شعّتْ.. فلا الشمـسُ تحكيها ولا القمرُ |
|
« زهراءُ » مِن نورها الأكوانُ تزدهرُ |
بنتُ الخـلود لَها الأجيـال خـاشـعة |
|
أُمّ الـزمـان إلـيها تنتـمي العُصُـرُ |
روح الحياة، فلولا لُطفُ عنصـرِهـا |
|
لـم تأتلفْ بيـننا الأرواح والصـوَرُ |
سَمَتْ عـن الأُفـق.. لا روحٌ ولا مَلَكٌ |
|
وفـاقت الأرضَ لا جِـنٌّ ولا بَـشَـرُ |
مجبـولـةٌ مِـن جـلالِ الله طينتُـها |
|
يرفّ لطفاً عليـها الصَّـونُ والخَـفَرُ |
ماعابَ مفـخـرَها التـأنيثُ انَّ بـها |
|
على الـرجالِ نسـاءُ الأرضِ تفـتخرُ |
خصالها الغُـرُّ جلّـت أن تلـوك بـها |
|
منّـا المَقـاولُ أو تدنـو لـها الفِـكَرُ |
معنى النـبوّة سـرّ الـوحي قد نزلت |
|
في بيت عصمتـها الآيـات والسُّـوَرُ |
حـوَتْ خِلالَ رسـول الله أجمَـعَـها |
|
لولا الرسـالةُ سـاوى أصـلَه الثَّمَـرُ |
تدرّجتْ في مـراقي الـحقّ.. عارجةً |
|
لمـشرق النور، حيث السـرُّ مُسـتَتَرُ |
ثـمّ انثـنَت تمـلأ الـدنيا معـارفُـها |
|
تطوي القـرونَ عياءً وهْـيَ تنتـشـرُ |
قل للـذي راح يُخفي فضلَـها حسـداً: |
|
وجـهُ الحقيـقة عنّـا كيف يَنسـترُ ؟! |
أتقـرنُ النـورَ بالظَّلـماءِ مِـن سَفَـهٍ |
|
مـاأنت بـالـقـولِ إلا كـاذِبٌ أشِـرُ |
بنتُ الـنـبيّ الـذي لـولا هـدايتُـه |
|
ما كـان للـحـقّ.. لا عَيـنٌ ولا أثَـرُ |
هـي الـتي وَرِثتْ حقّـاً مـفـاخِـرَه |
|
والعطـرُ فيه الذي في الـورد مُدَّخَـرُ |
فـي عيـد ميـلادها الأمـلاك حافـلةٌ |
|
والـحورُ في الجنّة العُـليا لـها سَمَـرُ |
نزوّجَتْ في السما بالمـرتضى شـرفاً |
|
والشمـسُ يقـرنُها في الـرتبة القمـرُ |
علـى الـنُّبـوّةِ أضفَتْ في مـراتبـها |
|
فَضـلَ الـولايـةَ لا تُبـقي ولا تـذرُ |
أمّ الأئمّـة مَـن طوعـاً لـرغبـتـهم |
|
يعلـو القضـاء بنـا أو ينـزل القَـدَرُ |
قفْ يا يراعـيَ عن مدح البتـول ففـي |
|
مديحـها تهـتـفُ الألـواحُ والـزُّبُـرُ |
لم تَـزَلْ بعـده عليـلـةَ جسـمٍ |
لقليـل السـلـوى وطول البـلاءِ |
وهْيَ يُغشـى مِن السُّقـام عليـها |
كلَّ حيـنٍ مِـن كثـرة الإغمـاءِ |
لم تفـارق فراشـها مِن نحـولٍ |
قد براهـا ضَعفـاً وطول عنـاءِ |
وهْـيَ تبكـي ليلاً نهـاراً أباهـا |
بدمـوع الذكـرى بغيـر انتـهاءِ |
قـاتـلَ اللهُ قــومَ سـوء بُغـاةً |
منعوهـا عـن الأسـى والبكـاءِ |
أخرجـوها مِن بيتـها حين ضجّوا |
لعـلـيٍّ مـِن كثـرة الإستـيـاءِ |
فـاستظلّت ظـلَّ الأراكـةِ لكـنْ |
قطـعـوهـا بقســوةٍ وعــداءِ |
فـأقــام الـوصــيُّ بـيـتـاً |
وسـمـّاه « بيـتَ الأحــزان » والأرزاءِ |
فهـْي تـأوى إلـيـه كلَّ نـهـارٍ |
ثمّ تأتـي لبيتـها فـي الـمـسـاءِ |
لـم تـزل دأبُـها النياحـةُ حتـّى |
أسـلـمَتْـها إلـى قسـيّ الفَنـاءِ |
حيـن أوصـت بكـلّ مـا طلبَتـْه |
ساعـةَ المـوت سيـدَ الأوصـياءِ |
فبكاهـا الـوصـيُّ شَجْـواً لأمـرٍ |
كتـمَتْـه عنـه وعـن كلّ رائـي |
وأتـى للبـقيـع بالنـعـش ليـلاً |
بعِـدادٍ مـن صـحـبهِ الأوفيـاءِ |
وأهـال الثـَّرى عليـها.. وعفّـى |
قبـرَهـا فـي غياهـب الظَّلْمـاءِ |
قـد بكاهـا حتّـى تفجّـر وَجْـداً |
وحنـيـناً علـى نشـيج الـبكـاءِ |
ورثاهـا بالـدمـع مِـن مقلـتَيـهِ |
مستهـلاًّ.. والـدمـعُ خيـرُ رثـاءِ |
حين وارى في تربـة الأرض شمساً |
عن عُلاهـا تنحطّ شمـسُ السمـاءِ |
وهْـو يدعـو وقبـرُ أحمـد يبـدو |
نُصْبَ عينَـيهِ عند وقت الـدعـاءِ |
واضعـاً كفَّـه علـى القـلب مِمّـا |
قـد عـراه مـن محنـةٍ وابتـلاءٍ |
قـائـلاً للـنبـيّ بعـد اكـتئـابٍ |
وخطـابٍ لـه بـأشـجـى نـداءِ |
وعليـك الـسـلام عنّـي وعنـها |
يا رسـولَ الهـدى وصنوَ الإخـاءِ |
هـذه الـبضعـةُ الـزكيّـةُ بـاتت |
منك فـي خيـر بقـعـةٍ وفِـنـاءِ |
ولــها اختـار ربُّـها بك قُـربـاً |
سـرعة الالتحـاق بعـد التنـائـي |
قلّ يـا سيّـدَ الـنبـيّـين صبـري |
حَـزَنـاً علـى سـليـلة الأنـبيـاءِ |
وأنـا رُدّتِ الــوديـعـةُ مـنّـي |
باختـلاس الـصدّيقـة الـزهـراءِ |
وبعـيـن الإلـه يُغصَـب جَـهـراً |
حقُّـها بعـد دفنـهـا بـالـخَفـاءِ |
إحفِها الـسـؤالَ واختبـرْها تِباعـاً |
عـن جمـيع الأحـوال عند اللقـاءِ |
كم غليـلٍ فـي صـدرها مستثـيرٌ |
لـم تُطـقْ بثَّـه لعُـظمِ الـبـلاءِ |
هـذه الـنفـثة الـحـزينة شكـوى |
لك حتّـى ألـقـاك يـومَ الـبقـاءِ |