|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الأربعون حديثاً
الكاظميّة
|
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
أربعون
حديثاً من أحاديث الإمام موسى بن جعفر الكاظم -عليه السلام-، سابع أئمّة
المسلمين -عليهم السلام-
1-
قال الإمام
الكاظم –عليه السلام-: أي فلان
اتّق اللّه وقل الحقّ وإن كان فيه هلاكك، فإنّ فيه نجاتك، أي فلان، اتّق
اللّه ودع الباطل وإن كان فيه نجاتك، فإنّ فيه هلاكك.
2-
قال الإمام
الكاظم –عليه السلام-:عند
قبر حضره: إنّ شيئاً هذا آخره لحقيق أنْ يزهد في أوّله، وإنّ شيئاً هذا
أوّله لحقيق أن يُخاف آخره.
3-
قال الإمام
الكاظم –عليه السلام-: من
تكلّم في اللّه هلك، ومن طلب الرئاسة هلك، ومن دخله العُجب هلك.
4-
قال الإمام
الكاظم –عليه السلام-: اشتدّت
مؤونة الدنيا والدين، فأمّا مؤونة الدنيا فإنّك لا تمدّ يدك إلى شيء منها
إلا وجدت فاجراً قد سبقك اليه، وأمّا مؤونة الآخرة فإنّك لا تجد أعواناً
يُعينونك عليه.
5-
قال الإمام
الكاظم –عليه السلام-: كلّما
أحدث النّاس من الذنوب ما لم يكونوا يعلمون، أحدث اللّه لهم من البلاء ما
لم يكونوا يعدّون.
6-
قال الإمام
الكاظم –عليه السلام-:تَعجُّبُ
الجاهل من العاقل أكثر من تعجّب العاقل من الجاهل.
7-
قال الإمام
الكاظم –عليه السلام-: المصيبة
للصابر واحدة، وللجازع اثنتان.
8-
قال الإمام
الكاظم –عليه السلام-: يعرف
شدّة الجور من حُكم به عليه.
9-
قال الإمام
الكاظم –عليه السلام-:اللّه
يُنزل المعونة على قدر المؤونة، ويُنزل الصبر على قدر المصيبة، ومن اقتصد
وقنع بقيت عليه النعمة، ومن بذّر وأسرف زالت عنه النّعمة، وأداء الأمانة
والصدق يجلبان الرزق، والخيانة والكذب يجلبان الفقر والنفاق، وإذا أراد
اللّه بالنّملة شراً أنبت لها جناحين، فطارت فأكلها الطير.
10-قال
الإمام الكاظم –عليه السلام-:
أولى العلم بك ما لا يصلح لك العمل إلا به، وأوجب العمل عليك ما أنت مسؤول
عن العمل به، وألزم العلم لك ما دلّك على صلاح قلبك وأظهر لك فساده، وأحمد
العلم عاقبة ما زاد في علمك العاجل، فلا تشغلن بعلم ما لا يضرّك جهله ولا
تغفلن عن علم ما يزيد في جهلك تركه.
11-قال
الإمام الكاظم –عليه السلام-:أشرف
الأعمال التقرّب بعبادة الله تعالى إليه.
12-قال
الإمام الكاظم –عليه السلام-:
قليل العمل من العاقل مقبول مضاعف ، وكثير العمل من أهل الهوى والجهل مردود
.
13-قال
الإمام الكاظم –عليه السلام-:
إن العقلاء تركوا فضول الدنيا فكيف الذنوب؟، وترك الدنيا من الفضل وترك
الذنوب من الفرض!
14-قال
الإمام الكاظم –عليه السلام-:
لا تمنحوا الجهّال الحكمة فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم .
15-قال
الإمام الكاظم –عليه السلام-:
إنّ العاقل لا يحدّث من يخاف تكذيبه.
16-قال
الإمام الكاظم –عليه السلام-:
من كفّ نفسه عن أعراض النّاس أقاله الله عثرته يوم القيامة، ومن كفّ غضبه
عن النّاس كفّ الله عنه غضبه يوم القيامة .
