قصة أصحاب الكهف
و الرقيم
في عام 106 بعد ميلاد
السيد المسيح ( عليه السلام ) اجتاحت الجيوش الرومانية بلاد الاردن ، حيث تنهظ
مملكة الانباط .
وكان
الإمبراطور الروماني " تراجان " وثنياً متعصباً ، فراح يطارد المؤمنين خاصّة اتباع
السيد المسيح ( عليه السلام ) .
وقد
كانت سوريا وفلسطين والأردن قبل هذه الحملة العسكرية تتمتع بنوع من الحكم الذاتي ،
وكانت العاصمة " روما " تكتفي من تلك البلدان بدفع الضرائب .
ويعود سبب ذلك إلى ضآلة القوّات الرومانية فيها .
وهكذا جاءت الحملة العسكرية ليستكمل الرومان احتلالهم العسكري لتلك الأقاليم ،
وإخضاعها لحكم روما المباشر .
وفي
سنة 112 ميلادية اصدر الإمبراطور تراجان مرسوماً يقضي ، بان كل عيسوي يرفض عبادة
الآلهة سوف يحاكم كخائن للدولة ، وانّه سيعرض نفسه للموت .
فيلادلفيا :
في
ذلك الزمان كانت عمّان
تدعى " فيلادلفيا " وكانت مدينة جميلة ، ولكن التماثيل التي كانت تزيّن المدينة ،
لم تكن للزينة فقط ، بل كانت تعبد كآلهة من دون الله سبحانه .
فهناك تمثال لأثينا إلهة الحرب ، حيث تمسك بحربة في يدها اليمنى وتحتمي بترس في
يدها اليسرى ، وهناك أيضاً تمثال " تايكي " أو إلهة الخط وحارسة المدينة ! وهو الآن
في متحف الآثار في عمّان !
وإلى
الشرق والجنوب الشرقي من عمّان كانت تنهض " فيلادلفيا " ، وقد وصلت آنذاك أوج
تمدّنها المادّي ، أمّا المؤمنين فقد كانوا يعيشون خائفين خاصّة بعد أن احتلت
القوّات الرومانية في عهد " تراجان " البلاد ، وفرضت عليها حكماً مباشراً .
أصدر
تراجان في سنة 112 ميلاديةمرسومه باعتبار جميع النصارى خونة للدولة ! وكان المسيحي
يخيّر بين عبادة الآلهة أو الموت !
الفتية السبعة :
كثيرون هم الذين خافوا ، وتظاهروا بعبادة آلهة الرومان ، وبدأت لجان الدولة
بالتحقيق والتفتيش في عقائد أهل البلاد ، فعاش الناس في خوف وقلق ، وفي تلك المدينة
عاش فتية سبعة ، ذكر التاريخ أسماءهم كما يلي :
1.
ماكس منيانوس .
2.
امليخوس .
3.
موتيانوس .
4.
دانيوس .
5.
يانيوس .
6.
اكساكدثونيانوس .
7.
انتونيوس .
عاش
أولئك الفتية المؤمنون في حيرة ، ماذا يفعلون ؟ ماذا سيكون موقفهم؟
لم
يكن أمامهم سوى طريقين : الموت أو الكفر .
وفي
تلك اللحظات المصيرية اتخذوا قراراً مصيرياً هو الفرار من المدينة ، ولكن كيف ؟
في
فجر ذلك اليوم وفيما كانت لجان التفتيش تطارد المؤمنين رأى الحرّاس سبعة رجال ومعهم
كلب يغادرون المدينة .
سأل
الحرّاس :
إلى
أين ؟
أجاب
أحدهم :
اننا
نقوم برحلة للصيد .
قال
الحارس :
حسناً ولكن يجب أن تعودوا للاشتراك في الاحتفال الرسمي .
إلى الكهف :
اتجه
الفتيان السبعة ومعهم كلبهم شرقاً إلى كهف على بعد (8) كيلومترات ، بالقرب من قرية
تدعى " الرقيم " .
وصل
الفتية المنطقة الجبلية وراحوا يتسلقون المرتفعات في طريقهم إلى كهف كانوا قد
انتخبوه من قبل .
يقع
الكهف في السفح الجنوبي من الجبل ، كان كهفاً فريداً في موقعه ، فهو معتدل الجوّ
بسبب وجود فتحتين في جانبيه الأيمن والأيسر ، أما بابه فهو يقابل القطب الجنوبي ،
وللأرض في داخل الكهف فجوة تبلغ مساحتها (5/7) متراً ، وفي المكان الذي قرر الفتية
الاستفادة منه في اختبائهم .
