم الرجل قد حسن سمته وهديُه، وتماوت في منطقه، وتخاضع في حركاته، فرويداً لا يغرّنكم، فما أكثر من يعجزه تناول الدنيا وركوب الحرام منها، لضعف نيته ومهانته وجبن قلبه، فنصب الدين فخاً لها، فهو لا يزال يختل الناس بظاهره، فإن تمكن من حرام إقتحمه. وإذا وجدتموه يعفّ عن المال الحرام، فرويداً لا يغرّنكم، فإنّ شهوات الخلق مختلفة، فما أكثر من ينبو ( أي يرجع ) عن المال الحرام وإن كثر، ويحمل نفسه على شوهاء قبيحة، فيأتي منها محرّمًا، فإذا وجدتموه يعفّ عن ذلك فرويداً لا يغرّكم حتى تنظروا ما عقده عقله،
فما أكثر من ترك ذلك أجمع ثم لا يرجع إلى عقل متين، فيكون ما يفسده بجهله أكثر مما يصلحه بعقله. فإذا وجدتم عقله متيناً، فرويداً لا يغرّكم حتى تنظروا أمع هواه يكون على عقله، أو يكون مع عقله على هواه ؟ وكيف محبته للرئاسات الباطلة وزهده فيها ؟ فإن في الناس من خسر الدنيا والآخرة، يترك الدنيا للدنيا، ويرى أن لذة الرئاسة الباطلة أفضل من لذة الأموال والنعم المباحة المحلّلة، فيترك ذلك أجمع طلباً للرئاسة حتى إذا قيل له: إتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد. فهو يخبط خبط عشواء يقوده أول باطل إلى أبعد غايات الخسارة، ويمده ربه بعد طلبه لما لا يقدر عليه في طغيانه، فهو يحل ما حرّم الله ويحرّم ما أحلّ الله، لا يبالي بما فات من دينه إذا سلمت له رئاسته التي قد يتّقي من أجلها، فأولئك الذين غضب الله عليهم ولعنهم وأعدّ لهم عذابا مهينًا، ولكن الرجل كل الرجل نِعْمَ الرجل، هو الذي جعل هواه تبعًا لأمر الله، وقواه مبذولة في رضى الله، يرى الذلّ مع الحق أقرب إلى عزّ الأبد من العزّ في الباطل، ويعلم أن قليل ما يحتمله من ضرّائها يؤديه إلى دوام النعيم في دار لا تبيد ولا تنفد، وإنّ كثير ما يلحقه من سرّائها إن اتبع هواه، يرديه إلى عذاب لا إنقطاع له ولا يزول، فذلكم الرجل نِعْمَ الرجل، فبه فتمسّكوا، وبسنّته فإقتدوا، وإلى ربكم به فتوسّلوا، فإنه لا تُردّ له دعوة، ولا تخيب له طلبه.

4-    قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: (كـفّ الأذى مِن كـمـال الـعـقـل, وفـيـه راحـة لـلبدن عاجلاً وآجلاً).

5-    قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: ( إنّ لسان ابن آدم يشرف في كلّ يوم على جوارحه كلّ صباح، فيقول: كيف أصبحتم؟ فيقولون: بخير إن تركتنا، وإنّما يُثاب المرء ويُعاقب بلسانه).

6-    قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: (احفظ عليك لسانك تملك به إخوانك).

7-    قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: (كمال دين المسلم: تركه الكلام فيما لا يعنيه، وقلّة مرائه، وصبره، وحسن خلقه).

8-    قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: (ثلاث منجاة للمؤمن: كف لسانه عن الناس بإغتيابهم، وإشتغاله بما ينفعه لآخرته ودنياه، وطول البكاء على خطيئته).

9-    قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: (أربع من كنّ فيه كمل إسلامه, ومُحِّصَت عنه ذنوبه, ولقي ربّه عـزّ وجل وهو عنه راض: مَن وفى للّه عزّ وجل بما يجعل على نفسه للنّاس, وصدق لسانه مع الناس, وإستحياء من كلّ قبيح عند اللّه وعند النّاس, وحسن خلقه مع أهله)

10-     قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: (كم من مفتون بحسن القول فيه، وكم من مغرور بحسن الستر عليه، وكم من مستدرج بالإحسان إليه).

11-     قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: (ما يُوضع في ميزان إمرء يوم القيامة أفضل من حسن الخلق).

12-     قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: (ما مِن مؤمن تُصيبه رفاهية في دولة الباطل إلا أبتُلِي قبل موته ببدنه أو ماله, حتى يتوفر حظه في دولة الحق).

13-     قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: (إنّـي لأكـره أن يُـعـافـى الـرجـل في الدنيا ولا يصيبه شيء من المصائب).

14-     قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: (مَن رَمى النّاس بما فيهم رموه بما ليس فيه).

15-     قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: (إنّ العاقل عن اللّه، الخائف مِنه، العامل له، ليُمرّن نفسه ويُعوّدها الجوع حتى ماتشتاق إلى الشبع, وكذلك تضمر الخيل لسبق الرهان).

16-     قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: (إنّي لأستحي من ربّي أنْ أرى الأخ مِن أخواني، فأسأل اللّه له الجنة وأبخل عليه بالدينار والدرهم, فإذا كان يوم القيامة، قيل لي: لو كانت الجنّة لك لكنت بها أبخـل, وأبخل, وأبخل)!.

17-     قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: ( إنّ لله عباداً يسعون في حوائج النّاس هم الآمنون يوم القيامة، ومَنْ أدخل على مؤمن سروراً فرّج الله قلبه يوم القيامة)

18-     قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: ( طَلَب الحوائج إلى النّاس مذلّة للحياة، ومذهبة للحياء، وإستخفاف بالوقار، وهو الفقر الحاضر، وقلّة طَلَب الحوائج هو الغنى الحاضر).

19-     قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: (مَنْ تعزّى عن الدّنيا بثواب الآخرة، فقد تعزّى عن حقير بخطير, وأعظم مِن ذلك مَن عدّ فائتة سلامة نالها, وغنيمة أُعين عليها).

20-     قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: (إنّ اللّه يُحبّ كلّ قلب حزين, ويُحبّ كل عبد شكور).

21-     قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: ( إنّ أحبّكم إلى الله أحسنكم عملاً، وإنّ أعظمكم عند الله عملاً أعظمكم فيما عند الله رغبة، وإنّ أنجاكم من عذاب الله أشدّكم خشية لله، وإنّ أقربكم من الله أوسعكم خُلقاً، وإنّ أرضاكم عند الله أسعاكم على عياله، وإنّ أكرمكم على الله أتقاكم لله).

22-     قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: ( استحي من الله لقربه منك)

23-     قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: (اعلموا أنّه مَن اشتاق إلى الجنّة سارع إلى الحسنات, وسلا عن الشهوات, ومن أشفق من النار بادر بالتوبة إلى اللّه من ذنوبه, وراجع عن المحارم).

24-     قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: (ما من قطرة أحبّ إلى اللّه عزّ وجل من قطرتين : قطرة دم في سبيل اللّه , وقطرة دمعة في سواد الليل , لا يريد بها عبد إلا اللّه عزّ وجل).

25-     قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: (إنّ اللّه ليبغض البخيل السائل الملحف).

26-     قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: (إنّ أبـغـض الـنـاس إلـى اللّه مـن يقتدي بسنة إمام ولا يقتدي بأعماله).