17-قال
الإمام الكاظم –عليه السلام-:
إنّ العاقل لا يكذب وإن كان فيه هواه .
18-قال
الإمام الكاظم –عليه السلام-:
تمثّلت الدّنيا للمسيح -عليه السلام- في صورة امرأة زرقاء، فقال لها: كم
تزوّجت؟ فقالت: كثيرا، قال: فكل طلقك؟ قالت: لا، بل كلا قتلت، قال المسيح
-عليه السلام-: فويح لأزواجك الباقين، كيف لا يعتبرون بالماضين.
19-قال
الإمام الكاظم –عليه السلام-:
ما من شيء تراه عينيك إلا وفيه موعظة .
20-قال
الإمام الكاظم –عليه السلام-:
إيّاك أن تمنع في طاعة الله، فتنفق مثليه في معصية الله .
21-قال
الإمام الكاظم –عليه السلام-:
المؤمن مثل كفّتي الميزان كلّما زيد في إيمانه زيد في بلائه .
22-قال
الإمام الكاظم –عليه السلام-:
أربعة من الوسواس: أكل الطين، وفتّ الطين، وتقليم الأظفار بالأسنان، وأكل
اللحية .
23-قال
الإمام الكاظم –عليه السلام-:
لا تذهب الحشمة بينك وبين أخيك وأبق منها، فإن ذهابها ذهاب الحياء .
24-قال
الإمام الكاظم –عليه السلام-:
ليس حسن الجوار كفّ الأذى، ولكن حسن الجوار الصبر على الأذى .
25-قال
الإمام الكاظم –عليه السلام-:
يابني إيّاك أن يراك الله في معصية نهاك عنها .
26-قال
الإمام الكاظم –عليه السلام-:
تفقّهوا في دين الله فإن الفقه مفتاح البصيرة وتمام العبادة والسبب إلى
المنازل الرفيعة والرتب الجليلة في الدين والدنيا . وفضل الفقيه على العابد
كفضل الشمس على الكواكب .
27-قال
الإمام الكاظم –عليه السلام-:
اجتهدوا في أن يكون زمانكم أربع ساعات: ساعة لمناجات الله، وساعة لأمر
المعاش، وساعة لمعاشرة الأخوان والثقات الذين يعرّفونكم عيوبكم ويخلصون لكم
في الباطن، وساعة تخلون فيها للذاتكم في غير محرم، و بهذه الساعة تقدرون
على الثلاث ساعات .
28-قال
الإمام الكاظم –عليه السلام-:
لا تحدّثوا أنفسكم بفقر ولا بطول عمر، فإنّه من حدّث نفسه بالفقر بخل، ومن
حدّثها بطول العمر يحرص، اجعلوا لأنفسكم حظا من الدنيا بإعطائها ما تشتهي
من الحلال وما لا يثلم المروّة وما لا سرف فيه. واستعينوا بذلك على أمور
الدين، فإنه روي " ليس منّا من ترك دنياه لدينه أو ترك دينه لديناه ".
29-قال
الإمام الكاظم –عليه السلام-:
(عونك للضّّعيف من أفضل الصدقة). .
30-قال
الإمام الكاظم –عليه السلام-:
(لو ظهرت الآجال افتضحت الآمال).
31-قال
الإمام الكاظم –عليه السلام-:
(يَعْظم ثواب الصلاة على قدر تعظيم المصلّي أبويه الأفضلين: محمد وعلي
-عليهما السلام-).
32-قال
الإمام الكاظم –عليه السلام-: (فقيه
واحد ينقذ يتيما من أيتامنا المنقطعين عنّا وعن مشاهدتنا بتعليم ماهو محتاج
إليه، أشدّ على إبليس من ألف عابد. لأن العابد همّه ذات نفسه فقط، وهذا
همّه مع ذات نفسه ذات عباد الله وإمائه لينقذهم من يد إبليس ومردته. ولذلك
هو أفضل عند الله من ألف ألف عابد).
