مناقبها و كراماتها(ع)

 

كراماتها

 

لا ريب أن هناك ظروفاً طبيعية قد كفلت النمو الروحي والعقلي للسيدة الزهراء(ع) وغيرها من النساء الجليلات، وذلك مثل تربية النبي(ص) لها وتربية زكريا لمريم(ع)، ولكن إلى جانب ذلك هناك اللطف الإلهي الذي كساها بالطهارة والقدسيّة وخصّها ببعض الكرامات وهي ما زالت جنيناً في بطن أمها[46] وأكرمها بنزول الملك عليها[47].

 

 

وإذا كنا لا نستطيع إطلاق الحديث القائل بوجود عناصر غيبيّة في شخصية الزهراء(ع)، بحيث يخرجها عن كونها بشراً أو تتحوّل حياتها كلها إلى معاجز خارقة للقوانين الطبيعية والسنن التي أودعها الله في الكون، لكن هذا لا يعني أبداً نفي ذلك كله، فإن الزهراء الإنسانة كانت تحيط بها ألطاف الله، ونستطيع أن نقول إنّ هناك عالماً من الغيب في شخصيتها، وإنها نور من الأنوار، وفي حياتها الكثير من الكرامات التي أعطاها الله إياها، فقد روي[48] أنه كان يدخل عليها رسول الله فيجد عندها رزقاً كما كان يدخل زكريا على مريم فيجد عندها رزقاً ويقول: يا مريم أنّى لك هذا؟ فتقول: {هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب} [آل عمران:37]. وهكذا كانت تجيب فاطمة(ع) أباها عندما يسألها عن الرزق الذي يجده عندها، كانت لها الكرامة من ربها لأن الله أعدّها لتكون سيدة نساء العالمين، ولا بد لسيدة نساء العالمين أن تحمل كل الفضائل وكل عناصر الخير والحق والعبادة والطهارة، وكان لها كرامات أخرى تكشف عن عظيم منزلتها عند الله وقربها منه، لأنّ الله لا يعطي الكرامات إلا للمخلصين من عباده والمصطفين من خلقه.

 

 

هل الزهراء(ع) امرأة غير عادية؟

 

 

ورغم ما تقدّم من براهين على عصمة الزهراء وقدسيتها وكراماتها وفضائلها ... فإن ذلك لا يخرجها عن كونها امرأة من جنس البشر تملك من الأحاسيس والعواطف والغرائز ما تملكه سائر النساء، وإنما عظمتها أنها حرّكت أحاسيسها في رضا الله، ولم تسمح لغرائزها أن تخرج عن حدود الله سبحانه، بحيث إن قلبها وعقلها وجسدها لم ينحرفوا عن خط الاستقامة طرفة عين أبداً.

 

 

وعندما تحدثنا في "تأملات إسلامية حول المرأة"[49] عن أن الزهراء(ع) ـ كما مريم(ع) وآسية بنت مزاحم ... ـ امرأة عادية، فلم يكن في ذلك الكلام إشعار بنفي كرامات الزهراء وعصمتها، كيف وقد أشرنا في تلك الصفحة نفسها إلى أن الله سبحانه منح بعض تلك النسوة العظيمات من ألطافه ما يسددهن ويثبتهن روحياً وعملياً، وإنّما كان ذلك الكلام يرمي ـ كما يشهد به صدره وذيله ـ أنها(ع)لم تكن إلا بشراً وتحمل خصائص سائر النساء، كما كان رسول الله(ص) بشراً ويحمل خصائص الرجال {قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي} [الكهف:110 ]،وإلا لو لم يكن رسول الله بشراً وكذلك الأنبياء والأئمة والزهراء ـ عليهم جميعاً سلام الله ـ لما كان لهم فضل على سائر الناس، ولما كان هناك معنى للاقتداء بهم {ولو جعلناه ملكاً لجعلناه رجلاً وللبسنا عليهم ما يلبسون} [الأنعام:9]، فعظمة هؤلاء وقيمتهم أنّهم بشر وليسوا ملائكة، ولكنهم بإرادتهم وقداستهم أرفع شأناً عند الله من الملائكة.. ولهذا علينا عندما نقدّم الزهراء(ع) أو نقدم آل البيت(ع)، أن لا نقدّمهم بطريقة توحي بأنهم ملائكة أو أنهم غيب من الغيب، لأننا وإن كنا نعتقد أن الغيب يمثل الأساس في عقيدتنا، ولكن إرادة الله قضت أن يكون المثل الأعلى للناس والهادي لهم من الضلالة من جنسهم {قل سبحان ربي هل كنت إلا بشراً رسولاً}[الإسراء:93]. {هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم}[الجمعة:2].

