القائمة الرئيسية
الصفحة الرئيسية الصفحة الرئيسية
القران الكريم القران الكريم
أهل البيت ع أهل البيت ع
المجالس    المحاضرات
المجالس   اللطــــميات
المجالس  الموالــــــيد
الفيديو   الفــــــيديو
الشعر القصائد الشعرية
مفاهيم اسلامية
اسال الفقـــيه
المقالات المقـــــالات
القصص الاسلامية قصص وعبر
القصص الاسلامية
الادعية الادعيةوالزيارات
المكتبة العامة المكتبة العامة
مكتبة الصور   مكتبة الصور
مفاتيح الجنان مفاتيح الجنان
نهج البلاغة   نهج البلاغة
الصحيفة السجادية الصحيفة السجادية
اوقات الصلاة   اوقات الصلاة
 من نحــــــن
سجل الزوار  سجل الزوار
اتصل بنا  اتصــــل بنا
  مواقع اسلامية
خدمات لزوار الموقع
ويفات منوعة ويفات منوعة
ويفات ملا باسم الكلابلائي ويفات ملا باسم
ويفات ملا جليل الكربلائي ويفات ملا جليل
فلاشات منوعة فلاشات مواليد
فلاشات منوعة فلاشات منوعة
فلاشات منوعة فلاشات احزان
ثيمات اسلامية ثيمات اسلامية
منسق الشعر
فنون اسلامية
مكارم الاخلاق
كتب قيمة
برامج لكل جهاز


قليل من وقتك رشحنا لافضل المواقع الشيعية ان احببت شكر لكم

 

 

السيدة فاطمة المعصومة سلام الله عليها
كريمة أهل البيت سلام الله عليهم

يا فاطمة أشفعي لنا في الجنة

قبسات نورانية
من زيارة كريمة أهل البيت السيدة فاطمة المعصومة سلام الله عليها

دلالات ومعاني أسماء وألقاب السيدة فاطمة المعصومة سلام الله عليها

 

اسمها فاطمة الكبرى

يا فاطمة أشفعي لنا في الجنة

من مزارات مدينة قم المقدسة

ولادتها

فضل زيارتها

 

نسبها

فضلها

مختصر عن تاريخ مدينة قم والمزار الشريف

اسمها فاطمة الكبرى

وهي سلام الله عليها الشهيرة بالسيدة المعصومة. وسميّت بالمعصومة لشدة ورعها وتقاها.

ولادتها:

ولدت سلام الله عليها في الاول من ذي القعدة عام 183 هجرية.

نسبها:

بنت الامام موسى بن جعفر الكاظم سلام الله عليهما.
وهي اخت الامام علي بن موسى الرضا سلام الله عليهما، وعمّة امامنا محمد الجواد سلام الله عليه.

فضلها:

إن للسيدة فاطمة المعصومة سلام الله عليها شأن عظيم ومقام رفيع، حيث إنها – بالاضافة الى شدة ورعها وتقواها – كانت ممن روى في فضل جدها الامام امير المؤمنين سلام الله عليه وفي فضل شيعته . ومازاد في علوِّ شأنها ومقامها هو حبّها الشديد لأخيها الامام الرضا سلام الله عليه. فكانت علاقتها سلام الله عليها بالامام الرضا سلام الله عليه، كالعلاقة التي كانت بين الامام الحسين صلوات الله وسلامه عليه وبين اخته الحوراء زينب الكبرى سلام الله عليها . وكانت علاقتها هذه هي علاقة ولائية شديدة، ولهذا التعلق الولائي الشديد خرجت سلام الله عليها من المدينة المنورة عام 201 هجرية، قاصدة أخاها الامام الرضا سلام الله عليه بعد ما أخرجه الملعون المأمون العباسي من المدينة المنورة الى مرو لولاية العهد عام 200 هجرية.فلما وصلت سلام الله عليها الى مدينة ساوة مرضت فسألت كم بينها وبين قم ، قالوا: عشرة فراسخ، فقالت: احملوني إليها، فحملوها الى قم وأنزلوها في بيت موسى بن الخزرج بن سعد الأشعري . وفي بعض الروايات أنه: لما وصل خبرها الى قم استقبلها أشراف قم وتقدّمهم موسى بن الخزرج، فلما وصل إليها أخذ زمام ناقتها الى منزلها وكانت في داره سبعة عشر يوما ثم توفيت سلام الله عليها، فأمر موسى بتغسيلها وبكفنا وصلى عليها ودفنها فى أرض كانت له وهى الآن روضتها المقدسة.

وبما إن سبب خروجها كان لأجل امام زمانها وهو الامام الرضا سلام الله عليه، فانها اذن ماتت سلام الله عليها شهيدة، وذلك فى العاشر من ربيع الثانى عام 201 هجرية.

فضل زيارتها:

قال الامام الرضا سلام الله عليه:«إن زيارتها تعادل الجنة».
قال الامام الرضا سلام الله عليه:«يا سعد عندكم لنا قبر، قلت له: جعلت فداك، قبر فاطمة بنت موسي سلام الله عليهما، قال: نعم، من زارها عارفا بحقّها فله الجنة…».
وقال الامام الصادق سلام الله عليه: «إن لله حرماً وهو مكة، وإن للرسول صلى الله عليه و آله حرماً وهو المدينة، و إن لأمير المؤمنين حرماً وهو الكوفة، وإن لنا حرماً وهو بلدة قم، وستدفن فيها إمرأة من أولادي تسمى فاطمة، فمن زارها وجبت له الجنة».
وقال الامام محمد الجواد سلام الله عليه:«من زار قبر عمّتي بقم فله الجنة».

مختصر عن تاريخ مدينة قم والمزار الشريف:

تبعد مدينة قم المقدسة عن العاصمة الايرانية طهران 135 كم، وتعتبر المدينة المقدسة الثانية بعد مدينة مشهد المقدس حيث مزار الامام الرضا سلام الله عليه.