كانت
فكرة الفتية هي اعتزال الناس والاختباء في هذا المكان ، وانتظار رحمة الله .
لم
يكن هناك من أمل في الانتصار على الرومان الوثنيين .
كما
أنهم يرفضون بشدّة عبادة تلك الآلهة هو افتراء على أكبر حقيقة في الوجود .
كان
الناس في ذلك الزمان لا يعتقدون بيوم القيامة ، كانوا يتصوّرون ، إنّ روح الإنسان
عندما يموت تنتقل إلى إنسان آخر أو تحلّ في حيوان .
النوم الطويل :
وصل
الفتية إلى الكهف متعبين ، وكانوا قلقين ، من أن يطاردهم الجنود الرومان ويكتشفوا
مخبأهم .
كانوا متعبين لأنهم لم يناموا في الليلة السابقة ، لهذا شعروا بالنعاس يداعب
أجفانهم فناموا ، وهم يحلمون بغدٍ أفضل .
الله
سبحانه ومن أجل أن يجسّد قدرته في بعث الموتى ، ومن أجل أن يعرف الناس قدرته ، وأنه
هو وحده مصدر العلم والقدرة ، ألقى عليهم نوماً ثقيلاً ، وضرب على آذانهم .
كم
من الوقت ظلّوا نائمين ؟ لقد استمر نومهم أياماً طويلة وكانت الشمس تشرق وتغيب وهم
نائمون .
كانت
مفارز الجنود تبحث عنهم في كلّ مكان ، ولكن دون جدوى .
أصبحوا حديث أهل البلاد ، لقد اختفى الفتية السبعة في رحلة للصيد ولم يعثر عليهم
أحد .
وهكذا تمرّ الأعوام تلو الأعوام ، ولا أحد يعرف ما يجري في ذلك الكهف .
الكلب باسط ذراعيه في باب الكهف ،وقد استسلم لنوم ثقيل طويل .
كان
الهواء معتدلاً في داخل الكهف ، لأن بابه كان يواجه القطب الجنوبي ، كما أن وجود
فتحتين على جانبيه قد مكّن لنور الشمس من إلقاء أشعة الصباح داخل الكهف وكذلك عند
الغروب .
كانوا نائمين لا يعلمون بما يجري لقد مرّت عشرات السنين وهم نائمون .
لو
قدّر لراع أن يعثر على الكهف أو على مسافر أن يأوي إليه عند هطول المطر ، فأنه سوف
يهرب وهو يرى منظراً مخيفاً ، لماذا ؟
لأنه
سيرى رجالاً مفتوحي الأعين ويبحلقون في الفراغ ويرى كلباً من كلاب الصيد هو الآخر
جامد كالتمثال .
كانوا غارقين في نوم عميق بلا أحلام .
ولكن
ماذا يجري خارج الكهف ؟ ماذا يجري للمدن والقرى في البلاد ؟
موت تراجان :
مات
الإمبراطور " تراجان "
، وجاء بعده أباطرة آخرون ومات أيضاً الإمبراطور دقيانوس الذي حكم من سنة 285 إلى
305 ميلادية.
وخلال تلك الفترة سقطت " تدمر " سنة 110 ميلاديةثم استعادت هيبتها لتسقط نهائياً
سنة 272 حيث قضى الرومان على " زنوبيا " وذلك بعد حروب مدمرّة .
الملك الصالح :
وفي
سنة ( 408 ) ميلادية اعتلى الإمبراطور " ثيودوسيوس " عرش روما ، وهو الإمبراطور
الذي اعتنق الدين المسيحي لتصبح إمبراطورية روما مسيحية .
وفي
سنة 412 ميلادية شاء الله أن تتجلّى الحقيقة ، وأن تظهر قدرته للناس رحمة منه .
كان
قد مرّ على هروب الفتية السبعة ثلاثة قرون .
فماذا حصل داخل الكهف يا ترى ؟
نبح
الكلب " كوتميرون " ، واستيقظ الفتية من أطول نوم في التاريخ .
تساءل أحدهم قائلاً وكان يظن ناموا عدّة ساعات فقط :
كم
نمتم من الوقت ؟
كانوا ما يزالون يشعرون بالنعاس ورأوا أن الشمس قد جنحت إلى الغروب وكانت أشعتها
الذهبية تغمر جانباً صغيراً على جدار الكهف .
لهذا
ظن بعضهم انهم ناموا يوماً كاملاً : كانوا يظنون انهم أمضوا الليل كله نياماً دون
أن يشعروا بغروب الشمس ، ثم شروقها ، وها هي تغرب الآن . لذلك قالوا :
نمنا
يوماً أو بعض يوم .