27-     قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: (مجالس الصالحين داعية إلى الصلاح. وآداب العلماء زيادة في العقل. وطاعة ولاة الأمر تمام العز وإستنماء المال تمام المروّة. وإرشاد المستشير قضاء لحق النعمة وكف الأذى من كمال العقل وفيه راحة للبدن عاجلًا وآجلًا).

28-     قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: (آداب العلماء زيادة في العقل).

29-     قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: (الـمـؤمـن خـلـط عـلـمـه بـالـحـلـم, يـجـلس ليعلم, وينصت ليسلم , وينطق ليفهم, لا يحدث أمانته الأصدقاء)

30-     قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: (علامات المؤمن خمس: الورع في الخلوة, والصدقة في القِلّة, والصبر عند المصيبة, والحلم عنـد الغضـب, والصدق عند الخوف).

31-     قال الإمام السجّاد –عليه السلام- في دعاء له: (اللهم إنّي أسالك أن تملأ قلبي حُباً لك, وخشية منك, وتصديقا لك, وإيماناً بك, وفرقاً منك, وشوقاً إليك)

32-     كان الإمام السجّاد –عليه السلام- يقول في مناجاته ويبكي: سيّدي تُعذّبني وحبّك في قلبي، أمَا وعزّتك لئِن فعلت لتجمعنّ بيني وبين قوم طالما عاديتهم فيك).

33-     قال الإمام السجّاد –عليه السلام- في دعاء له: ( يا مَنْ هو أبرّ بي من الوالد الشفيق، وأقرب إليّ من الصاحب اللزيق، أنتَ موضِع أُنسي في الخلوةِ إذا أوحشني المكان، ولفظتني الأوطان).

34-     قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: (مَن ثَبت على ولايتنا في غيبة قائِمنا أعطاه اللّه أجر ألف شهيد, مثل شهداء بدر وأحد) وقال –عليه السلام-: (إنتظار الفرج مِن أعظم الفرج).

35-     قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: (معاشر شيعتنا, أمّا الجنّة فلن تفوتكم سريعًا كان أو بطيئًا, ولكن تنافسوا في الدرجات). وقال –عليه السلام-: "فاتقوا الله معاشر شيعتنا، لا تستعملوا الهوينا ولا تقية عليكم، ولا تستعملوا المهاجرة والتقية تمنعكم".

36-     قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: (إذا قام قائمنا أذهب اللّه عن شيعتنا العاهة, وجعل قلوبهم كـزبـرالـحـديـد, وجـعـل قُـوّة الـرجـل مـنـهـم قـوة أربـعين رجلاً, ويكونون حُكّام الأرض وسنامها)

37-     قيل للإمام السجّاد –عليه السلام-: إنّ الحسن البصري، قال: ليس العَجَب ممّن هَلَك كيف هَلَك؟ وإنّما العَجَب ممّن نجى كيف نجى؟، فقال –عليه السلام-: (أنا أقول: ليس العَجَب مِمّن نجى كيف نجى؟ وإنّما العَجَب مِمّن هَلَك كيف هَلَك مع سَعَة رحمة الله؟!).

38-     قال الإمام السجّاد –عليه السلام- في وصيته لابنه الإمام الباقر عليه السلام: (أي بني اصبر على الحق وإنْ كان مُراً)

39-     قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: ( رأيت الخيرَ كلّه قد إجتمع في قطع الطمع عمّا في أيدي النّاس)

40-     قال الإمام السجّاد –عليه السلام-: (يا سوأتاه لمن غلبت أحداته عشراته). –يريد أن السيّئة بواحدة والحسنة بعشرة-.

 

أهم المصادر:

1-        من مسند أهل البيت ع لفضل الله الحائري

2-         سيرة الأئمّة الاثني عشر لهاشم معروف الحسني

3-        ميزان الحكمة للريشهري

4-        تفسير الإمام الحسن العسكري –عليه السلام-

5-        بحار الأنوار للعلامة المجلسي

6-        الاحتجاج للطبرسي

7-        الصحيفة السجاديّة الجامعة

 

رسالة الحقوق للإمام علي بن الحسين زين العابدين –عليه السلام-

 

اعلم أن الله عزّ وجل عليك حقوقًا محيطة بك في كل حركة تحركتها أو سكنة سكنتها، أو حال حلتها أو منزلة نزلتها أو جارحة قلبتها أو آلة تصرفت فيها. فأكبر حقوق الله تعالى عليك ما أوجب عليك لنفسه من حقه الذي هو أصل الحقوق، ثم ما أوجب الله عزّ وجل عليك لنفسك من قرنك إلى قدمك، على إختلاف جوارحك، فجعل عزّ وجل للسانك عليك حقًا، ولسمعك عليك حقًا، ولبصرك عليك حقًا، وليدك عليك حقًا، ولرجلك عليك حقًا، ولبطنك عليك حقًا، ولفرجك عليك حقًا ، فهذه الجوارح السبع التي بها تكون الأفعال.

ثم جعل عزّ وجل لأفعالك عليك حقوقًا: فجعل لصلاتك عليك حقًا، و لصومك عليك حقًا، ولصدقتك عليك حقًا، ولهديك عليك حقًا، ولأفعالك عليك حقوقًا.

ثم يخرج الحقوق منك إلى غيرك من ذوي الحقوق عليك فأوجبها عليك حقوق أئمتك ثم حقوق رعيتك ثم حقوق رحمك. فهذه حقوق يتشعب منها حقوق.

فحقوق أئمتك ثلاثة أوجبها عليك: حق سائسك بالسلطان، ثم حق سائسك بالعلم، ثم حق سائسك بالملك.

وحقوق رعيتك ثلاثة أوجبها عليك: حق رعيتك بالسلطان، ثم حق رعيتك بالعلم فإن الجاهل رعية العالم، ثم حق رعيتك بالملك، من الأزواج وما ملكت الأيمان.

وحقوق رحمك كثيرة متصلة بقدر إتصال الرحم في القرابة وأوجبها عليك: حق أمك ثم حق أبيك ثم حق ولدك ثم حق أخيك، ثم الأقرب فالأقرب والأولى فالأولى.

ثم حق مولاك المنعم عليك ثم حق مولاك الجارية نعمته عليك، ثم حق ذوي المعروف لديك، ثم حق مؤذنك لصلاتك، ثم حق إمامك في صلاتك ثم حق جليسك، ثم حق جارك، ثم حق صاحبك، ثم حق شريكك، ثم حق مالك، ثم حق غريمك الذي تطالبه، ثم حق غريمك الذي يطالبك (الغريم: الدائن، والغريم: المديون، ضد ) ثم حق خليطك ثم حق خصمك المدّعي عليك ثم حق خصمك الذي تدّعي عليه. ثم حق مستشيرك، ثم حق المشير عليك، ثم حق مستنصحك ثم حق الناصح لك ثم حق من هو أكبر منك، ثم حق من هو أصغر منك، ثم حق سائلك، ثم حق من سألته، ثم حق من جرى لك على يديه مساءة بقول أو فعل عن تعمد منه أو غير تعمد، ثم حق أهل ملتك عليك، ثم حق أهل ذمتك ثم الحقوق الجارية بقدر علل الأحوال، وتصرف الأسباب.

فطوبى لمن أعانه الله على ما أوجب عليه من حقوقه، ووفقه لذلك وسدّده.