تأسست مدينة قم على يد الأشعريين الذين هاجروا من الكوفة إثر ضغوطات وملاحقات الحكام الظلمة المعادين لأهل بيت النبوة سلام الله عليهم ولشيعتهم ومحبيهم.
كانت هجرة الاشعريين الى قم عام 84 أو 94 هجرية. وبذلك كانوا أول من نشر التشيع في ايران.
وكانت قم في قسمين عجمي وعربي، ويسمى القسم العجمي بـ (كوميدان) والقسم العربي حتى يومنا هذا يسمى بـ(عربستان) أو حسين آباد . وقد تمصّرت بحلول السيدة فاطمة المعصومة سلام الله عليها فيها.
وقد أشاد أئمة اهل البيت سلام الله عليهم بهذه المدينة الشيعية، منها قول الامام الصادق سلام الله عليه:
« اذا عمّت البلدان الفتن فعليكم بقم وحواليها ونواحيها فان البلاء مدفوع عنها»‌
واما المزار ، فان موسى الأشعري بعد أن دفن السيدة المعصومة سلام الله عليها بني على روضتها سقيفة من البواري، الى أن جدد البناء على يد زينب بنت الامام الجواد سلام الله عليه في عام 256 هـ حينما جاءت لزيارة عمتها. وفي سنة 350 هـ جدد البناء ابو الحسين زير بن أحمد بن بحر الاصفهاني. وهكذا إستمر تجديد البناء من قبل بعض رجالات الحكم في ايران عام 429 و925 هجرية . وفي عام 1213 هـ أمر فتح علي شاه ثاني ملوك القاجارية بتذهيب القبر والقبة المنورة وباب المرقد الشريف، ولاتزال العناية بالمرقد الطاهر مستمرة.

من مزارات مدينة قم المقدسة:

وتوجد في مدينة قم المقدسة العديد من المزارات للسادة من ذريّة الرسول صلى الله عليه وآله والعلماء والصلحاء والاعلام ومراجع الدين قدس الله سرهم. ومنها:

1. مرقد علي بن الامام الصادق سلام الله عليه.
2. مرقد السيد موسى المبرقع ابن الامام محمد الجواد سلام الله عليه، المتوفي في ربيع الثاني لعام 296 هـ.
3. مرقد الشيخ علي ابن بابويه الصدوق المتوفي سنة 329 هـ، والد الشيخ الصدوق رضوان الله عليه صاحب المؤلفات المشهورة مثل: عيون أخبار الرضا، من لايحضره الفقيه، وكمال الدين وتمام النعمة، علل الشرائع و ...
4. زكريا بن آدم الأشعري من أفاضل أصحاب الامام الرضا سلام الله عليه، مدفون في مقبرة شيخان.
5. المحدث الجليل والراوي عن اهل البيت سلام الله عليهم، جعفر بن قولويه.
6. علي بن ابراهيم القمي صاحب التفسير.
7. مسجد جمكران. الواقع في قرية تبعد عن مدينة قم 6 كم في طريق كاشان.

اللهم وفقنا لزيارتها سلام الله عليها في الدنيا، ولشفاعتها في الآخرة، بحق محمد وآل محمد صلواتك عليهم أجمعين.

قبسات نورانية
من زيارة كريمة أهل البيت السيدة فاطمة المعصومة سلام الله عليها

الإمتداد الرسالي

لنعرف من نزور

من بركات معرفة أهل البيت سلام الله عليهم

يا فاطمة اشفعي لي في الجنة

   

من بين أبناء المعصومين الأطهار سلام الله عليهم تميزت كريمة أهل البيت السيدة فاطمة المعصومة سلام الله عليها بمجموعة من الخصائص المهمة التي قلما حاز عليها غيرها من ذرية أهل البيت سلام الله عليهم وهذا يدلّ على شرافة قدرها وعظم منزلتها وعلوّ مقامها الرفيع عند الله عزّوجلّ.
ومن أهم ما خُصّت به السيدة فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفر سلام الله عليه زيارتها الشريفة الفريدة التي وردت بسند معتبر عن الإمام الرضا سلام الله عليه والتزم بها الموالون عبر العصور المختلفة حتى عصرنا الراهن، حيث يقصد مدينة قم المقدسة الملايين من الناس من مختلف أنحاء العالم لينالوا شرف زيارة هذه السيدة الجليلة سلام الله عليها.
وقبل أن نشير إلى بعض المطالب الشريفة المستوحاة من زيارتها المباركة لا بأس أن نذكر بعض الأخبار الواردة عن أهل البيت سلام الله عليهم المؤكدة استحباب زيارة كريمة أهل البيت السيدة فاطمة المعصومة سلام الله عليها، ومنها: عن الإمام الصادق سلام الله عليه قال: «إن لله حرماً وهو مكة، وإن للرسول صلّى الله عليه وآله حرماً وهو المدينة، وإن لأمير المؤمنين سلام الله عليه حرماً وهو الكوفة، وإن لنا حرماً وهو بلدة قم. وستُدفن فيها امرأة من أولادي تسمى فاطمة، فمن زارها وجبت له الجنة». البحار ج60 ص216.
ولا يخفى ما في هذا الخبر من دلائل مهمة تشير إلى عِظم شأن السيدة فاطمة المعصومة وكرامتها عند الله عزّوجلّ وأهل البيت سلام الله عليهم، حيث بشَّر الإمام الصادق سلام الله عليه بها قبل ولادتها بسنين، وعبَّر عن البلدة التي تنزل فيها بحرم آل الرسول سلام الله عليهم مقابل حرم الله عزّوجلّ ورسوله صلّى ‏الله ‏عليه‏ وآله وأمير المؤمنين سلام الله عليه. كما بشّر زعيم المذهب الإمام الصادق سلام الله عليه زائر السيدة المعصومة بالجنة وأخبر أنه ستكون لهذه السيدة الجليلة زيارة تكون وسيلة لتحصيل الجنة ورضا الله تعالى؛ ما يكشف عن عِظم مقام هذه الزيارة وجزيل ثوابها.
بالطبع ليس الإمام الصادق سلام الله عليه وحده أخبر عن هذه المنزلة في زيارة السيدة فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفر سلام الله عليه بل وردت أخبار أخر عن غيره من الأئمة المعصومين سلام الله عليهم، فعن سعد بن سعد، قال: «سألت أبا الحسن الرضا سلام الله عليه عن زيارة فاطمة بنت موسى بن جعفر سلام الله عليهم، فقال: من زارها فله الجنة». (كامل الزيارات ص324).
وفي خبر آخر عنه سلام الله عليه أنه قال لسعد: «يا سعد لنا عندكم قبر؟
قال سعد: جعلت فداك، قبر فاطمة بنت موسى سلام الله عليه؟ قال: نعم، من زارها عارفاً بحقّها فله الجنة
». بحار الأنوار ج102 ص265.
وعن الإمام الجواد سلام الله عليه أنه قال: «من زار عمّتي بقم فله الجنة». كامل الزيارات ص324.
ولا يخفى أن الروايات المطلقة الدالة على أن من زارها له الجنة تُخصِّص بقول الإمام الرضا سلام الله عليه حيث قال: عارفاً بحقّها، ولكن يبقى السؤال هنا: ما معنى قوله سلام الله عليه (عارفاً بحقّها)؟ فهي ليست من المعصومين الأربعة عشر حتى نقول: المراد من العبارة أن يعرف أنها مفترضة الطاعة كما في بقية الأئمة المعصومين سلام الله عليهم، فما المراد من هذه العبارة؟ نقول في الجواب:
إن هذه العبارة أيضاً من خصائص السيدة فاطمة المعصومة سلام الله عليها، فمن بين بنات المعصومين ـ كما هو معروف ـ لم تصل إلينا زيارة حتى تشترط زيارتهن مع المعرفة ليشاركن السيدة المعصومة بهذه الخصوصية، ولذا نضطر حتى نفهم المراد من هذه العبارة إلى طرح الاحتمالات القريبة من هذه العبارة ومنها أن يكون المراد منها عارفاً بمكانتها الرفيعة ومنزلتها العظيمة عند الله تعالى وأهل البيت سلام الله عليهم وبأنها من أبواب الله التي يتوجه إليها العباد في التوسل إليه في شتى أمور دنياهم وآخرتهم. ويؤيد هذا المعنى ما ورد في زيارتها سلام الله عليها من القول: «يا فاطمة اشفعي لي في الجنة، فإن لك عند الله شأناً من الشأن»، فمن يزورها ويعتقد أنها شفيعة في الجنة ولها من الشأن ما لا يدركه إلا أهله ويقدّمها بين يدي الله عزّ وجلّ وأهل البيت سلام الله عليهم كشفيعة له في الدخول إلى الجنة فإنه لا ريب يدخل جنة عدن التي وعدها الله تعالى عباده المكرمين.
وعلى كل لنقتصر على هذا المقدارمن الحث على زيارتها ونشرع بالتأمل في بعض النكات المهمة في زيارتها سلام الله عليها لندرك عظم ما ورد في حق هذه السيدة الجليلة على لسان سلطان الدنيا والدين أبي الحسن الرضا سلام الله عليه، ومن ذلك:

الإمتداد الرسالي:

فقد بدئت الزيارة الشريفة بالسلام على صفوة من الأنبياء وهم: أبو البشر آدم، وشيخ الأنبياء نوح، وخليل الله إبراهيم، والكليم موسى والمسيح عيسى، وهذا إنما يشير إلى تأكيد العلقة وإثباتها بين سلسلة الأنبياء على نبينا وآله وعليهم السلام وبين هذه السيدة الكريمة، فهي من أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومهبط الوحي، وإلا فما معنى تقديم السلام على الأنبياء عند زيارة هذه السيدة الجليلة؟ وما علاقتها بهم؟
والملفت للانتباه أنه بعد السلام على هؤلاء الصفوة من الأنبياء بلُغة الغائب يتغيّر لحن الخطاب إلى الخطاب المباشر، حيث نقول بعد ذلك: السلام عليكَ يا رسول الله، السلام عليك يا خير خلق الله، السلام عليك يا صفيَّ الله، السلام عليك يا محمد بن عبدالله خاتم النبيين.... إلى بقية الأئمة الأطهار سلام الله عليهم الذين نسلّم عليهم واحداً بعد الآخر بلسان المخاطب، وهذا إنما يشير إلى أن المسلَّم عليها هي من هذا البيت نفسه، ولذلك نسلّم عليهم بلسان المخاطب، فالمزور هومن هذا البيت الطاهر الذي اصطفاه الباري تعالى لنفسه واختاره مهبطاً لوحيه وانتخب أهله خزنة لعلمه وتراجمة لوحيه ووكلاء عنه في أرضه.
بعبارة أخرى: إننا عندما نزور هذه السيدة الجليلة فإنما نزور شخصية لها ارتباط عظيم بالرسول الأكرم وأمير المؤمنين وبقية الأئمة الأطهار سلام الله عليهم لذلك نسلم عليهم جميعاً بلسان المخاطب.
كما أن الملاحظ في زيارتها أن كل معصوم عندما نسلم عليه في زيارة السيدة المعصومة سلام الله عليها نسلم عليه بلقب من ألقابه المباركة ومن ذلك: السلام عليك يارسول الله؛ السلام عليك يا أمير المؤمنين؛ السلام عليك يا فاطمة سيدة نساء العالمين، إلى سائر الأئمة الأطهار ما خلا الإمام العسكري سلام الله عليهم أجمعين، فلما تصل النوبة إليه يكون السلام خالياً من اللقب فنقول: السلام عليك يا حسن بن علي؛ الأمر الذي يثير التعجب والاستغراب ، فلماذا لم يرد السلام على الإمام العسكري بألقابه كما ورد لجميع الأئمة الأطهار سلام الله عليهم؟ هذا مما لم نصل إليه حسب تتبعنا البسيط إلى جواب وافٍ يزيح هالة التعجب عن أذهاننا.

لنعرف من نزور:

لا شك أن للمعرفة مدخلية هامة في الزيارة ولذا أكد أهل البيت سلام الله عليهم في مختلف أحاديثهم أهمية المعرفة في الزيارة ومنها: عن الإمام الصادق سلام الله عليه قال في ثواب من زار أمير المؤمنين سلام الله عليه: «من زار جدّي عارفاً بحقّه كتب الله له بكل خطوة حجة مقبولة» (التهذيب ج6 ص21).
وعنه سلام الله عليه قال: «من زار قبر أبي عبد الله سلام الله عليه يوم عاشوراء عارفاً بحقّه كان كمن زار الله في عرشه». (التهذيب ج6 ص51).
وقال سلام الله عليه أيضاً: «من زار قبر أبي عبد الله سلام الله عليه عارفاً بحقّه غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر».(الوسائل ج14 ص419).
فمن الطبيعي أننا لو عرفنا من نزور ومقامه لاختلفت حالتنا في الزيارة تماماً عما لو كنا لا نعرف شيئا عن الشخصية التي نزورها، ولذا أكدت الأخبار مسألة المعرفة، وفي زيارة السيدة المعصومة عرَّفت بعض فقرات الزيارة شخصية هذه السيدة الجليلة ونسبها العظيم وهي: {... السلام عليكِ يا بنت رسول الله، السلام عليك يا بنت فاطمة وخديجة، السلام عليكِ يا بنت أمير المؤمنين، السلام عليكِ يا بنت الحسن والحسين، السلام عليكِ يا بنت ولي الله، السلام عليكِ يا أخت ولي الله، السلام عليكِ يا عمة ولي الله، السلام عليكِ يا بنت موسى بن جعفر ورحمة الله وبركاته}.
فكل من يقرأ هذه الفقرات تغمره حالة الإجلال والتعظيم للشخصية التي يزورها، فهو يزور بنتاً من بنات رسول الله صلّى الله عليه وآله، ولا ضير في ذلك فهي حقيقةً تنتسب إليه، يدلّ على ذلك مناظرة الإمام الكاظم سلام الله عليه مع هارون العباسي لما سأل منه قائلاً: لم جوّزتم للعامة والخاصة أن ينسبوكم إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله ويقولون لكم: يا بني رسول الله وأنتم بنو علي، وإنما ينسب المرء إلى أبيه، وفاطمة إنما هي وعاء والنبي جدّكم من قِبل أمّكم؟ فأجابه الإمام الكاظم سلام الله عليه: لو أن رسول الله صلّى الله عليه وآله نُشر فخطب إليك كريمتك هل كنت تجيبه؟ فقال: سبحان الله، ولم لا أجيبه بل أفتخر على العرب والعجم وقريش بذلك. فقال الإمام الكاظم سلام الله عليه: لكنه لا يخطب إليّ ولا أزوّجه. فقال: ولم؟ قال سلام الله عليه: لأنه ولدني ولم يلدك. فقال هارون: أحسنت يا موسى، ثم قال: كيف قلتم إنا ذرية النبي والنبيُّ لم يعقّب وإنما العقب للذكر لا للأنثى، وأنت ولد الإبنة ولا يكون لها عقب؟ فأجابه الإمام بقوله تعالى: (ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى)، من أبو عيسى؟ فقال هارون: ليس لعيسى أب. قال الإمام سلام الله عليه: إنما ألحقناه بذراري الأنبياء من طريق مريم، وكذلك ألحُقنا بذراري النبي من قبل أمنا فاطمة. ( البحار ج48 ص127-128). والمثير في الزيارة أنها قدمت السلام على الصديقة الزهراء والسيدة خديجة بعد السلام على رسول الله صلّى الله عليه وآله مباشرة ثم تلاها السلام على أمير المؤمنين سلام الله عليه والحال أن السلام ـ بعد السلام على النبي صلّى الله عليه وآله كما في كثير من زيارات الأئمة الأطهار سلام الله عليهم ـ يأتي مباشرة على وصيه أمير المؤمنين سلام الله عليه. وهذه من خصائص زيارة السيدة المعصومة سلام الله عليها الحرية بالتأمل والتحقيق.
أما السلام عليها بكونها بنتاً للحسن والحسين فهذا أيضا لا يخلو من نكة دقيقة؛ إذ من المعلوم كونها بنتا للحسين أما كيفية كونها بنتاً للإمام الحسن وهل الإجابة عليه بأنها من ذرية الإمام الباقر - المولود من السيدة فاطمة بنت الإمام الحسن سلام الله عليه فتكون السيدة المعصومة بنتاً للإمام الحسن سلام الله عليه حقيقة - وافٍ في المقام؟ فتوكل الإجابة عليه إلى مقام آخر.
الجدير بالملاحظة والتأمل أن الزيارة تعرّف السيدة بأنها بنت ولي الله وأخت ولي الله وعمّة ولي الله، ومع ذلك يتكرر السلام عليها هكذا: السلام عليك يا بنت موسى بن جعفر ورحمة الله وبركاته، فلماذا هذا التصريح بالسلام عليها بكونها بنت الإمام موسى بن جعفر؟ أوليس السلام عليها ببنت ولي الله كافياً؟ وإذا أجيب بأنه غير كاف فلماذا لم يتكرر السلام على أخيها كذلك بذكر اسمه، كأن يقال: السلام عليك يا أخت الإمام علي بن موسى الرضا مثلاً؟ ولماذا لم يسلم عليها بـ«عمة الإمام الجواد» أيضاً؟ تبقى مثل هذه التساؤلات تثير كل من يتمعن في زيارة هذه السيدة الجليلة.

من بركات معرفة أهل البيت سلام الله عليهم:

لمعرفة أهل البيت سلام الله عليهم آثار وبركات كثيرة في الدنيا والآخرة، والشواهد على ذلك لا تعدّ ولا تحصى، ويلاحظ في زيارة السيدة فاطمة المعصومة سلام الله عليها التأكيد والإشارة إلى المعرفة في أكثر من مرة؛ ما يدلّ على أهميتها، فلقد جاء في الزيارة الشريفة: عرّف الله بيننا وبينكم في الجنة ... ونقرأ في فقرة أخرى: وأن لا يسلبنا معرفتكم.
وما هذا التركيز على المعرفة إلا لدورها المهم على سلوك الإنسان، فلو أن الناس لم يعرفوا أهل البيت سلام الله عليهم لتاهوا في ظلمات الانحراف وجَرفتْهم تيارات الضياع، بالطبع. ولا شك أن هذه المعرفة ـ كما في الزيارة الشريفة ـ ليست في هذا العالم فقط، بل حتى في الآخرة يكون الناس بحاجة ماسة لمعرفة آل الرسول سلام الله عليهم، وعلى قدر معرفتهم تكون مقاماتهم في الآخرة.
من هنا نصّت الزيارة على أن لا يقتصر الزائر بالطلب من الله عزّوجلّ أن يعرّف بينه وبين أهل البيت سلام الله عليهم في الجنة، بل تغير أسلوب الخطاب من المفرد إلى الجمع بأن يسأل الزائر الله تعالى أن يعرف بين الموالين كافّة وبين أهل البيت سلام الله عليهم في الجنة، وأن يحشرهم معهم ويوردهم حوض الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله والارتواء منه بيد ساقي الكوثر مولى الموحدين أمير المؤمنين سلام الله عليه.
لا شك أن تغيّر الخطاب له دواعيه، ومنها: أنه دعاء، ومن المستحب إذا دعا المؤمن أن يذكر إخوانه الموالين ويشركهم في دعائه ...
ومما يلفت الانتباه في هذه الفقرات من الزيارة أنها فضلاً عن تغيّر لحن الخطاب فيها من المفرد إلى الجمع تؤكد أن يطلب الزائر صفات دلّت الأخبار الشريفة بتوافرها للشيعة يوم القيامة ومنها:
1. التعرف على أهل البيت سلام الله عليهم في الجنة، وقد تظافرت الرويات الشريفة بتحقق هذا المعنى للشيعة.
2. الحشر في زمرة أهل البيت سلام الله عليهم.
3. الورود على الحوض والارتواء من يد أمير المؤمنين سلام الله عليه.
4. السرور والفرج بآل الرسول سلام الله عليهم وذلك على يد منجي البشرية والرجعة المباركة.
5. التقرب إلى الله تعالى بحب أهل البيت سلام الله عليهم والتبري من أعدائهم.
وبعبارة أوضح كأن الزيارة تنصّ على أن يسأل الزائر بجاه هذه السيدة الجليلة بأن يكون من شيعة أهل البيت سلام الله عليهم الذين يتّسمون بهذه الخصال الحميدة.