33-قال
الإمام الكاظم –عليه السلام-:
من أعان محبّا لنا على عدوّ لنا، فقوّاه وشجّعه حتى يخرج الحق الدال على
فضلنا بأحسن صورته، ويخرج الباطل الذي يروم به أعداؤنا دفع حقّنا في أقبح
صورة، حتى يتنبّه الغافلون، ويستبصر المتعلّمون ويزداد في بصائرهم العاملون
بعثه الله تعالى يوم القيامة في أعلى منازل الجنان، ويقول: يا عبدي الكاسر
لأعدائي، الناصر لأوليائي، المصرّح بتفضيل محمّد خير أنبيائي وبتشريف علي
أفضل أوليائي، وتُناوي إلى من ناواهما، وتَسمّى بأسمائهما وأسماء خلفائِهما
وتلقّب بألقابِهما، فيقول ذلك، ويُبلّغ الله جميع أهل العرصات.فلا يبقى ملك
ولاجبّار ولا شيطان إلا صلّى على هذا الكاسر لأعداء محمد -صلى الله عليه
وآله- ولعن الذين كانوا يناصِبونه في الدّنيا من النّواصب لمحمّد وعلي
-عليهما السلام.
34-قيل
لموسى بن جعفر عليهما السلام: مررنا برجل في السوق وهو ينادي: أنا من شيعة
محمد وآل محمد الخلص، وهو ينادي على ثياب يبيعها: على من يزيد. فقال موسى
عليه السلام: ماجهل ولا ضاع امرؤ عرف قدر نفسه، أتدرون ما مثل هذا؟ [ما
مثل] هذا كمن قال: " أنا مثل سلمان وأبي ذر والمقداد وعمار " وهو مع ذلك
يباخس في بيعة، ويدلس عيوب المبيع على مشتريه، ويشتري الشئ بثمن فيزايد
الغريب يطلبه فيوجب له، ثم إذا غاب المشتري قال: لا أريده إلا بكذا بدون
ماكان يطلبه [منه]، أيكون هذا كسلمان وأبي ذر والمقداد وعمار؟ حاش لله أن
يكون هذا كهم ولكن لا نمنعه من أن يقول: " أنا من محبي محمد وآله محمد، ومن
موالي أوليائهم ومعادي أعدائهم ".
35-وقال
موسى بن جعفر عليهما السلام وقد قيل له: إن فلانا كان له ألف درهم عرضت
عليه بضاعتان يشتريهما لاتتسع بضاعته لهما، فقال: أيهما أربح [لي]؟ فقيل
له: هذا يفضل ربحه على هذا بألف ضعف. قال عليه السلام: أليس يلزمه في عقله
أن يؤثر الافضل؟ قالوا: بلى. قال: فهكذا إيثار قرابة أبوي دينه: محمد وعلي
عليهما السلام، أفضل ثوابا بأكثر من ذلك، لان فضله على قدر فضل محمد وعلي
على أبوي نسبه.
36-وقال
رجل لموسى بن جعفر عليها السلام من خواص الشيعة - وهو يرتعد بعد ما خلا به
-: يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله ما أخوفني أن يكون فلان بن فلان
ينافقك في إظهاره اعتقاد وصيتك وإمامتك؟ ! فقال موسى عليه السلام: وكيف
ذاك؟ قال: لاني حضرت معه اليوم في مجلس فلان - رجل من كبار أهل بغداد -
فقال له صاحب المجلس: أنت تزعم أن موسى بن جعفر عليه السلام إمام دون هذا
الخليفة القاعد على سريره؟ فقال له صاحبك هذا: ما أقول هذا، بل أزعم أن
موسى بن جعفر عليه السلام غير إمام وإن لم أكن أعتقد أنه غير إمام، فعلي
وعلى من لم يعتقد ذلك لعنة الله، والملائكة والناس أجمعين. فقال له صاحب
المجلس: جزاك الله خيرا، ولعن [الله] من وشى بك. قال له موسى بن جعفر عليه
السلام: ليس كما ظننت، ولكن صاحبك أفقه منك، إنما قال: إن موسى غير إمام،
أي إن الذي هو غير إمام فموسى غيره، فهو إذا إمام فانما أثبت بقوله هذا
إمامتي، ونفى إمامة غيري. يا عبدالله متى يزول عنك هذا الذي ظننته بأخيك
هذا من النفاق: تب إلى الله.ففهم الرجل ما قاله، واغتم وقال: يابن رسول
الله مالي مال فارضيه به، ولكن قد وهبت له شطر عملي كله من تعبدي، ومن
صلاتي عليكم أهل البيت، ومن لعنتي لأعدائكم. قال موسى بن جعفر عليه السلام:
الآن خرجت من النار.