فأمّا حق الله الأكبر عليك فأن تعبده لا تشرك به شيئا، فإذا فعلت ذلك بإخلاص، جعل لك على نفسه أن يكفيك أمر الدنيا والآخرة. وحق نفسك عليك أن تستعملها بطاعة الله عزّ وجل فتؤدي إلى لسانك حقه وإلى سمعك حقه، وإلى بصرك حقه، وإلى يدك حقها، وإلى رجلك حقها، و إلى بطنك حقه، وإلى فرجك حقه، وتستعين بالله على ذلك. وحق اللسان إكرامه عن الخنى وتعويده الخير، وترك الفضول التي لا فائدة فيها، والبر بالناس وحسن القول فيهم . وحق السمع تنزيهه عن سماع الغيبة وسماع ما لا يحل سماعه. وحق البصر أن تغمضه عمّا لا يحل لك، وتعتبر بالنظر به. وحق يدك أن لا تبسطها إلى ما لا يحل لك. وحق رجليك أن لا تمشي بهما إلى ما لا يحل لك فيهما، تقف على الصراط فأنظر أن لا تزل بك فتتردى في النار. وحق بطنك أن لا تجعله وعاء للحرام، ولا تزيد على الشبع. وحق فرجك أن تحصنه عن الزاء، وتحفظه من أن ينظر إليه.

وحق الصلاة أن تعلم أنها وفادة إلى الله عزّ وجل وأنك فيها قائم بين يدي الله عز وجل فإذا علمت ذلك قمت مقام الذليل الحقير ، الراغب الراهب، والراجي الخائف المستكين المتضرع، المعظم لمن كان بين يديه بالسكون والوقا، وتقبل عليها بقلبك وتقيمها بحدودها وحقوقها. وحق الحج أن تعلم أنه وفادة إلى ربك، وفرار إليه من ذنوبك، وبه قبول توبتك، وقضاء الفرض الذي أوجبه الله عليك. وحق الصوم أن تعلم أن حجاب ضربه الله على لسانك وسمعك وبصرك وبطنك وفرجك، ليسترك به من النار، فإن تركت الصوم خرقت ستر الله عليك. وحق الصدقة أن تعلم أنها ذخرك عند ربك عزّ وجل ووديعتك التي لا تحتاج إلى الإشهاد عليها، وكنت بما تستودعه سرًا أوثق منك بما تستودعه علانية وتعلم أنها تدفع البلايا والإسقام عنك في الدنيا، وتدفع عنك النار في الآخرة. وحق الهدي أن تريد به الله عزّ وجل ولا تريد به خلقه ولا تريد به إلا التعرض لرحمة الله ونجاة روحك يوم تلقاه.

وحق السلطان أن تعلم أنك جعلت له فتنة وأنه مبتلى فيك بما جعل الله عزّ وجل له عليك من السلطان، وأن عليك أن لا تتعرض لسخطه، فتلقي بيديك إلى التهلكة، وتكون شريكًا له فيما يأتي إليك من سوء. وحق سائسك بالعلم التعظيم له، والتوقير لمجلسه، وحسن الإستماع إليه، و الإقبال عليه، وأن لا ترفع عليه صوتك، ولا تجيب أحدًا يسأله عن شيء حتى يكون هو الذي يجيب، ولا تحدّث في مجلسه أحدًا ولا تغتاب عنده أحدًا وأن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء وأن تستر عيوبه وتظهر مناقبه ولا تجالس له عدوًا ولا تعادي له وليًا فإذا فعلت ذلك شهد لك ملائكة الله بأنك قصدته، وتعلمت علمه لله جلّ اسمه لا للناس. فأما حق سائسك بالملك فأن تطيعه ولا تعصيه إلا فيما يسخط الله عزّ وجل فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

وأما حق رعيتك بالسلطان فأن تعلم أنهم صاروا رعيتك لضعفهم وقوتك فيجب أن تعدل فيهم وتكون لهم كالوالد الرحيم، وتغفر لهم جهلهم، ولا تعاجلهم بالعقوبة، وتشكر الله عزّ وجل على ما آتاك من القوة عليهم.

وأما حق رعيتك بالعلم فأن تعلم أنّ الله عزّ وجل إنما جعلك قيمًا لهم فيما آتاك من العلم وفتح لك من خزائنه فإن أحسنت في تعليم الناس، ولم تخرق بهم، ولم تضجر عليهم، زادك الله من فضله، وإن أنت منعت الناس علمك أو خرقت بهم عند طلبهم العلم منك كان حقًا على الله عزّ وجل أن يسلبك العلم وبهاءه ويسقط من القلوب محلك .

وأما حق الزوجة فأن تعلم أن الله عزّ وجل جعلها لك سكنًا وأنسًا فتعلم أن ذلك نعمة من الله عليك فتكرمها وترفق بها، وإن كان حقك عليها أوجب فإن لها عليك أن ترحمها لأنها أسيرك وتطعمها وتكسوها وإذا جهلت عفوت عنها.

وأما حق مملوكك فأن تعلم أنه خلق ربك وابن أبيك وأمك ولحمك ودمك تملكه،لا أنت (في المطبوعة: لم تملكه لأنك) صنعته من دون الله ولا خلقت شيئا من جوارحه، ولا أخرجت له رزقًا ولكن الله عزّ وجل كفاك ذلك ثم سخره لك وإئتمنك عليه وإستودعك إياه، ليحفظ لك ما تأتيه من خير إليه فأحسن إليه كما أحسن الله إليك، وإن كرهته إستبدلت به، ولم تعذب خلق الله عزّ وجل ولا قوة إلا بالله.

وأما حق أمك فأن تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحدًا، وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحد أحدًا، ووقتك بجميع جوارحها، ولم تبال أن تجوع وتطعمك، وتعطش وتسقيك، وتعرى وتكسوك، وتضحى وتظلك، وتهجر النوم لأجلك، ووقتك الحر والبرد، لتكون لها، فإنك لا تطيق شكرها إلا بعون الله وتوفيقه. وأما حق أبيك فأن تعلم أنه أصلك، وأنه لولاه لم تكن فمهما رأيت في نفسك مما يعجبك فإعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه فأحمد الله وإشكره على قدر ذلك ولا قوة إلا بالله.

وأما حق ولدك فأن تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره و شره، وأنك مسؤول عمّا وليته به من حسن الأدب والدلالة على ربه عزّ وجل والمعونة له على طاعته، فإعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الإحسان إليه معاقب على الإساءة إليه.

وأما حق أخيك فأن تعلم أنه يدك وعزك وقوتك، فلا تتخذه سلاحًا على معصية الله ولا عدة للظلم لخلق الله، ولا تدع نصرته على عدوه، والنصيحة له فإن أطاع الله وإلا فليكن الله أكرم عليك منه ولا قوة إلا بالله.

وأما حق مولاك المنعم عليك فأن تعلم أنه أنفق فيك ماله وأخرجك من ذل الرق ووحشته إلى عز الحرية وأنسها، فأطلقك من أسر الملكة، وفك عنك قيد العبودية، وأخرجك من السجن، وملكك نفسك، وفرغك لعبادة ربك وتعلم أنه أولى الخلق بك في حياتك وموتك، وأن نصرته عليك واجبة بنفسك، وما إحتاج إليه منك، ولا قوة إلا بالله.