يا فاطمة اشفعي لي في الجنة:

وفي ختام الزيارة وبعد السلام والدعاء وما مضى من نكات حقيقة بالتأمل يسأل الزائر السيدة معصومة أن تشفع له في الجنة، وهذا إن دلّ على شيء فهو يدل على أنها تشفع لشيعتها يوم القيامة وتنجيهم من أهوال يوم المحشر، وقد دلّ على ذلك حديث الإمام الصادق سلام الله عليه إذ قال: «ألا إن قم الكوفة الصغيرة، ألا إن للجنة ثمانية أبواب، ثلاثة منها إلى قم، تقبض فيها امرأة من ولدي اسمها فاطمة، بنت موسى، وتدخل بشفاعتها شيعتي الجنة بأجمعهم». (البحار ج60 ص216).
والسؤال هنا: أليس للأئمة الأطهار سلام الله عليهم الشفاعة لشيعتهم؟ فكيف تكون السيدة المعصومة هي الشيفعة لهم جميعاً؟
نقول في الجواب: إن الأمر غير ممتنع الجمع، فيمكن أن يشفع الأئمة الأطهار للمذنبين من شيعتهم وتشفع السيدة المعصومة لهم أيضاً.
أو قد يقال: إن شفاعة السيدة المعصومة سلام الله عليها في طول شفاعة الأئمة، فبعد شفاعة الأئمة الأطهار سلام الله عليهم تشفع لهم السيدة، ولا إشكال في هذا.
وفي هذا المقام يحضرني ما نُقل عن المحدث القمّي رضوان الله تعالى عليه أنه كان يرتقي المنبر أيام شهادة الصديقة الزهراء سلام الله عليها في قم المقدسة، فنقل القضية التالية على المنبر وقال: رأيت ذات ليلة الشيخ العظيم الميرزا القمي رضوان الله تعالى عليه صاحب الكتاب المعروف (القوانين)، فسألته قائلاً: هل شفاعة السيدة معصومة مقتصرة على أهل قم وحدهم؟ فأجابني (صاحب القوانين) وقال: إن شفاعة أهل قم موكولة إليّ، والسيدة المعصومة تشفع للعالم بأسره.
نعم هكذا أراد الله عزّوجلّ للسيدة فاطمة المعصومة سلام الله عليها. ولذا يحقّ لزوّارها من الموالين سواء أكانوا في جوارها أم في بعد عنها أن يسألوا الله تعالى قائلين: اللهم لا تسلب منا ما نحن فيه.