37-عن
الكاظم -عليه السلام-، قال : من تكلّف ما ليس من علمه ضيع عمله وخاب
أمله. وقال عبدالله بن يحيى: كتبت إليه في دعاء "الحمد لله مُنتهى علمه"
فكتب عليه السلام: لا تقولن منتهى علمه، فإنّه ليس لعلمه منتهى. ولكن قل :
منتهى رضاه .
38-قال
الإمام الكاظم –عليه السلام-: (لو ميّزت
شيعتي لم أجدهم إلا واصفة، ولو امتحنتهم لما وجدتهم إلا مُرتدّين، ولو
تَمَحّصتُهم لمَا خلص من الألف واحد، ولو غربلتهم غربلة لم يبق منهم إلا ما
كان لي، إنّهم طال ما اتّكئوا على الأرائك، فقال نحن شيعة عليّ، إنّما شيعة
عليّ مَن صدّق قوله فعله). وقال –عليه السلام-: (شيعتنا الشاحبون الذّابلون
النّاحلون، الذين إذا جنّهم الليل استقبلوه بحزن).
39-وقال
عليه السلام : (ليس القبلة على الفم إلا للزوجة والولد الصغير)
40-سمع
موسى -عليه السلام- رجلا يتمنى الموت فقال له: هل بينك وبين الله قرابة
يحاميك لها؟ قال: لا، قال: فهل لك حسنات قدمتها تزيد على سيئاتك؟ قال: لا،
قال: فأنت إذا تتمنى هلاك الابد. وقال عليه السلام: من استوى يوماه فهو
مغبون، ومن كان آخر يوميه شرهما فهو ملعون، ومن لم يعرف الزيادة في نفسه
فهو في نقصان، ومن كان إلى النقصان فالموت خير له من الحياة. أهم
المصادر\\ 1-
بحار الأنوار للعلامة المجلسي قدّس 2-
تفسير الإمام العسكري عليه السلام 3- 200
قصة وموقف من حياة محمد وآله صلوات الله عليهم أجمعين (السيرة المختصرة
للمعصومين الأربعة عشر ع) 4-
ميزان الحكمة للريشهري
وصيّة الإمام الكاظم –عليه السلام- لهشام بن الحكم –رضي الله عنه-
يا هشام بن الحكم إن الله عزوجل
أكمل للناس الحُجج بالعُقول وأفضى إليهم بالبيان ودلّهم على ربوبيّته
بالادلاء، فقال: "وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم" إن في خلق
السموات والارض واختلاف الليل والنهار " - إلى قوله - لآيات لقوم يعقلون".