وأما حق مولاك الذي أنعمت عليه فأن تعلم أنّ الله عزّ وجل جعل عتقك له وسيلة إليه وحجابًا لك من النار، وأن ثوابك في العاجل ميراثه، إذا لم يكن له رحم مكافأة بما أنفقت من مالك، وفى الأجل الجنة.

وأما حق ذي المعروف عليك فأن تشكره وتذكر معروفه، وتكسبه المقالة الحسنة، وتخلص له الدعاء فيما بينك وبين الله عزّ وجل فإذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سرًا وعلانية، ثم إن قدرت على مكافأته يوماً كافأته.

وحق المؤذن أن تعلم أنه مذكر لك ربك عزّ وجل، وداع لك إلى حظك وعونك على قضاء فرض الله عليك، فأشكره على ذلك شكرك للمحسن إليك.

وحق إمامك في صلاتك فأن تعلم أنه تقلد السفارة فيما بينك وبين ربك عزّ وجل وتكلم عنك ولم تتكلم عنه ودعا لك ولم تدع له وكفاك هول المقام بين يدي الله عزّ وجل، فإن كان نقص كان به دونك، وإن كان تمامًا كنت شريكه، ولم يكن له عليك فضل، فوقى نفسك بنفسه وصلاتك بصلاته فتشكر له على قدر ذلك.

وأما حق جليسك فأن تلين له جانبك، وتنصفه في مجاراة اللفظ، ولا تقوم من مجلسك إلا بإذنه، ومن يجلس إليك يجوز له القيام عنك بغير إذنه، وتنسى زلاته وتحفظ خيراته، ولا تسمعه إلا خيرًا.

وأما حق جارك فحفظه غائبًا وإكرامه شاهدًا ونصرته إذا كان مظلومًا، ولا تتبع له عورة، فإن علمت عليه سوءًا سترته عليه، وإن علمت أنه يقبل نصيحتك نصحته فيما بينك وبينه، ولا تسلمه عند شديدة، وتقيل عثرته، وتغفر ذنبه، وتعاشره معاشرة كريمة، ولا قوة إلا بالله.

وأما حق الصاحب فأن تصحبه بالتفضل والإنصاف، وتكرمه كما يكرمك ولا تدعه يسبق إلى مكرمة، فإن سبق كافأته، وتودّه كما يودك، وتزجره عما يهم به من معصية، وكن عليه رحمة ولا تكن عليه عذابًا ولا قوة إلا بالله.

وأما حق الشريك فإن غاب كفيته، وإن حضر رعيته، ولا تحكم دون حكمه، ولا تعمل برأيك دون مناظرته، وتحفظ عليه ماله، ولا تخونه فيما عزّ أو هان من أمره فإن يد الله تبارك وتعالى على أيدي الشريكين ما لم يتخاونا ولا قوة إلا بالله.

وأما حق مالك فأن لا تأخذه إلا من حله، ولا تنفقه إلا في وجهه، ولا تؤثر به على نفسك من لا يحمدك، فإعمل فيه بطاعة ربك ولا تبخل به فتبوء بالحسرة و الندامة مع التبعة ولا قوة إلا بالله.

وأما حق غريمك الذي يطالبك فإن كنت موسرًا أعطيته وإن كنت معسرًا أرضيته بحسن القول ورددته عن نفسك ردًا لطيفًا.

وحق الخليط أن لا تغرّه ولا تغشه ولا تخدعه وتتقي الله تبارك وتعالى في أمره.

وحق الخصم المدّعي عليك، فإن كان ما يدّعي عليك حقًا كنت شاهده على نفسك، ولم تظلمه وأوفيته حقه، وإن كان ما يدّعي به باطلًا رفقت به ولم تأت في أمره غير الرفق، ولم تسخط ربك في أمره ولا قوة إلا بالله.

وحق خصمك الذي تدّعي عليه إن كنت محقًا في دعواك أجملت مقاولته، و لم تجحد حقه وإن كنت مبطلًا في دعواك إتقيت الله عزّ وجل وتبت إليه وتركت الدعوى.

وحق المستشير إن علمت أن (في الأمالي: إن علمت له رأيًا حسنًا) له رأيًا أشرت عليه وإن لم تعلم أرشدته إلى من يعلم.

وحق المشير عليك أن لا تتهمه فيما لا يوافقك من رأيه وإن وافقك حمدت الله عزّ وجل.

وحق المستنصح أن تؤدي إليه النصيحة، وليكن مذهبك الرحمة له والرفق به.

وحق الناصح أن تلين له جناحك وتصغي إليه بسمعك، فإن أتى بالصواب حمدت الله عزّ وجل وإن لم وافق رجمته ولم تتهمه وعلمت أنه أخطأ ولم تؤاخذه بذلك إلا أن يكون مستحقا للتهمة، فلا تعبأ بشيء من أمره على حال ولا قوة إلا بالله.

وحق الكبير توقيره لسنه، وإجلاله لتقدمه في الإسلام قبلك، وترك مقابلته عند الخصام، ولا تسبقه إلى طريق، ولا تتقدمه، ولا تستجهله وإن جهل عليك إحتملته وأكرمته لحق الإسلام وحرمته.

وحق الصغير رحمته في تعليمه والعفو عنه والتستر عليه والرفق به والمعونة له.

وحق السائل إعطاؤه على قدر حاجته.

وحق المسؤول إن أعطى فإقبل منه بالشكر والمعرفة بفضلة، وإن منع فإقبل عذره.

وحق من سرك الله تعالى به أن تحمد الله عزّ وجل أولا ثم تشكره.

وحق من ساءك أن تعفو عنه وإن علمت أن العفو يضر إنتصرت قال الله تبارك وتعالى: {وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ} (1)

وحق أهل ملتك إضمار السلامة لهم والرحمة لهم، والرفق بمسيئهم وتألفهم وإستصلاحهم، وشكر محسنهم وكف الأذى عنهم، وتحب لهم ما تحب لنفسك، و تكره لهم ما تكره لنفسك، وأن تكون شيوخهم بمنزلة أبيك، وشبابهم بمنزلة إخوتك، وعجائزهم بمنزلة أمك، والصغار بالمنزلة أولادك.

وحق الذمة أن تقبل منهم ما قبل الله عزّ وجل [منهم] ولا تظلمهم ما وفوا لله عزّ وجل بعهده (الخصال ج2: 126.)

 


نسخة أخرى ( من أمالي الصدوق )

لي: ابن موسى، عن الأسدي، عن البرمكي، عن عبدالله بن أحمد، عن إسماعيل بن الفضل، عن الثمالي، عن سيد العابدين علي بن الحسين عليه السلام قال: حق نفسك عليك أن تستعملها بطاعة الله عزّ وجل وحق اللسان إكرامه عن الخنى إلى آخر الخبر (أمالى الصدوق: 222 الرقم:59.)