دلالات ومعاني أسماء وألقاب السيدة فاطمة المعصومة سلام الله عليها*

لا يخفى أن للتسمية أهمية كبيرة، ولها في نظر أهل البيت (عليهم السلام) عناية خاصّة، وهي وإن وجدت مع وجود الإنسان باعتبار المدنية الطبيعية المقتضية للتعامل مع الأشخاص والأشياء المختلفة الموجبة للتميز فيما بينها إلا أنّ تعاليم أهل البيت (عليهم السلام) أدخلت تعديلات مهمّة في وضعها وإطلاقها على الأشخاص والأشياء راعت فيها الجوانب النفسانية والأخلاقية، فحثّت على تخيّر الاسم الحسن، واعتبرت ذلك من حقوق الأبناء على آبائهم.
ففي رواية عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: جاء رجل إلى النبي (صلّى الله عليه وآله)، فقال: يا رسول الله ما حقّ ابني هذا؟ قال: تحسن اسمه، وأدبه، وتضعه موضعاً حسناً(1) بل إضافة على ذلك كان أهل البيت (عليهم السلام) يغيّرون بعض الأسماء إذ ربّما تترك أثراً سلبياً على نفس المسمّى.
فقد روى الإمام الصادق (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام): أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كان يغيّر الأسماء القبيحة في الرجال والبلدان(2).
وروي عن موسى بن جعفر (عليهما السلام) في حديث إسلام سلمان وأنّ اسمه كان روزبه، وأنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) اشتراه من امرأة يهودية بأربعمائة نخلة ـ إلى أن قال (عليه السلام) ـ: قال سلمان: فأعتقني رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وسمّاني سلمان(3).
وروى الكليني بسنده عن يعقوب السرّاج أنّه قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) وهو واقف على رأس أبي الحسن موسى (عليه السلام)، وهو في المهد، فجعل يسارّه طويلاً فجلست حتى فرغ، فقمت إليه، فقال: ادن إلى مولاك فسلّم عليه، فدنوت فسلّمت عليه، فردّ عليّ بلسان فصيح ثم قال لي: اذهب فغيّر اسم ابنتك التي سمّيتها أمس، فإنّه اسم يبغضه الله، وكانت ولدت لي بنت فسمّيتها بالحميراء، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): انته إلى أمره ترشد فغيّرت اسمها(4).
ومن هنا ندرك مدى اهتمام أهل أبيت (عليهم السلام) بهذا الأمر، ومدى ارتباطه الوثيق بالجانبين الفردي والاجتماعي وقد أشرنا إلى ذلك فيما تقدّم.
كما ندرك أنّهم (عليهم السلام) كانوا يتخيّرون لأولادهم أسماءً حسنة مراعاة لهذه الجوانب، وهي تحمل دلالات مهمّة، ومعان سامية، وقد روى عن أبي جعفر (عليه السلام) أنّه قال: ـ في حديث ـ إنّنا لنكنّي أولادنا في صغرهم مخافة النبز أن يلحق بهم(5).
وقد ذكرت الروايات الترغيب في أسماء معيّنة كمحمد وعلي، وحسن وحسين، وجعفر، وطالب، وعبد الله، وحمزة، وغيرها من الأسماء كأسماء الأنبياء والأئمة (عليهم السلام)، بل ورد استحباب تسمية الأولاد قبل أن يولدوا، بل وإن كانوا أسقاطاً فإنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) قد سمّى محسناً قبل أن يولد(6). وأما أسماؤهم (عليهم السلام) فقد اختارها الله تعالى لهم وجاء في الزيارة الجامعة: (فما أحلى أسماءكم) وقد دلّت عدّة روايات على ذلك.
ولما كانت السيدة المعصومة ربيبة الإمامة فقد حظيت بأحسن الأسماء، وأجمل الألقاب، وإن لأسمائها وألقابها من الدلالات والمعاني ما يشير إلى عظمتها، ذلك لأنّ الاسم أو اللقب لم يطلق عليها جزافاً، وإنّما صدر عن المعصوم الذي يضع الأشياء في مواضعها، الأمر الذي يدلّ على جلالة هذه الشخصية وعظمتها في كل شأن من شؤونها.
وأما أسماؤها وألقابها فهي:
1ـ فاطمة
وكم لهذا الاسم من شأن وخصوصية عند الأئمة (عليهم السلام) وشيعتهم، وكم كان الأئمة (عليهم السلام) يولون هذا الاسم أهمية فائقة، لا نجدها في سائر الأسماء عندهم.
روى الكليني بسنده عن السكوني، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) وأنا مغموم مكروب، فقال لي: يا سكوني ما غمّك؟ فقلت: ولدت لي ابنة، فقال: يا سكوني على الأرض ثقلها، وعلى الله رزقها، تعيش في غير أجلك، وتأكل من غير رزقك، فسرّى والله عني، فقال: ما سمّيتها؟ قلت: فاطمة، قال: آه، آه، آه، ثم وضع يده على جبهته، ثم قال: أما إذا سمّيتها فاطمة فلا تسبّها، ولا تلعنها، ولا تضربها(7).
إن لهذا الاسم قدسية في نفوس أهل البيت (عليهم السلام)، ولذا ذكر بعض الباحثين أن جميع الأئمة (عليهم السلام) كانت لهم بنات بهذا الاسم، حتى أن أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي كان اسم أمّه فاطمة واسم زوجته فاطمة، كان له بنت اسمها فاطمة، وأنّ الإمام الكاظم (عليه السلام) كانت له أربع بنات بهذا الاسم، الأمر الذي يؤكد على أن هذا الاسم ليس أمراً عادياً، فيا ترى ما هو الوجه في ذلك.
إن شيعة أهل البيت (عليهم السلام) يدركون تماماً خصوصية هذا الاهتمام وأبعاده ومغزاه، فإن المتسمّيات بفاطمة من النساء كثير، إلا أنّه ما إن يطلق هذا الاسم ويتناهى إلى الأسماع حتى تتبادر الأذهان إلى فاطمة بضعة النبي (صلّى الله عليه وآله) التي كانت واسطة العقد وملتقى النورين ومنشأ السّلالة النبويّة الشريفة والذريّة الطاهرة.
وإلى ما جرى على فاطمة (عليها السلام) ـ من الخطوب والمآسي، وما نالته فاطمة من إجماع أصحاب أبيها على هضمها، والتنكّر لمقامها، وحرمانها من حقّها ـ يمثل كل ما مرّ من أحداث مؤلمة وفجائع أصابت أبناءها وشيعتها عبر التاريخ.
وإن في تأوه الإمام الصادق (عليه السلام) ثلاث مرات ووصيته للسكوني أن لا يسبّ ابنته ولا يلعنها ولا يضربها حيث سمّاها فاطمة دلالات تقصر عنها العبارات وتتعثّر الأفكار.
إن الأمة قد انحرفت عن طريق الهداية والرشاد منذ اللحظة التي عزم فيها القوم على هضم فاطمة وظلمها وهتك حرمتها حيث داسوا على وصايا النبي (صلّى الله عليه وآله) بأقدامهم وتجاسروا على بيت النبي في هجوم شرس زعزع القواعد التي أرساها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لضمان سلامة الأمة من الضيعة والضلال.
ولو أن الأمة أنصفت وأعطت فاطمة حقها لكانت قيادة الأمة بيد أمير المؤمنين (عليه السلام) ولابيضّ وجه التاريخ.
ولسنا في مقام الحديث عن تاريخ حياة فاطمة (عليها السلام)، وإنّما أردنا الإشارة إلى أن تسمية إحدى بناتها باسمها يحمل من الدلالات ما هو أكبر من مجرد إطلاق اسم على مسمّى، فإنّ في التسمية بهذا الاسم تذكيراً وإيحاء بما جرى في تلك الأيام التي أعقبت وفاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله).
ومن هنا ندرك اهتمام الأئمة (عليهم السلام) وشيعتهم بهذا الاسم العظيم.
وقد ذكرت الروايات الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) عدة تفاسير لمعنى فاطمة وكلّها تدلّ على عظمة الصديقة الزهراء (عليها السلام) ومقامها(8).
2ـ المعصومة
ويقترن هذا الاسم باسم فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام)، فيقال في الأعم الأغلب: فاطمة المعصومة، كما يقال عند ذكر أمّها الكبرى: فاطمة الزهراء (عليها السلام).
وقد ورد هذا الاسم في رواية عن الرضا (عليه السلام) حيث قال: من زار المعصومة بقم كمن زارني(9).
ولهذه التسمية من الدلالة ما لا يخفى، فإنها تدلّ على أنّ السيدة فاطمة (عليها السلام) قد بلغت من الكمال والنزاهة والفضل مرتبة شامخة حيث سمّاها الإمام (عليه السلام) بالمعصومة، والعصمة تعني الحفظ والوقاية، والمعصوم هو الممتنع عن جميع محارم الله تعالى، وهي لا تنافي الاختيار، فتكون مرتبة من الكمال لا تهمّ النفس معها بارتكاب المعصية فضلاً عن الإتيان بها مع القدرة عليها عمداً أو سهواً أو نسياناً، ولا يكون معها إخلال بواجب من الواجبات، بل ولا مخالفة الأولى كما في بعض المعصومين (عليهم السلام)، وليست هي أمراً ظاهراً وإنّما هي حالة خفيّة من حالات النفس، ويستدلّ عليها بالنص أو القرائن القطعية الدالّة على ثبوتها، كما أنّها أمر مشكك، أي ذات مراتب تتفاوت فيها القابليات والاستعدادات من شخص إلى آخر.
وقد اتفقت كلمة الشيعة الإمامية على عصمة الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) والملائكة وبعض الأولياء، وأن النبي (صلّى الله عليه وآله) والأئمة الاثني عشر والصدّيقة الزهراء (عليها السلام) في أرقى درجات العصمة، فإنّهم بلغوا من العصمة مقاماً لا تصدر منهم معصية، ولا يتركون واجباً، ولا يبدر منهم ما كان على خلاف الأولى، وبذلك نطقت الأدلّة وقامت البراهين العقلية والنقلية كما هي مبثوثة في كتب الشيعة الإمامية الكلامية(10). ويتلوهم الأمثل فالأمثل بمقتضى تفاوت المراتب والمقامات.
وعلى هذا فلا يبعد القول بأن السيدة فاطمة هي إحدى المعصومات وإن لم تبلغ درجة الصديقة الزهراء (عليها السلام)، أو أحد الأئمة (عليهم السلام).
وقد ذكر بعض الباحثين(11) عدّة قرائن تدلّ على ذلك ومنها:
أولاً: ما ورد في الرواية عن الإمام الرضا (عليه السلام) من أنّه قال: من زار المعصومة بقم كان كمن زارني.
ومن المعلوم أن الإمام (عليه السلام) لا يلقي الكلام جزافاً، ولا يمكن أن تصدر منه مبالغة في القول في حق شخص من الأشخاص على خلاف الحقّ.