بعضهم قالوا :
ربكم
أعلم بما لبثتم . .
الله
وحده الذي يعلم كم استمر نومكم ، الله وحده الذي يعلم يما هو محجوب عن النفس ،
الإنسان عندما ينام ، ينقطع عن العالم . . عن الدنيا . .
لو
افترضنا ان إنساناً نام في أول الخريف ثم استيقظ ورأى الثلوج ورأى الأشجار بلا
أوراق لا كتشف أنه نام أكثر من ثلاثة أشهر ، لماذا ؟ لأنه مضى فصل الخريف وهو الآن
في الشتاء .
الفتية السبعة استيقظوا ورأوا الشمس مائلة إلى الغروب ، لم يعرفوا ما إذا ناموا
عدّة ساعات فقط أم ناموا أكثر . . لأنهم لا يعرفون ما إذا كانت الشمس قد غابت ثم
أشرقت في اليوم التالي وهاهي تغيب مرّة أخرى أم لا!
كانوا مؤمنين حقاً لهذا قالوا : الله وحده الذي يعلم كم نمنا ، كانوا يظنون فقط
أنهم ناموا يوماً أو بعض يوم !
المهمة الخطرة :
في
صباح اليوم التالي ، شعروا بالجوع ، قال أحدهم وأخرج نقوداً ذهبية :
ليذهب أحدنا بهذه النقود ويشتري لنا طعاماً طيّباً . . وليكن على حذر تام ، حتى لا
يكتشف أحد هوّيته . . إنّنا إذا وقعنا في قبضتهم فسيكون مصيرنا الموت .
قال
آخر :
حقاً
لقد وضعوا حكم الرجم بالحجارة ، لمن يدان برفض الآلهة !
وقال
آخر :
وقد
يجبروننا على السجود للآلهة . .
وقال
آخر :
يا
له من مصير بائس إذن .
في السوق :
تبرع
أحد الفتية بالانطلاق إلى المدينة وشراء الطعام من السوق . .
غادر
الكهف وانحدر من الجبل ، وكان يفكّر كيف يدخل المدينة وكيف سيجيب إذا سأله أحد ،
وماذا يقول للحرّاس والجنود الرومان ؟!
لم
يلتفت إلى التغيرات التي أحدثتها الأمطار والسيول والرياح مدّة ثلاثة قرون . .
كان
خائفاً قلقاً ، لأنه لم يذهب في رحلة للصيد أو النزهة ، عندما فرّ مع رفاقة إلى
الكهف .
وها
هو الآن يعود لشراء الطعام . ما يزال يشعر بالخوف .
انه
يتصوّر ان الأمور كما هي عليه بالأمس . . وصل المدينة وبدأ يتطلع إلى أسوارها
ومبانيها ، كان يمشي حائراً يتعجّب . تصوّر أنه وصل مدينة أخرى!
لم
يعترضه أحد عندما دخل المدينة ، ولم يجد أثراً لتماثيل الآلهة ، رأى نفسه غريباً في
المدينة !
الناس هنا يرتدون أزياء جديدة ، ولم يشاهد جنوداً يقمعون الناس أو يحاسبونهم على
عقيدتهم !
الناس هنا يعيشون بسلام ، يعملون ويزرعون ، ولا يبدو عليهم الخوف أو القلق .
ومضى
الفتى إلى السوق . . سأل أحدهم فدلاّه وتعجّب الفتى من طريقة الكلام تغيرّت لهجة
الناس كثيراً إنهم يتحدّثون بلهجة جديدة !!
أمر
عجيب ؟!!
تساءل الفتى في نفسه :
هل
أخطأت الطريق ووصلت مدينة أخرى ؟!
الحقيقة الكبرى
:
انتبه إلى نفسه ، وفكر باداء مهمته وهي شراء الطعام والعودة إلى المخبأ في الجبل .
لهذا
تظاهر بانه يتصرّف بطريقة عادية ، وكأنه أحد سكان المدينة . .
الناس حسبوه رجلاً غريباً ، جاء من قرية بعيدة وسط الجبال .
بحث
الفتى عن رجل طيّب ، كان يبيع الطعام ، لكنه لم يجده ووجد باعة كثيرين تلوح على
وجوههم الطيبة .
اختار الفتى بعض الأطعمة المعروضة ، ونقد البائع الثمن ، وهنا حدث ما كان متوقعاً!
عندما تسلم البائع النقود ، تأمل فيها مدهوشاً ! انها نقود تعود إلى زمن الإمبراطور
تراجان وقد مضى على سكّها ثلاثة قرون .