رسالة علي بن الحسين عليه السلام المعروفة برسالة الحقوق:

إعلم رحمك الله أن لله عليك حقوقًا محيطة بك في كل حركة حركتها، أو سكنة سكنتها، أو منزله نزلتها، أو جارحة قلبتها أو آلة تصرفت بها، بعضها أكبر من بعض وأكبر حقوق الله عليك ما أوجبه لنفسه تبارك وتعالى من حقه الذي هو أصل الحقوق ومنه تفرع، ثم ما أوجبه عليك لنفسك من قرنك إلى قدمك على إختلاف جوارحك فجعل لبصرك عليك حقًا، ولسمعك عليك حقًا، وللسانك عليك حقًا وليدك عليك حقًا، ولرجلك عليك حقًا، ولبطنك عليك حقًا        [ ولفرجك عليك حقًا، فهذه الجوارح السبع التي بها تكون الأفعال. ثم جعل عزّ وجل لأفعالك حقوقًا : فجعل لصلاتك عليك حقًا ]، ولصومك عليك حقًا، ولصدقتك عليك حقًا، ولهديك عليك حقًا، ولأفعالك عليك حقًا. ثم تخرج الحقوق منك إلى غيرك من ذوي الحقوق الواجبة عليك، وأوجبها عليك حقًا أئمتك ثم حقوق رعيتك، ثم حقوق رحمك.

فهذه حقوق يتشعب منها حقوق فحقوق أئمتك ثلاثة أوجبها عليك حق سائسك بالسلطان، ثم [ حق ] سائسك بالعلم، ثم حق سائسك بالملك وكل سائس إمام وحقوق رعيتك ثلاثة أوجبها عليك حق رعيتك بالسلطان ثم حق رعيتك بالعلم فإن الجاهل رعية العالم وحق رعيتك بالملك من الأزواج وما ملكت من الأيمان وحقوق رحمك كثيرة متصلة بقدر إتصال الرحم في القرابة. فأوجبها عليك حق أمك ثم حق أبيك، ثم حق ولدك، ثم حق أخيك ثم الأقرب فالأقرب والأول فالأول، ثم حق مولاك المنعم عليك، ثم حق مولاك الجاري نعمته عليك، ثم حق ذي المعروف لديك ثم حق مؤذنك بالصلاة، ثم حق إمامك في صلاتك، ثم حق جليسك، ثم حق جارك، ثم حق صاحبك ثم حق شريكك، ثم حق مالك، ثم حق غريمك الذي تطالبه، ثم حق غريمك الذي يطالبك، ثم حق خليطك، ثم حق خصمك المدّعي عليك ثم حق خصمك الذي تدّعي عليه، ثم حق مستشيرك، ثم حق المشير عليك

ثم حق مستنصحك، ثم حق الناصح لك، ثم حق من هو أكبر منك، ثم حق من هو أصغر منك، ثم حق سائلك، ثم حق من سألته، ثم حق من جرى لك على يديه مساءة بقول أو فعل أو مسرة بذلك بقول أو فعل عن تعمد منه أو غير تعمد منه ثم حق أهل ملتك عامة، ثم حق أهل الذمة، ثم الحقوق الحادثة بقدر علل الأحوال وتصرف الأسباب فطوبى لمن أعانه الله على قضاء ما أوجب عليه من حقوقه ووفقه وسدده. فأما حق الله الأكبر فأنك تعبده لا تشرك به شيئا، فإذا فعلت ذلك بإخلاص جعل لك على نفسه أن يكفيك أمر الدنيا والآخرة، ويحفظ لك ما تحب منها.

وأما حق نفسك عليك فأن تستوفيها في طاعة الله، فتودي إلى لسانك حقه وإلى سمعك حقه، وإلى بصرك حقه، وإلى يدك حقها، وإلى رجلك حقها، وإلى بطنك حقه ، وإلى فرجك حقه وتستعين بالله على ذلك. وأما حق اللسان فإكرامه عن الخنى، وتعويده الخير، وحمله على الأدب وإجمامه إلا لموضع الحاجة والمنفعة للدين والدنيا، وإعفاؤه عن الفضول الشنعة القليلة الفائدة التي لا يؤمن ضررها مع قلة عائدتها، ويعد شاهد العقل، والدليل عليه وتزين العاقل بعقله [ و ] حسن سيرته في لسانه ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وأما حق السمع فتنزيهه عن أن تجعله طريقا إلى قلبك إلا لفوهة كريمة تحدث في قلبك خيرًا أو تكسبك خلقًا كريمًا فإنه باب الكلام إلى القلب يودي إليه ضروب المعاني على ما فيها من خير أو شر ولا قوة إلا بالله. وأما حق بصرك فغضّه عمّا لا يحل لك، وترك إبتذاله إلا لموضع عبرة، تستقبل بها بصرًا أو تستفيد بها علمًا، فإن البصر باب الإعتبار.

وأما حق رجليك فأن لا تمشي بهما إلى ما لا يحل لك، ولا تجعلها مطيتك في الطريق المستخفة بأهلها فيها، فإنها حاملتك وسالكة بك مسلك الدين، والسبق لك ولا قوة إلا بالله. وأما حق يدك فأن لا تبسطها إلى ما لا يحل لك فتنال بما تبسطها إليه من الله العقوبة في الأجل ، ومن الناس بلسان اللائمة في العاجل، ولا تقبضها مما إفترض الله عليها ولكن توقرها به : تقبضها عن كثير مما لا يحل لها، وتبسطها بكثير مما ليس عليها فإذا هي قد عقلت وشرفت في العاجل وجب لها حسن الثواب من الله في الأجل. وأما حق بطنك فأن لا تجعله وعاء لقليل من الحرام ولا لكثير، وأن تقتصد له في الحلال ولا تخرجه من حد التقوية إلى حد التهوين وذهاب المروّة، فإن الشبع المنتهي بصاحبه إلى التخم مكسلة ومثبطة ومقطعة عن كل بر وكرم وإن الرأي المنتهي بصاحبه إلى السكر مسخفة ومجهلة ومذهبة للمروّة.

وأما حق فرجك فحفظه مما لا يحل لك والإستعانة عليه بغض البصر فإنه من أعون الأعوان ، وضبطه إذا همّ بالجوع والظمأ، وكثرة ذكر الموت والتهدد لنفسك بالله، والتخويف لها به ، وبالله العصمة والتأييد ولا حول ولا قوة إلا به. ثم حقوق الأفعال فأما حق الصلاة فأن تعلم أنها وفادة إلى الله وأنك قائم بها بين يدي الله فإذا علمت ذلك كنت خليقا أن تقوم فيها مقام الذليل الراغب الراهب الخائف الراجي المسكين المتضرع، المعظم من قام بين يديه بالسكون والإطراق وخشوع الأطراف، ولين الجناح، وحسن المناجاة له في نفسه و [ الطلب ] إليه في فكاك رقبتك التي أحاطت بها خطيئتك، وإستهلكتها ذنوبك ولا قوة إلا بالله . وأما حق الصوم فأن تعلم أنه حجاب ضربه الله على لسانك وسمعك وبصرك وفرجك وبطنك ليسترك به من النار، وهكذا جاء في الحديث " الصوم جنة من النار " فإن سكنت أطرافك في حجبتها رجوت أن تكون محجوبًا وإن أنت تركتها تضطرب في حجابها وترفع جنبات الحجاب فتطلع إلى ما ليس لها بالنظرة الداعية للشهوة والقوة الخارجة عن حد التقية لله، لم يؤمن أن تخرق الحجاب، وتخرج منه، ولا قوة إلا بالله.