يا هشام قد جعل الله عزوجل ذلك دليلا على معرفته بأن لهم مُدبّرا، فقال:
"وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك
لآيات لقوم يعقلون". وقال: "حم * والكتاب المبين * إنا جعلناه قرآنا عربيا
لعلكم تعقلون" وقال: "ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء
ماء فيحيي بعد الارض بعد موتها إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون". يا هشام ثم
وعظ أهل العقل ورغّبهم في الآخرة فقال: "وما الحيوة الدنيا إلا لعب ولهو
وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون". وقال: "وما أوتيتم من شيء
فمتاع الحيوة الدنيا وزينتها وما عند الله خيرا وأبقى أفلا تعقلون". يا
هشام ثم خوّف الذين لا يعقلون عذابه فقال عزوجل: "ثم دمرنا الآخرين وإنكم
لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون". يا هشام ثم بيّن أنّ العقل مع
العلم فقال: " وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون". يا
هشام ثم ذمّ الذين لا يعقلون فقال: " وإذا قيل لهم اتّبعوا ما أنزل الله
قالوا بل نتّبع ما ألفينا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا
ولا يهتدون" وقال: "إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون".
وقال: "ولئن سألتهم من خلق السموات والارض ليقولن الله قل الحمد لله بل
أكثرهم لا يعقلون". ثم ذمّ الكثرة فقال: "وإن تطع أكثر من في الارض يضلوك
عن سبيل الله". وقال: "ولكن أكثرهم لا يعلمون". وأكثرهم لا يشعرون". يا
هشام ثم مدح القِلّة فقال: "وقليل من عبادي الشكور". وقال: " وقليل ما هم"
وقال: " وما آمن معه إلا قليل". يا هشام ثم ذكر أولي الألباب بأحسن الذّكر
وحلّاهم بأحسن الحلية، فقال: "يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي
خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولوا الالباب": يا هشام إن الله يقول: " إن في
ذلك لذكرى لمن كان له قلب". يعني العقل. وقال: "ولقد آتينا لقمان الحكمة"
قال: الفهم والعقل.
ياهشام
إن مثل الدنيا مثل الحية مسها لين وفي جوفها السم القاتل، يحذرها الرجال
ذووا العقول ويهوي إليها الصبيان بأيديهم. يا هشام اصبر على طاعة الله
واصبر عن معاصي الله، فإنما الدنيا ساعة، فما مضى منها فليس تجد له سرورا
ولا حزنا. وما لم يأت منها فليس تعرفه، فاصبر على تلك الساعة التي أنت فيها
فكأنك قد اغتبطت. يا هشام مثل الدنيا مثل ماء البحر كلما شرب منه العطشان
ازداد عطشا حتى يقتله. يا هشام إياك والكبر، فإنه لا يدخل الجنة من كان في
قلبه مثقال حبة من كبر. الكبر رداء الله، فمن نازعه رداءه أكبه الله في
النار على وجهه. يا هشام ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم، فإن عمل حسنا
استزاد منه. وإن عمل سيئا استغفر الله منه وتاب إليه. يا هشام تمثلت الدنيا
للمسيح عليه السلام في صورة امرأة زرقاء فقال لها: كم تزوجت؟ فقالت: كثيرا،
قال: فكل طلقك؟ قالت: لا بل كلا قتلت. قال المسيح عليه السلام: فويح
لازواجك الباقين، كيف لا يعتبرون بالماضين. يا هشام إن ضوء الجسد في عينه،
فإن كان البصر مضيئا استضاء الجسد كله. وإن ضوء الروح العقل، فإذا كان
العبد عاقلا كان عالما بربه وإذا كان عالما بربه أبصر دينه. وإن كان جاهلا