ولم يكن اسم المعصومة يطلق على السيدة فاطمة في حياتها ليكون التعبير بالمعصومة عنواناً مشيراً، بل إن هذا التعبير منه (عليه السلام) صدر عنه بعد وفاتها (عليها السلام) وهو يدلّ على إثبات العصمة لهذه السيدة الجليلة لأنه بناء على أساس القاعدة المعروفة من أن تعليق الحكم بالوصف مشعر بالعليّة، يصبح معنى الحديث هكذا: من زار المعصومة بقم كان كمن زارني لأنها معصومة.
فإذا ثبت أن هذا الحديث صادر عنه (عليه السلام) فلا إشكال في دلالته على عصمتها (عليها السلام).
وثانياً: بما ورد من الأحاديث الصحيحة المستفيضة الواردة في وجوب الجنّة لمن زار قبر هذه السيدة الجليلة.
وإن كان لا ملازمة بين العصمة ووجوب الجنّة، ولكن لم يعهد في شأن غير المعصوم ذلك، حتى أن ثلاثة من الأئمة المعصومين (عليهم السلام) يؤكدون على زيارتها. وسيأتي الحديث عن ذلك.
وثالثاً: بشفاعتها الشاملة لجميع شيعة أهل البيت (عليهم السلام).
نعم ذكرت الشفاعة في شأن العالم والشهيد ونحوهما، ولكن لم يرد شمول الشفاعة وسعتها بحيث تشمل الجميع إلا في حقها وحق آبائها المعصومين، يقول الإمام الصادق (عليه السلام): تدخل بشفاعتها شيعتنا الجنة بأجمعهم.
رابعاً: الروايات المتواترة الواردة في فضل قم وقداسة أرضها ببركة قدوم هذه السيدة الجليلة، ولم يرد في شأن مدينة أخرى كما ورد في شأن مدينة قم، ومن الطبيعي أن قداسة هذه المدينة إنّما هي من أجل هذه السيدة الجليلة.
خامساً: التعبير عن قم بأنّها حرم أهل البيت، وعش آل محمد (صلّى الله عليه وآله)، وغيرها من التعابير العالية التي لم يرد لها مثيل إلا في مواطن ومشاهد الأئمة.
سادساً: الكرامات الباهرة لهذه السيدة الجليلة التي كانت ترى على مرّ القرون والأزمان، ولم يكن لأحد من أولاد الأئمة ذلك، إلا ما كان من أبي الفضل العباس (عليه السلام) الذي يقال بعصمته أيضاً.
سابعاً: التعبيرات العالية الواردة، في زيارتها مثل: (فإن لك عند الله شأناً من الشأن) وحيث أن هذه الزيارة مرويّة عن الإمام الرضا (عليه السلام)، فإنّ هذه التعبيرات العالية الشأن لا تتناسب مع غير المعصوم.
ثامناً: إخبار الإمام الصادق (عليه السلام) عن تشرّف هذه البقعة ـ مدينة قم ـ ببضعة من ولده موسى (عليه السلام)، وكان إخباره بذلك قبل ولادة موسى بن جعفر (عليهما السلام)، وهو يدلّ على مقامها العظيم، ومع هذا يؤكّد (عليه السلام) على أن جميع الشيعة يدخلون الجنة بشفاعتها، وذلك علامة على جلالة قدرها، الأمر الذي لم نقف عليه في شأن غير المعصوم.
وتاسعاً: مجيء الإمامين الرضا والجواد (عليهما السلام) لتجهيز ودفن هذه السيدة الجليلة دليل واضح على عصمتها، وذلك لأنّ من معتقدات الشيعة أن جنازة المعصوم لا يتولّى دفنها إلا المعصوم، فإنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) هو الذي تولّى تجهيز فاطمة (عليها السلام) مع حضور أسماء، حتى أن الإمام الصادق (عليه السلام) رأى أن ذلك ثقل على المفضّل ـ الذي كان يحدّثه ـ فقال له (عليه السلام): لا تضيقنّ فإنّها صدّيقة، ولم يكن يغسلها إلا صدّيق، أما علمت أن مريم لم يغسّلها إلا عيسى(12).
فقد ورد في أحكام غسل الميت أن الزوج أحق بتغسيل زوجته، وإن وجد المماثل، وأمّا الولد فلا يمكنه أن يغسل أمّه في حال الاختيار مع وجود المماثل، ولكن لما كانت مريم (عليها السلام) معصومة فلم يكن مناص إلا أن يتولى ولدها عيسى (عليه السلام) تغسيلها.
ومن قوله (عليه السلام): (صديقة) يستفاد عصمة مريم (عليها السلام)، وقد ورد في القرى، الكريم التعبير عنه بذلك، وهكذا تولّى الإمام الرضا (عليه السلام) تغسيل أبيه، كما أن الإمام الجواد (عليه السلام) جاء من المدينة إلى خراسان، والإمام الهادي جاء من المدينة إلى بغداد، ومن قبلهما جاء الإمام زين العابدين (عليه السلام) من السجن لتجهيز والده في كربلاء.
والملفت للنظر أن الإمام زين العابدين (عليه السلام) لما أراد أن يدفن أباه الحسين (عليه السلام)، وعلي الأكبر (عليه السلام)، وأبا الفضل العباس (عليه السلام)، لم يطلب العون من بني أسد، بل قام بذلك بنفسه، ولكن لمّا أراد أن يدفن الشهداء طلب منهم أن يحفروا حفرتين وأمرهم بدفن شهداء بني هاشم في واحدة، ودفن سائر الشهداء في الأخرى.
وهذا بنفسه علامة على عصمة علي الأكبر وأبي الفضل العباس.
وهكذا في تجهيز السيدة فاطمة، فإنّ حضور الإمامين الرضا والجواد (عليهما السلام) له معنى كبير، وهو شاهد حيّ على عصمة هذه السيدة الجليلة.
فمع الالتفات إلى هذه الأمور فإذا ادّعى شخص أن السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام) نالت مرتبة من العصمة فليس فيه انحراف في القول أو مجازفة في المقال، نعم هذه المرتبة من العصمة دون مرتبة المعصومين الأربعة عشر (عليهم السلام)، فإن أولي العزم من الأنبياء لم يبلغوا تلك المرتبة.
وهناك تفاوت آخر، وهو أن العصمة في الأنبياء والأئمة أمر لازم لابدّ منه، وأمّا العصمة في هذه الشخصيات العالية فليست بلازمة(13). ولئن لم تكن معصومة بالمعنى الخاص للعصمة الخاصّة بالأئمة (عليهم السلام) والصديقة الزهراء (عليها السلام) إلا أن في التعبير عنها بالمعصومة إشعاراً ببلوغها مرتبة عالية من الطهارة والعفة والنزاهة والقداسة، ولا غرو فإنها تنحدر من بيت العصمة وتربّت على يد المعصوم، وكانت ابنة معصوم وأخت معصوم وعمّة معصوم.
3ـ كريمة أهل البيت
وهو من ألقاب هذه السيدة الجليلة، وعرفت به من دون سائر نساء أهل البيت.
وقد اشتهر الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) بهذا اللقب من دون سائر الرجال، فكان يقال له كريم أهل البيت.
وقد أطلقه عليها الإمام المعصوم (عليه السلام) في قصّة وقعت لأحد السادة الأجلاّء وقال له: (عليك بكريمة أهل البيت) مشيراً إلى هذه السيدة الجليلة، وسنذكر تفاصيلها في موضع آخر.
ولهذا اللقب دلالة بعيدة الغور على شأن فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام)، فإنّ أهل البيت (عليهم السلام) قد جمعوا غرّ الفضائل والمناقب وجميل الصفات، ومن أبرز تلك الخصال الكرم، وقد عرّفوه بأنّه إيثار الغير بالخير ولا تستعمله العرب إلا في المحاسن الكثيرة، ولا يقال كريم حتى يظهر منه ذل(14). والكريم هو الجامع لأنواع الخير والشرف والفضائل.
ومن ذلك يعلم أن للكرم معنى واسعاً لا ينحصر في بذل المال أو إقراء الضيف أو حسن الضيافة، فإنّها من مصاديق الكرم لإتمام معناه.
وعلى ضوء هذا المعنى الشامل للكرم يتجلّى لنا المراد من وصف أهل البيت (عليهم السلام) بأنّهم أكرم الناس على الإطلاق لما اشتملوا عليه من أنواع الخير والشرف والفضائل، وقد حفظ لنا التاريخ شيئاً من ذلك وحدّث به الرّواة.
كما يتجلّى لنا أيضاً اتصاف هذه السيدة الجليلة بأنّها كريمة أهل البيت (عليهم السلام).
وإنّ من أبرز مظاهر كرمها أن مثواها المقدس كان ولا يزال منبعاً للفيض، وملاذاً للناس، ومأمناً للعباد، ومستجاراً للخلق، وباباً من أبواب الرحمة الإلهية للقاصدين، وأنّ مدينة قم حيث تضمّ مرقدها الطاهر كانت ولا تزال حاضرة العلم، وحرم الأئمة وعش آل محمد (عليهم السلام) ومنفراً لأهل العلم من شتى بقاع الأرض، يتلقّون علوم أهل البيت (عليهم السلام) محتضنة كوكبة من العلماء والطلاب، ولا زالت هي والنجف الأشرف فرسي رهان تتسابقان في تخريج حملة العلوم على شتى مراتبهم، وسيوافيك عن ذلك حديث.
ففي وصف هذه السيدة الجليلة بأنّها كريمة أهل البيت دلالة على أنها ذات خير وبركة على الخلق، ولا سيما شيعة آل محمد واختصّ أهل قم منذ اللحظة التي تشرفت أرضهم بها أنهم لا يزالون ينعمون ببركاتها وخيراتها آناء الليل وأطراف النهار، ويعيشون في حماها ويتفيأون ظلالها في امتياز خاص بهم من دون أهل سائر المناطق الأخرى.
أسماء وألقاب أخرى
ذكر العلامة المتتبع الشيخ علي أكبر مهدي ‏پور في كتابه القيّم (كريمة أهل البيت عليهم السلام)(15)، أن لفاطمة المعصومة عدّة أسماء وألقاب غير ما ذكرنا، وردت في عدّة من المصادر، وهي:
1ـ الطاهرة 2ـ الحميدة 3ـ البرّة 4ـ الرشيدة 5ـ التقية 6ـ النقيّة 7ـ الرضية 8ـ المرضيّة 9ـ السيدة 10ـ أخت الرضا 11ـ الصدّيقة 12ـ سيدة نساء العالمين.
وسواء ثبتت هذه الألقاب والأسماء أو لم تثبت إلا أن من الواضح انطباق ما تضمنته من معان ودلالات على هذه السيدة الجليلة.
وقد أطلق أكثر هذه الأوصاف على أمّها فاطمة الزهراء (عليها السلام)، ولا سيما الأخير منها، فإنّ فاطمة الزهراء (عليها السلام) هي سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، كما أطلق على السيدة مريم بنت عمران (عليها السلام)، وقيّد ـ كما في الروايات ـ بأن سيادتها على نساء العالمين إنّما هو خاصّ بنساء زمانها، ولذا ينبغي التخصيص في إطلاقه على فاطمة المعصومة (عليها السلام) أو يقال بالتخصص إذ من المعلوم أن مقام فاطمة الزهراء (عليها السلام) لا يرقى إليه أحد من النساء، فإنّها بضعة النبي (صلّى الله عليه وآله) وروحه التي بين جنبيه.
وهكذا الحال بالنسبة إلى سائر الألقاب الأخرى.
وعلى أي حال فإنّ في تسميتها بفاطمة ووصفها بالمعصومة وكريمة أهل البيت (عليهم السلام) وأنها صادرة من المعصومين دلالة على المقام الرفيع الذي بلغته سيدة عشّ آل محمد (صلّى الله عليه وآله).