وأما حق الصدقة فأن تعلم أنها ذخرك عند ربك، ووديعتك التي لا تحتاج إلى الإشهاد، فإذا علمت ذلك كنت بما إستودعته سرًا أوثق بما إستودعته علانية، وكنت جديرًا أن تكون أسررت إليه أمرًا أعلنته، وكان الأمر بينك وبينه فيها سرًا على كل حال ولم يستظهر عليه فيما إستودعته منها إشهاد الإسماع والإبصار عليه بها، كأنها أوثق في نفسك وكأنك لا تثق به في تأدية وديعتك إليك ثم لم تمتن بها على أحد لأنها لك، فإذا إمتننت بها لم تأمن أن يكون بها مثل تهجين حالك منها إلى من مننت بها عليه، لأن في ذلك دليلا على أنك لم ترد نفسك بها، ولو أردت نفسك بها لم تمتن بها على أحد ولا قوة إلا بالله. وأما حق الهدي فأن تخلص بها الإرادة إلى ربك، والتعرض لرحمته وقبوله ولا ترد عيون الناظرين دونه، فإذا كنت كذلك لم تكن متكلفًا ولا متصنعًا وكنت إنما تقصد إلى الله. وإعلم أن الله يراد باليسير ولا يراد بالعسير كما أراد بخلقه التيسير ولم يرد بهم التعسير، وكذلك التذلل أولى بك من التدهقن لأن الكلفة والمؤنة في المتدهقنين فأما التذلل والتمسكن فلا كلفه فيهما، ولا مؤنة عليهما، لأنهما الخلقة وهما موجودان في الطبيعة، ولا قوة إلا بالله.

ثم حقوق الأئمة فأما حق سائسك بالسلطان فأن تعلم أنك جعلت له فتنة وأنه مبتلى فيك بما جعله الله له عليك من السلطان، وأن تخلص له في النصيحة وأن لا تماحكه وقد بسطت يده عليك، فتكون سبب هلاك نفسك وهلاكه وتذلل وتلطف لإعطائه من الرضى مايكفه عنك ولا يضر بدينك، وتستعين عليه في ذلك بالله، ولا تعازه ولا تعانده فإنك إن فعلت ذلك عققته وعققت نفسك، فعرضتها لمكروهه، وعرضته للهلكة فيك، وكنت خليقًا أن تكون معينًا له على نفسك وشريكًا له فيما أتى إليك ولا قوة إلا بالله. وأما حق سائسك بالعلم فالتعظيم له، والتوقير لمجلسه، وحسن الإستماع إليه والإقبال، عليه، والمعونة له على نفسك فيما لا غنى بك عنه من العلم، بأن تفرغ له عقلك، وتحضره فهمك، وتذكي له [ قلبك ] وتجلي له بصرك بترك اللذات، ونقض الشهوات وأن تعلم أنك فيما ألقى، رسوله إلى من لقيك من أهل الجهل فلزمك حسن التأدية عنه إليهم، ولا تخنه في تأدية رسالته، والقيام بها عنه، إذا تقلدتها، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وأما حق سائسك بالملك فنحو من سائسك بالسلطان إلا أن هذا يملك ما لا يملكه ذاك، تلزمك طاعته فيما دق وجل منك إلا أن تخرجك من وجوب حق الله فإن حق الله يحول بينك وبين حقه وحقوق الخلق فإذا قضيته رجعت إلى حقه فتشاغلت به ولا قوة إلا بالله. ثم حقوق الرعية فأما حقوق رعيتك بالسلطان فأن تعلم أنك إنما إسترعيتهم بفضل قوتك عليهم، فإنه إنما أحلهم محل الرعية لك ضعفهم وذلهم، فما أولى من كفاكه ضعفه وذله حتى صيره لك رعية وصير حكمك عليه نافذًا لا يمتنع منك بعزة ولا قوة ولا يستنصر فيما تعاظمه منك إلا بالله: بالرحمة والحياطة والأناة وما أولاك إذا عرفت ما أعطاك الله من فضل هذه العزة والقوة التي قهرت بها أن تكون لله شاكرًا ومن شكر الله أعطاه فيما أنعم عليه ولا قوة إلا بالله.

وأما حق رعيتك بالعلم فأن تعلم أن الله قد جعلك لهم [ قيمًا ] فيما آتاك من العلم وولاك من خزانة الحكمة فإن أحسنت فيما ولاك الله من ذلك وقمت به لهم مقام الخازن الشفيق الناصح لمولاه في عبيده الصابر المحتسب الذي إذا رأى ذا حاجة أخرج له من الأموال التي في يديه راشدًا وكنت لذلك آملًا معتقدًا وإلا كنت له خائنًا و لخلقه ظالمًا ولسلبه وغيره متعرضًا. وأما حق رعيتك بملك النكاح فأن تعلم أن الله جعلها سكنًا ومستراحًا وأنسًا وواقية وكذلك كل واحد منكما يجب أن يحمد الله على صاحبه ويعلم أن ذلك نعمة منه عليه، ووجب أن يحسن صحبة نعمة الله ويكرمها ويرفق بها، وإن كان حقك عليها أغلظ وطاعتك لها ألزم فيما أحببت وكرهت ما لم تكن معصية، فإن لها حق الرحمة والمؤانسة، وموضع السكون إليها قضاء اللذة التي لا بد من قضائها وذلك عظيم ولا قوة إلا بالله.

وأما حق رعيتك بملك اليمين فأن تعلم أنه خلق ربك ولحمك ودمك وأنك تملكه لا أنت صنعته دون الله ولا خلقت له سمعًا ولا بصرًا ولا أجريت له رزقًا ولكن الله كفاك ذلك بمن سخره لك و إئتمنك عليه وإستودعك إياه لتحفظه فيه وتسير فيه بسيرته فتطعمه مما تأكل، وتلبسه مما تلبس، ولا تكلفه ما لا يطيق، فإن كرهته خرجت إلى الله منه وإستبدلت به، ولم تعذب خلق الله ولا قوة إلا بالله. وأما حق الرحم فحق أمك أن تعلم أنها حملتك حيث لا يحمل أحد أحدًا وأطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يطعم أحد أحدًا ، وأنها وقتك بسمعها وبصرها ويدها ورجلها وشعرها وبشرها وجميع جوارحها مستبشرة بذلك فرحة موبلة محتملة لما فيه مكروهها وألمه وثقله وغمه، حتى دفعتها عنك يد القدرة وأخرجتك إلى الأرض فرضيت أن تشبع وتجوع هي وتكسوك وتعرى، وترويك وتظمأ، وتظلك وتضحى وتنعمك ببؤسها وتلذذك بالنوم بأرقها وكان بطنها لك وعاء، وحجرها لك حواء وثديها لك سقاء، ونفسها لك وقاء، تباشر حر الدنيا وبردها لك ودونك، فتشكرها على قدر ذلك ولا تقدر عليه إلا بعون الله وتوفيقه.

وأما حق أبيك فتعلم أنه أصلك وأنك فرعه وأنك لولاه لم تكن فمهما رأيت في نفسك مما يعجبك فإعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه وأحمد الله واشكره على قدر ذلك [ ولا قوة إلا بالله ]. وأما حق ولدك فتعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره وأنك مسؤول عما وليته من حسن الأدب والدلالة على ربه والمعونة له على طاعته فيك وفي نفسه، فمثاب على ذلك ومعاقب فإعمل في أمره عمل المتزين بحسن أثره عليه في عاجل الدنيا المعذر إلى ربه فيما بينك وبينه بحسن القيام عليه والأخذ له منه ولا قوة إلا بالله. وأما حق أخيك فتعلم أنه يدك التي تبسطها وظهرك الذي تلتجي إليه وعزك الذي تعتمد عليه، وقوتك التي تصول بها، فلا تتخذه سلاحًا على معصية الله ولا عدة للظلم بخلق الله، ولا تدع نصرته على نفسه، ومعونته على عدوه والحول بينه وبين شياطينه وتأدية النصيحة إليه ، والإقبال عليه في الله فإن إنقاد لربه وأحسن الإجابة له، وإلا فليكن الله آثر عندك وأكرم عليك منه.