بربه لم يقم له دين. وكما لا يقوم الجسد إلا بالنفس الحية، فكذلك لا يقوم
الدين إلا بالنية الصادقة، ولا تثبت النية الصادقة إلا بالعقل. يا هشام إن
الزرع ينبت في السهل ولا ينبت في الصفا. فكذلك الحكمة تعمر في قلب المتواضع
ولا تعمر في قلب المتكبر الجبار، لان الله جعل التواضع آلة العقل وجعل
التكبر من آلة الجهل، ألم تعلم أن من شمخ إلى السقف برأسه شجّه. ومن خفض
رأسه استظل تحته وأكنه. وكذلك من لم يتواضع لله خفضه الله. ومن تواضع لله
رفعه. يا هشام ما أقبح الفقر بعد الغنى. وأقبح الخطيئة بعد النسك. وأقبح من
ذلك العابد لله ثم يترك عبادته. يا هشام لا خير في العيش إلا لرجلين:
لمستمع واع، وعالم ناطق. يا هشام ما قسم بين العباد أفضل من العقل. نوم
العاقل أفضل من سهر الجاهل وما بعث الله نبيا إلا عاقلا حتى يكون عقله أفضل
من جميع جهد المجتهدين. وما أدى العبد فريضة من فرائض الله حتى عقل عنه. يا
هشام قال رسول الله صلى الله عليه واله: إذا رأيتم المؤمن صموتا فادنوا
منه، فإنه يلقى الحكمة. والمؤمن قليل الكلام كثير العمل والمنافق كثير
الكلام قليل العمل. يا هشام أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام قل
لعبادي: لا يجعلوا بيني وبينهم عالما مفتونا بالدنيا فيصدهم عن ذكري وعن
طريق محبتي ومناجاتى، أولئك قطاع الطريق من عبادي، إن أدنى ما أنا صانع بهم
أن أنزع حلاوة محبتي ومناجاتي من قلوبهم. يا هشام من تعظم في نفسه لعنته
ملائكة السماء وملائكة الارض. ومن تكبر على إخوانه واستطال عليهم فقد ضاد
الله ومن ادعى ما ليس له فهو [ أ ] عني لغير رشده. يا هشام أوحى الله تعالى
إلى داود عليه السلام يا داود حذر، وأنذر أصحابك عن حب الشهوات، فإن
المعلقة قلوبهم بشهوات الدنيا قلوبهم محجوبة عني. يا هشام إياك والكبر على
أوليائي والاستطاعة بعلمك فيمقتك الله، فلا تنفعك بعد مقته دنياك ولا
آخرتك. وكن في الدنيا كساكن دار ليست له، إنما ينتظر الرحيل. يا هشام
مجالسة أهل الدين شرف الدنيا والآخرة. ومشاورة العاقل الناصح يمن وبركة
ورشد وتوفيق من الله، فإذا أشار عليك العاقل الناصح فإياك والخلاف فإن في
ذلك العطب. يا هشام إياك ومخالطة الناس والانس بهم إلا أن تجد منهم عاقلا
ومأمونا فآنس به واهرب من سايرهم كهربك من السباع الضارية. وينبغي للعاقل
إذا عمل عملا أن يستحيي من الله. وإذا تفرد له بالنعم أن يشارك في عمله
أحدا غيره. وإذا مر بك أمران لا تدري أيهما خير وأصوب، فانظر أيهما أقرب
إلى هواك فخالفه، فإن كثير الصواب في مخالفة هواك. وإياك أن تغلب الحكمة
وتضعها في أهل الجهالة قال هشام: فقلت له: فإن وجدت رجلا طالبا له غير أن
عقله لا يتسع لضبط ما القي إليه؟ قال عليه السلام: فتلطف له في النصيحة،
فإن ضاق قلبه [ ف ] - لا تعرضن نفسك للفتنة. واحذر رد المتكبرين، فإن
العلم يدل على أن يملى على من لا يفيق. قلت: فإن لم أجد من يعقل السؤال
عنها؟ قال عليه السلام: فاغتنم جهله عن السؤال حتى تسلم من فتنة القول
وعظيم فتنة الرد. واعلم أن الله لم يرفع المتواضعين بقدر تواضعهم ولكن
رفعهم بقدر عظمته ومجده. ولم يؤمن الخائفين بقدر خوفهم ولكن آمنهم بقدر
كرمه وجوده. ولم يفرج المحزونين بقدر حزنهم ولكن بقدر رأفته ورحمته. فما
ظنك بالرؤوف الرحيم الذي يتودد إل من يؤذيه بأوليائه، فكيف يمن يؤذى فيه.