 

 

ولئن بقي البعض يصرّ ـ ورغم كل كلماتنا وصراحتها في تقديس السيدة الزهراء(ع) وتعظيمها وبيان عصمتها ... ورغم كثرة محاضراتنا وتنوعها منذ أكثر من خمسين سنة في شأن آل البيت(ع) ـ على تقويلنا ما لم نقله وتحميل كلامنا ما لا يحمله، في شأن سيدتنا الزهراء(ع) وعصمتها، أو في شأن ولاية سيدنا أمير المؤمنين(ع) التي أكّدها ونصّ عليها النبي الأمين(ص) في مواضع عديدة أبرزها في غدير خمّ، فإننا ندعو الله لهم بالهداية إن كان لا يزال عندهم قابلية ذلك، وإلا فحسابهم على الله ولنا معهم موقف يوم القيامة، يوم يقوم الناس لرب العالمين الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها في كتاب، وسيكون الحساب بمحضر جدنا رسول الله(ص) وجدنا أمير المؤمنين(ع) وجدتنا الصدّيقة الزهراء(ع)، ونرى لمن يكون الفلج في ذلك اليوم.

 

 

 

مناقبها وفضائلها وبعض أحوالها ومعجزاتها صلوات الله عليها  

 

1 - أقول : قد مر في باب الركبان يوم القيامة عن النبي صلى الله عليه واله برواية ابن عباس أنه قال : لن يركب يومئذ إلا أربعة : أنا وعلي وفاطمة وصالح نبي الله فأما أنا فعلى البراق ، وأما فاطمة ابنتي فعلى ناقتي العضباء تمام الخبر .
2 - جا : عمر بن محمد الصيرفي ، عن محمد بن همام ، عن محمد بن القاسم .
عن إسماعيل بن إسحاق ، عن محمد بن علي ، عن محمد بن الفضيل ، عن الثمالي ، عن الباقر ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : إن الله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها .
3 - ل : ابن إدريس ، عن أبيه ، عن الاشعري ، عن أبي عبدالله الرازي عن ابن أبي عثمان ، عن موسى بن بكر ، عن أبي الحسن الاول عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : إن الله تعالى اختار من النساء أ ربع : مريم وآسية وخديجة وفاطمة الخبر .
4 - ن : بالاسانيد الثلاثة ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله إن الله ليغضب لغضب فاطمة ، ويرضى لرضاها .
صح : عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام مثله .
5 - ن : بإسناد التميمي ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال النبي صلى الله عليه واله
 

[ 20 ]
 

الحسن والحسين خير أهل الارض بعدي وبعد أبيهما ، وامهما أفضل نساء أهل الارض .
6 - ن : بإسناد التميمي ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال النبي صلى الله عليه واله إن فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النار .
7 - لى : الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي ، عن جعفر بن محمد بن جعفر العلوي ، عن محمد بن علي بن خلف ، عن حسن بن صالح بن أبي الاسود ، عن أبي معشر ، عن محمد بن قيس قال : كان النبي صلى الله عليه واله إذا قدم من سفر بدأ بفاطمة عليها السلام فدخل عليها فأطال عندها المكث فخرج مرة في سفر فصنعت فاطمة عليها السلام مسكتين من ورق وقلادة وقرطين ( 1 ) وسترا لباب البيت لقدوم أبيها وزوجها عليهما السلام فلما قدم رسول الله صلى الله عليه واله دخل عليها فوقف أصحابه على الباب لا يدرون يقفون أو ينصرفون لطول مكثه عندها فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه واله وقد عرف الغضب في وجهه حتى جلس عند المنبر فظنت فاطمة عليها السلام أنه إنما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه واله لما رأى من المسكتين والقلادة والقرطين والستر ، فنزعت قلادتها وقرطيها ومسكتيها : ونزعت الستر ، فبعثت به إلى رسول الله صلى الله عليه واله وقالت للرسول : قل له : تقرأ عليك ابنتك السلام وتقول : اجعل هذا في سبيل الله ، فلما أتاه قال : فعلت فداها أبوها ثلاث مرات ليست الدنيا من محمد ولا من آل محمد ولو كانت الدنيا تعدل عند الله من الخير جناح بعوضة ما أسقى فيها كافرا شربة ماء ثم قام فدخل عليها .
8 - ج : عن الحسين بن زيد ، عن جعفر الصادق عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه واله قال لفاطمة : يا فاطمة إن الله عزوجل يغضب لغضبك ويرضى لرضاك قال : فقال المحدثون بها ، قال : فأتاه ابن جريج فقال : يا أبا عبدالله حدثنا اليوم حديثا استشهره الناس ، قال : وماهو ؟ قال : حدثت أن رسول الله صلى الله عليه واله قال لفاطمة : إن الله ليغضب *
 

_________________________________________________________
) * ( 1 ) المسكة - بالتحريك - السوار والخلخال والورق : الفضة ، والقلادة - بالكسر - ما يجعل في العنق من الحلى ، والقرط - بالضم - ما يعلق في شحمة الاذن من الجواهر وغيرها .
( * )

 

 

 

 

موقع يا زهراء سلام الله عليها لكل محبي الزهراء سلام الله عليها فلا تبخلوا علينا بآرائكم ومساهماتكم وترشيحكم كي يعلو اسمها سلام الله عليها ونعلو معها