نظر
البائع إلى الفتى بدهشة ، وفكّر أنه قد يكون عثر على كنز ، لهذا قال له :
هل
عثرت على كنز ؟!
ماذا
تعني ؟
ماذا
أعني هذه النقود الذهبية إنها تعود إلى ما قبل عشرات السنين .
إنّها نقودي ، وجئت أشتري طعاماً لي .
قال
البائع وهو يريه العملة المتداولة :
انظر
! اننا نتعامل بهذه النقود !
نظر
الفتى إلى المسكوكة ، انه لم يرها من قبل قال في نفسه :
يا
إلهي ماذا حصل ؟!
قال
البائع :
إذا
اشركتني بالكنز ، فلن أخبر أحداً .
أي
كنز ؟! انني لا أملك سوى هذه النقود !
إذن
سأخبر الشرطة !
وارتفع صوت البائع وهو يتعلق بثياب الفتى .
وتحلّق الناس حولهما قال الفتى وهو يتلفت :
أرجوك اتركني سوف يقتلوني إذا أمسكوا بي . . إن جنود " تراجان " لا يرحمون أحداً .
تراجان ؟!
قال
الناس متعجبين ، ضحك رجل وقال :
لقد
مات تراجان قبل مئات السنين . . هل أنت مجنون يا فتى ؟!
سأل
الفتى :
ومن
يحكم الآن ؟
تيوديوس . . إنه إمبراطور طيب وقد اعتنق دين المسيح قبل عامين أو ثلاثة .
تساءل الفتى :
تعني
انهم لم يعودوا يقتلون العيسويين ؟!
ماذا
تقول ؟! لقد آمن الناس بدين الله ، لقد مضى زمن الظلم والعذاب .
قال
شيخ وهو يفرك جبينه :
يا
إلهي عندما كنت طفلاً كانت جدّتي عن فتية خافوا على دينهم من الإمبراطور فهربوا ولم
يعثر عليهم أحد ؟!
اصيب
الفتى بما يشبه الدوار . . وكاد يسقط على الأرض من هول ما يسمع . . هل يعقل أنهم
ناموا كل هذه السنين ، وهل يمكن أن ينام الإنسان ثلاثة قرون ؟!
انه
لا يذكر شيئاً تصوّر أنه نام بالأمس واستيقظ اليوم .
راح
الفتى يفرك عينيه تصوّر نفسه في حلم . .
ولكن
لا . . لا ان ما يراه حقيقة . . ولكنها حقيقة كبرى !
النهاية :
وصلت
الأنباء المثيرة إلى حاكم المدينة ، كان رجلاً مؤمناً فأمر بإحضاره ، واكتشف الحاكم
انه أمام حقيقة كبرى ، وأن الله سبحانه أراد أن يريهم آية تدلّ على قدرته في بعث
الموتى ، وحقّانية البعث والمعاد يوم يقوم الناس لربّ العالمين .
طلب
الحاكم من الفتى أن يرشدهم إلى الكهف ، وهكذا سار الفتى وخلفه الحاكم المؤمن وجنوده
.
كان
الفتية في الكهف خائفين ويعيشون حالة من القلق ، لقد تأخر أخوهم . .
قال
: أحدهم :
ربّما أُلقي القبض عليه !
وقال
آخر :
ربّما تأخر في دخول المدينة . . انتم تعرفون شدّة الحراس .
وفي
تلك اللحظات المثيرة ، غادر أحدهم الكهف وراح يتسلق الجبل إلى القمة ، ومن هناك راح
يراقب الطريق المؤدية إلى المدينة ، فرأى بعينيه ما كان يخشاه !
هاهم
الجنود الرومان قادمون من بعيد . .
أسرع
في العودة لاخبار رفاقه قال لهم :
لقد
رأيت جنوداً قادمين نحونا ، لقد القي القبض عليه ودلّهم علينا .
قال
:
لا
أظنّ ذلك ، لننتظر . . ربما يقصد الجنود مكان آخر .
مرّت
اللحظات مثيرة سريعة ، فجأة دخل الفتى الكهف ، وأخبرهم بالحقيقة الكبرى . . انهم لم
يناموا يوماً أو بعض يوم ، لقد امتدّ نومهم إلى ثلاثة قرون ، وان الله قد جعلهم آية
على قدرته ، وانه يحيي الموتى ، ويعيد الأرواح إلى أجسادها مرّة أخرى !!
في
ذلك الزمان كان هناك من يقول : ان الروح عندما تخرج من الجسد لا تعود إليه ، ولكنها
تحلّ في جسد آخر .