وأما حق المنعم عليك بالولاء فأن تعلم أنه أنفق فيك ماله، وأخرجك من ذل الرق ووحشته إلى عز الحرية وأنسها وأطلقك من أسر الملكة وفك عنك حلق العبودية وأوجدك رائحة العز وأخرجك من سجن القهر، ودفع عنك العسر وبسط لك لسان الإنصاف ، وأباحك الدنيا كلها فملكك نفك وحل أسرك وفرغك لعبادة ربك وإحتمل بذلك التقصير في ماله فتعلم أنه أولى الخلق بك بعد أولي رحمك في حياتك وموتك وأحق الخلق بنصرك ومعونتك، ومكانفتك في ذات الله فلا تؤثر عليه نفسك ما إحتاج إليك أبدًا. وأما حق مولاك الجارية عليه نعمتك فأن تعلم أن الله جعلك حامية عليه، وواقية وناصرًا ومعقلًا وجعله لك وسيلة وسببًا بينك وبينه، فبالحري أن يحجبك عن النار فيكون في ذلك ثوابك منه في الأجل ويحكم لك بميراثه في العاجل إذا لم يكن له رحم مكافأة لما أنفقته من مالك عليه وقمت به من حقه بعد إنفاق مالك، فإن لم تخفه خيف عليك أن لا يطيب لك ميراثه ولا قوة إلا بالله. وأما حق ذي المعروف عليك فأن تشكره وتذكر معروفه وتنشر به القالة الحسنة وتخلص له الدعاء فيما بينك وبين الله سبحانك فإنك إذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سرًا وعلانية ثم إن أمكنك مكافأته بالفعل كافأته وإلا كنت مرصدًا له موطنًا نفسك عليها.

وأما حق المؤذن فأن تعلم أنه مذكرك بربك وداعيك إلى حظك وأفضل أعوانك على قضاء الفريضة التي إفترضها الله عليك فتشكره على ذلك شكرك للمحسن إليك وإن كنت في بيتك متهمًا لذلك لم تكن لله في أمره متهمًا، وعلمت أنه نعمة من الله عليك لا شك فيها فأحسن صحبة نعمة الله بحمد الله عليها على كل حال. ولا قوة إلا بالله. وأما حق إمامك في صلاتك فأن تعلم أنه قد تقلد السفارة فيما بينك وبين الله والوفادة إلى ربك، وتكلم عنك ولم تتكلم عنه ودعا لك ولم تدع له، وطلب فيك ولم تطلب فيه، وكفاك هم المقام بين يدي الله والمسألة له فيك ولم تكفه ذلك فإن كان في شيء من ذلك تقصير كان به دونك، وإن كان آثمًا لم تكن شريكه فيه، ولم يكن لك عليه فضل، فوقى نفسك بنفسه، ووقى صلاتك بصلاته، فتشكر له على ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله. وأما حق الجليس فأن تلين له كنفك، وتطيب له جانبك وتنصفه في مجاراة اللفظ، ولا تغرق في نزع اللحظ إذا لحظت وتقصد في اللفظ إلى إفهامه إذا لفظت وإن كنت الجليس إليه كنت في القيام عنه بالخيار وإن كان الجالس إليك كان بالخيار ولا تقوم إلا بإذنه ولا قوة إلا بالله.

وأما حق الجار فحفظه غائبًا، وكرامته شاهدًا، ونصرته ومعونته في الحالين جميعا لا تتبع له عورة، ولا تبحث له عن سوءة لتعرفها، فإن عرفتها منه من غير إرادة منك ولا تكلف، كنت لما علمت حصنًا حصينًا وسترًا ستيرًا لو بحثت الأسنة عنه ضميرًا لم تتصل إليه لإنطوائه عليه، لا تستمع عليه من حيث لا يعلم. لا تسلمه عند شديدة، ولا تحسده عند نعمة، تقيله عثرته، وتغفر زلته، ولا تذخر حلمك عنه إذا جهل عليك، ولا تخرج أن تكون سلمًا له ترد عنه لسان الشتيمة، وتبطل فيه كيد حامل النصيحة وتعاشره معاشرة كريمة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وأما حق الصاحب فأن تصحبه بالفضل ما وجدت إليه سبيلًا وإلا فلا أقل من الإنصاف وأن تكرمه كما يكرمك وتحفظه كما يحفظك، ولا يسبقك فيما بينك وبينه إلى مكرمة، فإن سبقك كافأته ولا تقصر به عما يستحق من المودة تلزم نفسك نصيحته وحياطته ومعاضدته على طاعة ربه، ومعونته على نفسه فيما يهم به من معصية ربه، ثم تكون [ عليه ] رحمة ولا تكون عليه عذابًا ولا قوة إلا بالله. وأما حق الشريك فإن غاب كفيته، وإن حضر ساويته، ولا تعزم على حكمك دون حكمه، ولا تعمل برأيك دون مناظرته، تحفظ عليه ماله وتنفي عنه خيانته ، فيما عزّ أوهان، فإنه بلغنا أن يدالله على الشريكين مالم يتخاونا ولا قوة إلا بالله. وأما حق المال فأن لا تأخذه إلا من حله، ولا تنفقه إلا في حله، ولا تحرفه عن مواضعه، ولا تصرفه عن حقائقه، ولا تجعله إذا كان من الله إلا إليه، وسببًا إلى الله ولا تؤثر به على نفسك من لعله لا يحمدك، وبالحرى أن لا يحسن خلافتك في تركتك، ولا يعمل فيه بطاعة ربك فتكون معينًا له على ذلك أو بما أحدث في مالك أحسن نظرًا لنفسه فيعمل بطاعة ربه، فيذهب بالغنيمة وتبوء بالإثم والحسرة والندامة مع التبعة ولا قوة إلا بالله.

وأما حق الغريم الطالب لك فإن كنت موسرًا أوفيته وكفيته وأغنيته ولم ترده وتمطله، فإن رسول الله -صلى الله عليه وآله- قال: " مطل الغني ظلم " وإن كنت معسرًا أرضيته بحسن القول، وطلبت إليه طلبًا جميلًا ورددته عن نفسك ردًا لطيفًا، ولم تجمع عليه ذهاب ماله وسوء معاملته، فإن ذلك لؤم ولا قوة إلا بالله. وأما حق الخليط فأن لا تغره ولا تغشه ولا تكذبه ولا تغفله ولا تخدعه، ولا تعمل في إنتقاظه عمل العدو الذي لا يبقي على صاحبه وإن إطمأن إليك، إستقصيت له على نفسك وعلمت أن غبن المسترسل ربا، ولا قوة إلا بالله.

وأما حق الخصم المدّعي عليك فإن كان ما يدّعي عليك حقُا لم تنفسخ في حجته ولم تعمل في إبطال دعوته ، وكنت خصم نفسك له، والحاكم عليها، والشاهد له بحقه دون شهادة الشهود وإن كان مايدّعيه باطلًا رفقت به وروعته وناشدته بدينه، وكسرت حدته عنك بذكر الله، وألقيت حشو الكلام ولفظة [ السوء] الذي لا يرد عنك عادية عدوك بل تبوء بإثمه، وبه يشحذ عليك سيف عداوته، لأن لفظة السوء تبعث الشر والخير مقمعة للشر ولا قوة إلا بالله .