وما ظنك بالتواب الرحيم الذي يتوب على من يعاديه، فكيف بمن يترضاه ويختار
عداوة الخلق فيه. يا هشام من أحب الدنيا ذهب خوف الآخرة من قبله وما اوتي
عبد علما فازداد للدنيا حبا إلا ازداد من الله بعدا وازداد الله عليه غضبا.
يا هشام إن العاقل اللبيب من ترك ما لا طاقة له به. وأكثر الصواب في خلاف
الهوى. ومن طال أمله ساء عمله. يا هشام لو رأيت مسير الاجل لالهاك عن
الامل. يا هشام إياك والطمع. وعليك باليأس مما في أيدي الناس. وأمت الطمع
من المخلوقين، فإن الطمع مفتاح للذل، واختلاس العقل، واختلاق المروات،
وتدنيس العرض، والذهاب بالعلم، وعليك بالاعتصام بربك والتوكل عليه. وجاهد
نفسك لتردها عن هواها، فإنه وجب عليك كجهاد عدوك. قال هشام: فقلت له فأي
الاعداء أوجبهم مجاهدة؟ قال عليه السلام: أقربهم إليك وأعداهم لك وأضرهم بك
و أعظمهم لك عداوة وأخفاهم لك شخصا مع دنوه منك، ومن يحرض أعداءك عليك وهو
إبليس الموكل بوسواس [ من ] القلوب فله فلتشتد عداوتك. ولا يكونن أصبر على
مجاهدته لهلكتك منك على صبرك لمجاهدته، فإنه أضعف منك ركنا في قوته وأقل
منك ضررا في كثرة شره. إذا أنت اعتصمت بالله فقد هديت إلى صراط مستقيم. يا
هشام من أكرمه الله بثلاث فقد لطف له: عقل يكفيه مؤونة هواه. وعلم يكفيه
مؤونة جهله وغنى يكفيه مخافة الفقر. يا هشام احذر هذه الدنيا واحذر أهلها،
فإن الناس فيها على أربعة أصناف: رجل مترد معانق لهواه. ومتعلم مقرى كلما
ازداد علما ازداد كبرا، يستعلي بقراءته وعلمه على من هو دونه. وعابد جاهل
يستصغر من هو دونه في عبادته يحب أن يعظم ويوقر. وذي بصيرة عالم عارف بطريق
الحق يحب القيام به، فهو عاجز أو مغلوب ولا يقدر على القيام بما يعرف [ ه
] فهو محزون، مغموم بذلك، فهو أمثل أهل زمانه وأوجههم عقلا. يا هشام اعرف
العقل وجنده، والجهل وجنده تكن من المهتدين، قال هشام: فقلت: جعلت فداك لا
نعرف إلا ما عرفتنا. فقال عليه السلام: يا هشام إن الله خلق العقل وهو أول
خلق خلقه الله من الروحانيين عن يمين العرش من نوره فقال له: أدبر، فأدبر.
ثم قال له: أقبل فأقبل. فقال الله عزوجل: خلقتك خلقا [ عظيما ] وكرمتك على
جميع خلقي. ثم خلق الجهل من البحر الاجاج الظلماني، فقال له: إدبر، فأدبر.
ثم قال له: أقبل، فلم يقبل. فقال له: استكبرت فلعنه. ثم جعل للعقل خمسة
وسبعين جندا، فلما رأى الجهل ما كرم الله به العقل وما أعطاه أضمر له
العداوة فقال الجهل: يا رب هذا خلق مثلي خلقته و كرمته وقويته وأنا ضده ولا
قوة لي به أعطني من الجند مثل ما أعطيته؟ فقال تبارك وتعالى، نعم، فإن
عصيتني بعد ذلك أخرجتك وجندك من جواري ومن رحمتي، فقال: قد رضيت. فأعطاه
الله خمسة وسبعين جندا فكان مما أعطى العقل من الخمسة و السبعين جندا:
الخير وهو وزير العقل وجعل ضده الشر وهو وزير الجهل.
|