اما
المؤمنون فكانوا يعتقدون بأنّ الله قادر على كل شيء ، وهو الذي خلق الإنسان ، وهو
الذي يتوفى روحه ثم يعيدها إليه يوم القيامة .
كان
الفتى قد طلب من الحاكم أن يذهب بمفرده لأنهم يخافون من الظلم وهم لا يعرفون ما حصل
لهم .
عندما اكتشف الفتية هذه الحقيقة بكوا خشية لله ، وشوقاً إليه وتضرعوا إليه أن يقبض
أرواحهم ، ذلك أنهم ينتمون إلى زمن مضى . . إلى ما قبل ثلاثة قرون .
واستجاب الله دعاءهم فألقى عليهم النعاس وحلّقت أرواحهم بعيداً إلى عالم مفعم
بالخير والسلام .
كان
الحاكم ينتظر ولكن دون جدوى ، لهذا قرر الذهاب بنفسه إلى الكهف ، وعندما دخل ، ومعه
رجاله رأى منظراً عجيباً !
كانوا سبعة فتيان ومعهم كلبهم وقد ماتوا منذ لحظات . . ما تزال أجسادهم دافئة .
وسجد
الحاكم لله سبحانه وسجد معه المؤمنون . .
في
ذلك الزمان كان الناس يتجادلون حول الروح بعضهم يقول انها تعود إلى الجسد مرّة أخرى
يوم القيامة ، وبعضهم يقول انه تحلّ في جسد آخر .
ولكن
عندما رأوا بأعينهم أصحاب الكهف ، وكيف عادت لهم الروح أيقنوا بقدرة الله .
ولكن
المشركون كانوا في شك لهذا قالوا :
أبنوا عليهم بنياناً . . ربّهم أعلم بهم !
ولكن
المؤمنين قالوا :
لنتّخذنّ عليهم مسجداً . . ونتبرّك بهذا المكان الذي أظهر الله فيه قدرته .
وانتصر المؤمنون وبنوا في ذلك المكان مسجداً يعبد فيه الله وحده .
وازدادوا تسعاً
:
واليوم عندما يزور المرء عمّان عاصمة الأردن ، يمكنه التوجه إلى الجنوب الشرقي منها
وعلى مسافة ثمانية كيلومترات بين قريتي " الرقيم " و " أبو علندا " ، حيث يوجد كهف
أصحاب الكهف .
سيرى
عدّة قبور على هيئة النواويس البيزنطية والتي تبلغ سبعة نواويس إضافة إلى ناووس
صغير لعلّه مدفن كلب أصحاب الكهف .
ويعود الفضل في هذا الاكتشاف إلى عالم الآثار " رفيق وفا الدجاني " الذي نشر نتائج
تنقيباته سنة 1964 ميلادية ، وأثبت إنّه الكهف الذي ورد ذكره في القرآن الكريم ،
وليس الكهف الذي يدّعي المؤرخون الأوربيون وجوده في مدينة أفسوس في تركيا .
ولكن
ما حيّر المفسرين هو كم لبث أصحاب الكهف في رقودهم 300 أم 309 سنة ؟
يقول
القرآن الكريم : { وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا
تِسْعًا }.
الجواب هو أن مدّة نومهم تساوي 300 سنة شمسية ، وهي تعادل 309 سنة قمرية والآن
لنحاول حساب ذلك :
السنة الشمسية = 365 يوماً
السنة القمرية = 354 يوماً
×
365 = 109500 يوماً
309
× 354 = 109386 يوماً
وبما
أن السنة القمرية = 354 يوماً و 8 ساعات و48 دقيقة .
إذن
8 ساعات و48 دقيقة = 528
اليوم = 24 ساعة = 1440 دقيقة
وبما
أن السنة الثانية والخامسة والعاشرة سنين كبيسة .
إذن
309 – 300 = 9 = 10 لأن السنة التاسعة قريبة من العاشرة .
وبناء على ذلك يحصل لدينا أربعة أيام أخرى .
109386 + 110 + 4 = 109500 يوماً وهو نفس عدد أيام ال 300 سنة شمسية .
وأخيراً فان 300 سنة شمسية تعادل 309 سنة قمرية .
المصادر :
1.
تفسير الميزان ، المجلد : 13 تفسير سورة الكهف .
2.
عمّان عاصمة الأردن / منشورات امانة العاصمة الأردنية .
3.
قصص القرآن / صدر الدين البلاغي .
4.
المنجد في اللغة والأعلام .
5.
التكامل في الإسلام / أحمد أمين .
|