وأما حق الخصم المدّعى عليه فإن كان ما تدّعيه حقًا أجملت في مقاولته بمخرج الدعوى فإن للدعوى غلظة في سمع المدّعى عليه، وقصدت قصد حجتك بالرفق وأمهل المهلة وأبين البيان وألطف اللطف ولم تتشاغل عن حجتك بمنازعته بالقيل والقال، فتذهب عنك حجتك ولا يكون لك في ذلك درك ولا قوة إلا بالله. وأما حق المستشير فإن حضرك له وجه رأي جهدت له في النصيحة، وأشرت عليه بما تعلم أنك لو كنت مكانه عملت به، وذلك ليكن منك في رحمة ولين، فإن اللين يونس الوحشة، وإن الغلظ يوحش من موضع الإنس وإن لم يحضرك له رأي وعرفت له من تثق برأيه وترضى به لنفسك، ودللته عليه وأرشدته إليه، فكنت لم تأله خيرًا ولم تدخره نصحا ولا [ حول ولا قوة إلا بالله].

وأما حق المشير عليك فلا تتهمه فيما يوافقك عليه من رأيه إذا أشار عليك فإنما هي الآراء وتصرف الناس فيها وإختلافهم، فكن عليه في رأيه بالخيار، إذا أتهمت رأيه فأما تهمته فلا تجوز لك إذا كان عندك ممن يستحق المشاورة، ولا تدع شكره على ما بدا لك من إشخاص رأيه، وحسن وجه مشورته، فإذا وافقك حمدت الله وقبلت ذلك من أخيك بالشرك والأرصاد بالمكافأة في مثلها إن فزع إليك ولا قوة إلا بالله.

وأما حق المستنصح فإن حقه أن تؤدي إليه النصيحة على الحق الذي ترى له أن يحمل، ويخرج المخرج الذي يلين على مسامعه وتكلمه من الكلام بما يطيقه عقله، فإن لكل عقل طيقة من الكلام، يعرفه ويجيبه وليكن مذهبك الرحمة ولا قوة إلا بالله. وأما حق الناصح فأن تلين له جناحك، ثم تشرأب له قلبك، وتفتح له سمعك، حتى تفهم عنه نصيحته، ثم تنظر فيها فإن كان وفق فيها للصواب حمدت الله على ذلك، وقبلت منه وعرفت له نصيحته، وإن لم يكن وفق لها فيها رحمته ولم تتهمه وعلمت أنه لم يألك نصحًا إلا أنه أخطأ إلا أن يكون عندك مستحقًا للتهمة فلا تعني (فلا تعبأ) بشيء من أمره على كل حال، ولا قوة إلا بالله. وأما حق الكبير فإن حقه توقير سنة وإجلال إسلامه إذا كان من أهل الفضل في الإسلام بتقديمه فيه وترك مقابلته عند الخصام، لا تسبقه إلى طريق ولا تؤمه في طريق ولا تستجهله وإن جهل عليك تحملت وأكرمته بحق إسلامه مع سنه فإنما حق السن بقدر الإسلام، ولا قوة إلا بالله.

وأما حق الصغير فرحمته وتثقيفه وتعليمه، والعفو عنه والستر عليه، والرفق به والمعونة     [ له، والستر ] على جرائر حداثته فإنه سبب للتوبة والمداراة له وترك مما حكته فإن ذلك أدنى لرشده.

وأما حق السائل فإعطاؤه إذا تهبأت صدقه، وقدرت على سد حاجته والدعاء له فيما نزل له، والمعاونة له على طلبته، وإن شككت في صدقه وسبقت إليه التهمة له لم تعزم على ذلك، ولم تأمن أن يكون من كيد الشيطان أراد أن يصدك عن حظك ويحول بينك وبين التقرب إلى ربك. وتركته بستره، ورددته ردًا جميلًا وإن غلبت نفسك في أمره وأعطيته على ما عرض في نفسك منه، فإن ذلك من عزم الأمور. وأما حق المسؤول إن أعطى فإقبل منه ما أعطى بالشكر له، والمعرفة لفضله، وأطلب وجه العذر في منعه وأحسن به الظن وإعلم أنه إن منع ماله منع، وأن ليس التثريب في ماله وإن كان ظالمًا فإن الإنسان لظلوم كفار.

وأما حق من سرك الله به وعلى يديه، فإن كان تعمدها لك حمدت الله أولًا ثم شكرته على ذلك بقدره في موضع الجزاء وكافأته على فضل الإبتداء، وأرصدت له المكافأة، وإن لم يكن تعمدها حمدت الله وشكرته، وعلمت أنه منه توحدك بها وأحببت هذا إذا كان سببًا من أسباب نعم الله عليك، وترجو له بعد ذلك خيرًا فإن أسباب النعم بركة حيث ما كانت وإن كان لم يتعمد ولا قوة إلا بالله. وأما حق من ساءك القضاء على يديه بقول أو فعل، فإن كان تعمدها كان العفو أولى بك، لما فيه له من القمع وحسن الأدب، مع كبير أمثاله من الخلق فإن الله يقول: {وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ} (1) إلى قوله {مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (2) وقال عزّ وجل: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ} (3) هذا في العمد فإن لم يكن عمدًا لم تظلمه بتعمد الإنتصار منه فتكون. كافأته في تعمد على خطأ، ورفقت به ورددته بألطف ما تقدر عليه، ولا قوة إلا بالله.

وأما حق أهل بيتك عامة فإضمار السلامة، ونشر جناح الرحمة، والرفق بمسيئهم ، وتألفهم وإستصلاحهم، وشكر محسنهم إلى نفسه وإليك، فإن إحسانه إلى نفسه إحسانه إليك إذا كف عنك أذاه، وكفاك مؤنته، وحبس عنك نفسه، فعمّهم جميعًا بدعوتك وأنصرهم جميعا بنصرتك، وأنزلهم جميعا منك منازلهم، كبيرهم بمنزلة الوالد، وصغيرهم بمنزلة الولد، وأوسطهم بمنزلة الأخ، فمن أتاك تعاهدته بلطف ورحمة، وصل أخاك بما يجب للأخ على أخيه.

وأما حق أهل الذمة فالحكم فيهم أن تقبل منهم ما قبل الله وتفي بما جعل الله لهم من ذمته وعهده، وتكلمهم إليه فيما طلبوا من أنفسهم وأجبروا عليه، وتحكم فيهم بما حكم الله به على نفسك، فيما جرى بينك [وبينهم] من معاملة، وليكن بينك وبين ظلمهم من رعاية ذمة الله والوفاء بعهده وعهد رسوله -صلى الله عليه وآله- حائل فإنه بلغنا أنه قال: " من ظلم معاهدًا كنت خصمه " فاتّق الله ولا حول ولا قوة إلا بالله .

فهذه خمسون حقًا محيطة بك لا تخرج منها في حال من الأحوال يجب عليك رعايتها، والعمل في تأديتها، والإستعانة بالله جلّ ثناؤه على ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله والحمد لله رب العالمين (تحف العقول:260 -278).

أقول: أوردت كلا النصّين زيادة للفائدة.

الهامش:

1.       سورة الشورى آية 41

2.       سورة الشورى آية 43

3.       سورة النحل آية 126