المصادر
*) من كتاب (فاطمة المعصومة قبس من أشعة الزهراء صلوات الله عليها)/ محمد علي المعلّم.
1) وسائل الشيعة: ج15، باب 22، من أبواب أحكام الأولاد، الحديث 6.
2) المصدر نفسه/ الحدي 7.
3) كمال الدين وتمام النعمة، ص165.
4) الأصول من الكافي: ج1، باب الإشارة والنص على أبي الحسن موسى (عليه السلام)، الحديث 3، ص308.
5) وسائل الشيعة: ج15، باب 27، من أبواب أحكام الأولاد، الحديث 1.
6) وسائل الشيعة: ج15، باب 23 وباب 24 من أبواب أحكام الأولاد.
7) الفروع من الكافي: ج6، كتاب العقيقة، باب حق الأولاد، الحديث 6، ص48.
8) بحار الأنوار: ج43، ص10-16 و18 و65.
9) رياحين الشريعة: ج5، ص35.
10) أوائل المقالات، ص35، وتلخيص الشافي: ج1، ص183-196، وكشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد، ص274 وص286-287.
11) كريمة أهل البيت (عليهم السلام)، ص36-42.
12) الأصول من الكافي: ج1، كتاب الحجة، باب مولد الزهراء فاطمة (عليها السلام)، الحديث 4، ص459.
13) كريمة أهل البيت (عليهم السلام)، ص36-42.
14) مجمع البحرين: ج6، ص152.
15) كريمة أهل البيت (عليهم السلام)، ص47-48.

 

موقع يا زهراء سلام الله عليها لكل محبي الزهراء سلام الله عليها فلا تبخلوا علينا بآرائكم ومساهماتكم وترشيحكم كي يعلو اسمها سلام الله عليها ونعلو معه